أجرى مراسلو "بلومبرغ ويلث" لقاءات مع عدد من المستثمرين حول ما دفعهم إلى دخول الأسواق الجديدة المعقدة والمحفوفة بالمخاطر التي ميزت عام 2021. تحدث المستثمرون عن الرغبة في دفع الفواتير أو بناء احتياطي مالي، وعن الأفكار التي جذبت اهتمامهم، من الـ"ميتافيرس" إلى الفن الرقمي. كما أطلعنا خبير مالي على مشاهداته بشأن بعض هذه الأمور.
تم تحرير هذه المقابلات بشكل يجعلها مختصرة وأكثر وضوحاً.
اقرأ أيضاً: قطار العملات المشفرة يزيد سرعته في 2022 رغم التقلبات والمخاوف التنظيمية
"استيقظت في أحد الأيام واشتريت "كريبتو بنك" (CryptoPunk)
سيرجيو سيلفا، 35 عاماً. مدير مبيعات في مدينة نيويورك
كنت أعمل لدى "باركليز" في مبيعات الأسهم، وكنت أكتب ملاحظة صباحية للعملاء والزملاء كل يوم. بدأت ألاحظ أنَّ الكثير من الأشخاص الذين يعملون في العملات المشفَّرة يتحدثون عن الرموز غير القابلة للاستبدال، وبعض المبيعات القياسية التي كانت تحدث في ذلك الوقت. لذلك بدأت الكتابة عنها.
اقرأ المزيد: "سوذبيز" تجني 100 مليون دولار من مبيعات الرموز غير القابلة للاسترداد
في البداية، كانت طريقة للسخرية بالنسبة إليَّ من فقدان الدولار لقيمته، وكان الناس يتداولون صور الإنترنت السحرية بأموال الإنترنت السحرية.
ثم صادفت "كريبتو بنكس" (CryptoPunks)، مشروع الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) الأصلي. بدأت في التفاعل مع الناس في المجتمع، والتعلّم منهم حول ماهية تاريخ المشروع ومعناه. وفي أحد الأيام استيقظت واشتريت "كريبتو بنك" (CryptoPunk)، وقد فتح ذلك الأبواب أمامي حقاً.
حدث ذلك في أوائل فبراير 2021. كان الأمر غريباً، لكنَّني أصبحت مهووساً جداً بهذا الاتجاه. ستخبرك زوجتي أنَّني ربما نمت ثلاث ساعات كل ليلة لمدة شهر تقريباً. كنت أذهب إلى تطبيق الدردشة "ديسكورد" (Discord)، و"تويتر" للتفاعل مع هواة الجمع والفنانين. بعد عدم التمكن من رؤية الأشخاص والتسكع مع الأصدقاء؛ كان القيام بهذا يتم بشكل افتراضي على الأقل، وذلك مع الأشخاص الذين يشاركونك الشغف والاهتمام ذاته، ولأكون صادقاً، فقد جنيت الكثير من المال، و كان الأمر مزيجاً مثالياً.
مكاسب مجزية
تركت وظيفتي في "باركليز" في أبريل للانتقال إلى شركة ناشئة للعملات المشفَّرة. وتمكّنت من كسب مبالغ جيدة من خلال الرموز غير القابلة للاستبدال. لن أذكر رقماً بالدولار هناك، لكنَّني سأخبرك أنَّ المبلغ كان كافياً ليجعلني أشعر براحة شديدة بشأن ترك وظيفتي.
من المهم أن تكون قادراً على تخصيص قيمة للأصول الرقمية واستثمارها وتداولها بالنسبة إليَّ. أجمع الفن من الفنانين الذين أحبهم. إنَّه مثل جمع اللوحات الأولى لبيكاسو. لم نتمكّن من قبل في التاريخ من امتلاك أصول رقمية كهذه. إذا كنت تفكر في كل المحتوى الذي تنشره على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك؛ فإنَّ الشركات هي التي تحقق الدخل منه. تعد شركة "فيسبوك" الرابحة من جميع صور عائلتي. أما مع الرموز غير القابلة للاستبدال؛ فيمكنك امتلاك هذا المحتوى.
هناك مشاريع مختلفة تحصل على الشعبية، ويمكنك تحقيق الدخل منها في غضون أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أشهر. هناك أشياء تتضاعف قيمتها 100 مرة في شهرين. يمكنك جني الأرباح على طول الطريق. ثم هناك مشاريع تحبها تماماً. أنت تعيش في نيويورك، حيث لا توجد مساحة كافية على الجدران لوضع الأعمال الفنية. يمكنني عرض أعمالي الفنية في صالات العرض الخاصة بي على الإنترنت، ولديّ إطاران رقميان في شقتي، لذا يمكنني وضع 500 قطعة فيهما.
علم اجتماعي
إنَّه ليس علم الصواريخ بقدر ما هو علم اجتماعي. إنَّها محاولة لفهم ما سيجده الناس جذاباً، ومحاولة التغلب عليهم. تعد قنوات "ديسكورد" المكان الذي يُبنى فيه المجتمع. تعني "ديسكورد" التي تضم 20,000 عضو أنَّ الناس متحمسون حقاً للمشروع. لذلك تشتري بعضها، ثم تحاول المساعدة في بناء المجتمع، ثم تقلب بعضها وتحتفظ ببعضها. عند الوجود في غرف محادثة من هذا القبيل، إذ يأتي فنانون مختلفون، ويعلّقون على مشاريعهم، يمكنك فقط قياس ما إذا كان هناك اهتمام. إنَّها مثل قراءة القاعة عندما تذهب إلى مؤتمر صندوق تحوط.
لدي أربع "كريبتو بنكس" (CryptoPunks)، تبلغ قيمتها مجتمعة 122 إيثر (494 ألف دولار بالأسعار الأخيرة للعملة الرقمية). عندما تكون قادراً على المشاركة في مطالبة أو شراء جزء من ذلك التاريخ؛ فستكون بمثابة لقطة شاشة تاريخية من الوقت الذي أُنشئ فيه الرمز غير القابل للاستبدال، وتاريخ "إيثريوم" المبكر. تعد الرموز غير القابلة للاستبدال بمثابة بطاقات عضوية، وهي عبارة عن رموز اجتماعية. إذا قمت بشراء رمز غير قابل للاستبدال، فأنت عضو في هذا المجتمع.
"أيام السوق الحمراء، ابق بعيداً عن تويتر"
ميلاني ليكس، 28 عاماً. رائدة أعمال في دالاس
أنشأتُ شركة مساعدة افتراضية تسمى "ديسك فلونت" (DeskFluent) هذا العام. وما يزال هذا عملي اليومي، لكني أقضي ما بين ست إلى ثماني ساعات بعد العمل كل يوم باستثناء الأحد في تداول العملات المشفَّرة. أنا أتاجر حتى أنام.
لقد تحوّلت تماماً للعمل في عالم العملات المشفَّرة. لم أعد أتاجر بالأسهم. لقد اشتريت وحصلت مراراً على "إيثر"، و"بتكوين"، ولكن بعد ذلك بدأت في الدخول في المزيد من شركات التكنولوجيا. كنت أعمل على التخلص من رواية أي شخص آخر بأنَّ العملة المشفرة كانت أموالاً مزيفة، ولم أكن أدرك الرياضيات والتكنولوجيا الكامنة وراءها. لذلك بدأت في دراسة الـ"بلوكتشين".
التعليم الذاتي
أتابع مجموعة من الأشخاص على "تويتر" الذين يتحدثون عن العملات المشفَّرة، ولدي بعض الأصدقاء الذين استثمروا فيها منذ عام 2017. لقد كان دائماً موضوعاً يُناقش في الخلفية. ثم بدأت في مشاهدة مجموعة من مقاطع فيديو على "يوتيوب" حول "بلوكتشين" وسبب وجودها. كان الكثير من مجهودي موجهاً للتعلم الذاتي.
أنا مهتمة بشراء "سولانا"، وهي عملة مشفَّرة تتيح تطبيقات سهلة الاستخدام. اشتريت "سولانا" بحوالي 21 دولاراً. (سعرها حالياً 178 دولاراً). أنا أؤمن بالتكنولوجيا، لكنَّ السرد المحيط بها قوي جداً أيضاً. يقول الكثير من الناس الآن، إنَّها ليست لامركزية كما ينبغي، ولكن هذا هو الشيء الرئيسي الذي أمتلكه، بالإضافة إلى "إيثر".
لم أستثمر قط في عملات الميم أو عملات الكلاب. كنت لا أفهم عملات الكلاب هذه، وبدت وكأنَّها خدعة. العملة المشفَّرة نفسها متقلبة للغاية، وهذا هو السبب في كونها محفوفة بالمخاطر، إذ يتغير السعر بسرعة كبيرة، وإذا لم تفهم ما الذي تستثمر فيه، فمن السهل أن تخسر. عليك أن تجد مكانك بين الناس. هناك الكثير من السمية في مجتمع العملات المشفَّرة. وفي الأيام التي تكون فيها السوق حمراء، عليك البقاء بعيداً عن "تويتر"، لأنَّ الكثير من الناس يقولون إنَّ الأمر قد انتهى.
جمع العائدات
في هذا الوقت تقريباً من العام الماضي، اشتريت "بتكوين"، و"إيثر"، واحتفظت بهما في هذا التطبيق المسمى "بلوك في" (BlockFi). كنت أستعيد الاهتمام بذلك. تعتمد استراتيجيتي على مزيد من عمليات الشراء والاحتفاظ. هناك أشياء تسمى جمع العائدات والتخزين، إذ يمكنك كسب الفائدة على العملات المشفَّرة. إنَّها وظيفة بدوام كامل، لأنَّها تتطلب الكثير من البحث والتحقق. أخذت استراحة لمدة يومين من البحث، وعندما عدت، كان هناك 18 أمراً رئيسياً قد حدث، وكنت أفكر أنَّه لا توجد طريقة يمكنني من خلالها اللحاق بالركب.
أنا لا أتحقق من قيمة الدولار الأمريكي. ألعب لعبة الشراء. كانت عقليتي تقول، هذا عش بيض. الجميع يتحدث عن الحلم الأمريكي، لكن هناك الكثير من الحواجز. مع العملات المشفَّرة لا توجد أي من تلك المعايير الاجتماعية في الطريق.
"تمكنت من الحصول على دخل.. من الاستثمار"
سابرينا تيريل، 42 عاماً. مديرة نجاح العملاء في "هومستيد" (Homestead)، فلوريدا.
بدأت الاستثمار منذ عام ونصف. أنا "زوجة عسكري". عليَّ الانتقال من مكان إلى آخر، وتغيير الوظائف. لذلك أردت أن أكون قادرة على تحقيق دخل لنفسي، بغضِّ النظر عن أي شيء. أردت الانخراط في الاستثمار، ولكن هناك العديد من المنصات المختلفة التي لا تعرف مَن منها يناسبك. لذلك بدأت في البحث على الإنترنت.
كنت أتابع الكثير من الأشخاص المختلفين على يوتيوب، وساعدني "تيك توك" و"إنستغرام" حقاً، لأنَّني كنت أرى استراتيجيات مختلفة ربما لم أسمع بها من قبل. إنَّهم يقدمون الكم المناسب من المحتوى لتكون فضولياً، وتقوم بمزيد من البحث. بالطبع، عندما تنظر في كيفية تحقيق الناس للدخل من خلال أسهم الميم، مثل "إيه إم سي إنترتينمنت هولدينغز" (AMC Entertainment Holdings)، ستقول: "يا إلهي، دعني أقفز إلى تلك العربة!".
ضربة موجعة
بدأت محفظتي في التدهور بسرعة كبيرة. كان علي أن أغير طريقة تفكيري. أعتقد أنَّني كنت أحاول محاكاة ما كان يفعله الآخرون، ولم يكن ذلك جيداً بالنسبة إليَّ. وتلقيت ضربة كبيرة في مارس. كان عليَّ أن أبطِّئ وأتوقف عن الاندفاع. خسرت حوالي 7000 أو 8000 دولار - كانت لكمة قوية. كانت من أسهم صندوق "أرك إنوفيشين المتداول في البورصة" (ARK Innovation ETF). تلقيت تلك الضربة الكبيرة في مارس -لم تقترب أبداً من حيث كنت. كان ذلك شيئاً جيداً، لأنَّه كان عليَّ أن أدرك أنني بحاجة إلى التمهل والتوقف عن القلق بشأن ما يفعله الآخرون.
كنت أعمل مستشارة أكاديمية لمعسكر تدريبي لمطوري الويب. كنت أحصل على رسائل من بعض أصدقائي مثل: "أوه، يجب أن تنظري إلى هذه الصفقة، وأنا في منتصف اجتماع عمل. كنت سأقدّم عرضاً، ولم أتمكن من الدخول في صفقة".
كان الأسهل بالنسبة إليَّ هي تلك العقود المغطاة والإيداع النقدي، التي سمحت لي بالحفاظ على قدرتي على العمل في وظيفة من التاسعة إلى الخامسة، دون الاضطرار إلى النظر باستمرار إلى محفظتي. في وقت من الأوقات، سُرّحت من عملي. أنا ممتنة لأني تمكّنت من الحصول على الدخل الذي كنت أحصل عليه من الاستثمار، لأنَّه أتاح لي عدم تقديم طلب لتعويضات البطالة. عُينت مؤخراً في وظيفة أخرى، فقد ساعدت شركتي على بناء علاقات طويلة الأمد مع العملاء.
بدأت في شراء الأسهم لابني. يبلغ من العمر 22 عاماً وهو عسكري، وأريده أن يحصل على فرص ربما لم تتوفر لي في سن مبكرة. عندما يتقاضى راتبه كل أسبوعين، أشتري له أجزاءً من الأسهم. وكان لديه صندوق الطوارئ الخاص به. لم يكن يستفيد من تركه في حساب جارٍ بأي شيء. لذلك قلت له: "لماذا لا تبدأ في الاستثمار؟" كان يعلم أنَّه يمكنه الوثوق بي. وما كان يستطيع تحمله هو تحويل 100 دولار من كل شيك راتب إلى حساب الطوارئ الخاص به، ثم 100 دولار إلى حساب "روث آي آر إيه" (Roth IRA) الخاص به، و100 دولار أخرى إلى حساب الوساطة الخاص به. عندما لا تكون لديك عائلة أو فواتير حقيقية بعد؛ يجب أن تلتزم هذه العادة، إذ يصبح الأمر طبيعياً بالنسبة إليك.
"نحن بالفعل في ميتافيرس"
مينيلوس مازاراكيس، 25 عاماً. مستثمر في مدينة نيويورك
عندما ضرب كوفيد، شعرت أنَّ العالم ينهار. كنت أنا وأصدقائي غير قادرين حقاً على مغادرة منازلنا، لذلك فكرنا بالاستثمار وباشرنا بذلك. وتحدثنا كل يوم عن أداء استثماراتنا.
كان كل ذلك نتيجة تفكير بحالة العالم وإلى أين يتجه؟. وإذا كان بإمكانك أيضاً كسب المال من خلال هذه الأفكار، فهذا أمر مثير للاهتمام حقاً. الرائع في التكنولوجيا هو أنَّه يمكنك الآن الحصول على المعلومات، وإذا قمت برعاية مصادرك، يمكنك الحصول على تحليلات ورؤى متخصصة للغاية ومثيرة للاهتمام. تعد وسائل التواصل الاجتماعي، أداة للتواصل والتفاعل مع خبراء من جميع أنحاء العالم. وهكذا استخدمتها.
لدينا دردشة جماعية استثمارية الآن مع مجموعة من أصدقائي. بدأت كمزحة – وأسميناها: "متداولو روبن هود اليوميون" (Robinhood Day Traders)- لكنَّها أصبحت الآن مكاناً ينشر فيه الأشخاص تحليلات حقيقية. ثم بدأنا في التعرف على أفكار جديدة. أحاول التنويع في أصول أخرى إلى جانب الأسهم، مثل المقتنيات والفنون والرموز غير القابلة للاستبدال والعملات المشفَّرة.
باستخدام "ويب 3" (Web3)؛ أدركت أنَّه يمكننا بشكل أساسي رعاية المجتمعات بناء على الملكية المالية للأصول. إنَّه يكسر الحدود، ويمكنني الآن العمل مع أشخاص في جميع أنحاء العالم. لا يتعلق الأمر بمن يكسب المزيد من المال، بل بالعثور على الأفراد من ذوي التفكير المماثل في مجتمع بلا حدود على أساس ملكية الأصول.
أنا الآن أقضي في محادثات "ديسكورد" و"تيليغرام" (Telegram) وقتاً أكثر بكثير. بات هذا عملي اليومي. نحن بالفعل في "ميتافيرس"، ونجد أشخاصاً عبر الإنترنت تتوافق قيمنا معهم. تعد العملات المشفَّرة، و"ويب3" عبارة عن تحوّل عقلي حول كيفية بناء تكنولوجيا جديدة مع نماذج أعمال مختلفة وهياكل الحوافز.
أريد أن أغامر أكثر برأسمالي، لأني شاب، ولديَّ الكثير من الوقت للاستثمار. لا أريد شراء عقارات. ولا أشعر أنَّ الأسهم التي استثمرت فيها قد استقرت، لأنَّها تقع عند تقاطع الكثير من الاتجاهات المتسارعة للذكاء الاصطناعي، أو الحوسبة السحابية، أو السيارات الكهربائية. السبب في أنني وأخي نحب الاستثمار، إلى جانب العامل الاجتماعي، هو أنه يمكننا أساساً امتلاك الكثير من الفرضيات حول الاتجاهات في المستقبل، واختبار افتراضاتنا، والأمر يشبه تقريباً اختيار أفضل فكرة في نهاية اليوم. هذا ما أحبه في الاستثمار.
"من المحتمل أن يدفع هذا القرد تكاليف جامعتي"
تشاستن هاميلتون، 24 عاماً. طالب في كلية العلاج الطبيعي في إنديانابوليس
دخلت عالم العملات المشفَّرة خلال هبوط السوق لعام 2017، عندما كان عمري 20 عاماً. كنت أحتفظ بما قيمته 300 دولار منها. في هذا العام، شهدنا في وقت مبكر زيادة في أسهم الميم مثل "غايم ستوب" (GameStop)، و"إيه إم سي"، في وقت التمرد ذاك: "إذا عملنا معاً، ونقوم بالأمر نفسه، فكما تعلم، سيكون هناك مجال لكسب المال". لذلك اشتريت أسهم "إيه إم سي" هذا العام. في منتديات موقع "ريديت" (Reddit)، رأيت باستمرار الناس يتحدثون عن الرموز القابلة للاستبدال (NFTs). كان لديّ ما قيمته 300 دولار من العملات المشفَّرة منذ عام 2017، ما الذي سيزعجني إن غيّرت الاتجاه الآن واشتريت بضعة أشياء؟ في البداية، شعرت أنني ارتكبت أكبر خطأ في العالم.
هنا أتى "بورد آيب ياكت كلوب" (Bored Ape Yacht Club)، وهو عبارة عن مجموعة تضم عشرة آلاف رمز غير قابل للاستبدال من الرئيسيات الكرتونية. نظرت إليها، ورأيت ثلاثة آلاف قطعة متبقية للبيع. كنت جالساً في السرير أتحدث إلى خطيبتي، وأفكر في شراء أحد هذه الأشياء مقابل 600 دولار على سبيل المثال. هل هذا نوع من الغباء؟ فقالت: "نعم، هذا نوع من الغباء". فتركت الصفقة تفلت من يدي، وبالطبع؛ بيعت في صباح اليوم التالي.
في الليلة التالية، كنت مستلقياً في السرير، وكانت الساعة الثالثة صباحاً، وكنت أتصفح موقع "أوبن سي" (OpenSea)، السوق التي توفر خدمة النظير للنظير للرموز غير القابلة للاستبدال، طوال ساعات. اشتريت قرداً لم يكن جزءاً من المشروع الأصلي، ودفعت 120 دولاراً مقابله. أدركت أنَّ هذا التصرف كان غباء بعد أن اشتريته. فأدرجته بثلاثة أضعاف السعر، وقمت ببيعه على الفور.
في تلك اللحظة عندما بعت ما كان قطعة فنية لا قيمة لها أدركت أنَّ هذا أمر خطير. لقد وفر لي ما يكفي من المال لشراء قرد ممل من بائع آخر. بعد القيام بذلك، اعتقدت أنَّني يجب أن أحاول شراء أشياء أخرى وبيعها. بعد شراء أول قرد ممل مقابل 800 دولار، كنت قد أصبحت في المرحلة التي أصبحت فيها مدمناً على هذا النوع من الأعمال. في مايو، اشتريت أربعة على الفور، وأنفقت كل ما أملك، أكثر من 4,500 دولار على صور للقرود على الإنترنت.
استطعت بيع "صزرو" واحدة. كان هذا أكبر استثمار غيَّر حياتي على الإطلاق. اشتريتها مقابل 0.3 إيثر، وبعتها مقابل قرد مختلف، ثم بعتها مقابل 55 إيثراً. وهكذا تحوّل مبلغ 800 دولار إلى 1,000 دولار، ثم إلى استثمار يتراوح بين 170 ألف دولار و 180 ألف دولار. أنا لم أر شيئاً كهذا من قبل. يقول آلاف الأشخاص على "تويتر": "أنا أشتري هذا، أشتري هذا، أنا أشتريه. كنت طالباً جامعياً، وكنت أتوقَّع أن يكون لديّ ديون بقيمة 120 ألف دولار بعد ثلاث سنوات من الآن. هذه هي الحياة التي تعيشها عندما تريد أن تصبح محترفاً في المجال الطبي. لقد اقترضت طوال حياتي. من المحتمل أن يدفع رمز القرد هذا تكاليف جامعتي ويؤتي ثماره. كنت أحاول للتو أن أجد موقعي المالي، حتى أتمكن من التخرج وسداد قروضي. ولكن إن استطعت شراء منزل في العام المقبل، فسيكون ذلك رائعاً.
"الناس يخشون فوات الفرصة"
كريستين بنز. مدير التمويل الشخصي في شركة "مورنينغستار" (Morningstar)، شيكاغو
يذكرنا مشهد الاستثمار لهذا العام بفترة التسعينيات، عندما كانت شركات الوساطة منخفضة التكلفة تتقدم بقوة، وبدا أنَّ كل فرد يجب أن يكون لديه حساب تداول أسهم خاص به.
لم أواجه أي شيء مثل فقاعة شركات الإنترنت (الدوت كوم). كان فهمها صعباً بالنسبة إليَّ. سمعنا من مستثمرين متمرسين أنَّها كانت فقاعة، ومع ذلك كان لسلة أسهم شركات التكنولوجيا الموجهة نحو النمو زخم قوي إلى الأمام. وقد استثمر الكثير من مديري الأموال المحترفين فيها بشكل كبير.
كان الانهيار محبطاً لأنَّنا سمعنا من أشخاص ضاعفوا ثرواتهم مع الكثير من أسهم التكنولوجيا عالية النمو، ثم رأوا الأداء ينخفض بشكل حاد. كانت فترة صعبة للمستثمرين. كان أحد الجوانب الفضية يكمن في تصحيح السوق في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يكن الأمر كما لو أنَّ كل شيء قد انخفض، بل هو فقط في جزء معين من السوق. بناء على آراء شخصية؛ أعتقد أنَّ الكثير من المستثمرين تخلوا عن الاستثمار في الأسهم الفردية بعد تلك الفترة. هذا هو نمط الأداء الذي نراه مراراً وتكراراً، إذ يستسلم المستثمرون بعد تعرضهم لخسائر كبيرة.
في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، رأينا أنَّ التداول أصبح أرخص أو ربما مجانياً. ولدينا الكثير من المستثمرين الجدد والشباب الذين يدخلون السوق، وينخرطون في الشركات التي تضارب أكثر. كان الأداء قوياً وهذا لا يشجع المستثمرين الجدد على دخول السوق. إنَّها قوة ثقافية للغاية، إذ يسمع الناس عن الأمر لأنَّهم يتواصلون اجتماعياً، ويشعرون أنَّهم بحاجة ليكونوا جزءاً من الحدث. يخشى الناس من فقدان مكاسب كانت بالفعل مكاسب كبيرة في الكثير من جيوب السوق، سواء كان ذلك استثماراً في الأسهم، أو عبر تداول العملات المشفَّرة.
من بين أحد المخاوف التي لدي، أنَّ الكثير من المستثمرين الهواة ينغمسون في الأوراق المالية دون أي إحساس فعلي بما يعنيه أن تكون مستثمراً، أو يعتمدون على فكرة أنَّه في حالة ارتفاعه؛ فإنَّه سيستمر في الارتفاع. نحن نعلم أنَّ أحد المبادئ الأساسية للاستثمار هو أنَّ الأداء السابق لا يتنبأ بالنتائج المستقبلية، لكني أعتقد أنَّ التوقُّعات بين بعض المستثمرين قد تكون كذلك بالفعل.
[object Promise]