قبل عام، تعهّد سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة "غوغل"، بأن تتخلص شركته من الانبعاثات الكربونية الصادرة عن مكاتبها، ومراكز بياناتها خلال العقد المقبل. هذا يعني أنَّ كل عملية بحث عبر "غوغل"، وكل رسالة إلكترونية عبر "جي ميل" (gmail)، وكل فيديو "يوتيوب" ستنجز على مدار اليوم عبر استخدام الطاقة النظيفة محلية المصدر فقط، مما يشكل إنجازاً جديداً في عالم الشركات.
تتبع "غوغل" مساراً واضحاً في بعض الأماكن. فعلى سبيل المثال؛ في "باي فيو" (Bay View)، وهو أحدث مجمع في ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا يُنتظر افتتاحه العام المقبل، تنتشر الألواح الشمسية داخل المباني في تصميم تطلق عليه "غوغل" اسم "دراغون سكايل" (Dragonscale).
كما تتوقع توليد 90% تقريباً من الطاقة التي تحتاج إليها من دون إطلاق غازات دفيئة، خصوصاً بعد شراء كم هائل من الطاقة المتجددة في أمريكا الجنوبية وأوروبا، بما في ذلك صفقة مزرعة رياح بحرية شاهقة الارتفاع بقدرة 92 من الميغاواط قبالة الساحل الشمالي عند بلجيكا. لكن "غوغل" بحاجة إلى الاعتماد على بعض مصادر الطاقة وتكنولوجيات لم توجد بعد في أماكن أخرى.
اقرأ أيضاً: "غوغل إيرث" تتيح رؤية عقود من تغيُّر المناخ في ثوانٍ
تناولت "بلومبرغ غرين" بشكل معمَّق، تفاصيل خطة "غوغل" لإزالة الكربون والتحديات التي تواجهها في إصدارها الأخير، فقد التقت بيتشاي في سبتمبر، الذي يشغل أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابت"، الشركة الأم لـ"غوغل"، لمناقشة جهود الشركة.
اقرأ المزيد: نمو الطاقة المتجددة يستقرّ بعد مكاسب قياسية في 2020
يرى بيتشاي أنَّ التحول نحو الطاقة الخالية من الكربون، يمثِّل "فرصة إبداعية" من شأنها تعزيز الأعمال المستقبلية لـ"غوغل"، خصوصاً في مجال الحوسبة السحابية، برغم اعترافه أيضاً بأنَّ تحقيق هذا الهدف ربما يتطلب تضحيات غير مسبوقة من جانب الشركة.
كذلك؛ تحدث عن وجهة نظره بشأن أزمة المناخ، ومحادثاته مع قادة الأعمال الآخرين، والانتقادات التي تواجهها "غوغل" نظير عملها مع شركات النفط والغاز، والإرث الذي يأمل في تركه لأطفاله.
تمَّ تحرير المحادثة واختصارها بغرض الإيجاز والوضوح وفق الآتي:
ما الذي تحاول إنجازه في هذا المجمع الجديد؟
كنا كثيراً كشركة نهتم بمساحاتنا الخاصة. ففي البداية، كنا نتبنى وجهة نظر تفيد أنَّ تصميم مساحات شاسعة قد يؤثر بالفعل في الإنتاجية والثقافة. لذلك؛ فإنَّ الكثير من تفاصيل هذا المبنى توضح قيامنا بما نريده بشكل صحيح، و تشييدنا لهذه المساحة الرائعة والشاسعة والإضاءة الجيدة.
لكن كجزء من ذلك، أردنا أن يُضرب بنا المثل في الاستدامة. بطريقة ما، يمكنك التفكير في التكنولوجيا كمصدر مفتوح. فحينما يُطرح برنامج مفتوح المصدر نقوم جميعاً باستكمال البناء وفقاً لأساسياته. ولذلك؛ نحن نقوم بأمور مرئية، ونشارك كل شيء يتعلق بكيفية فعل ذلك. وأعتقد أنَّه سيتم تكرار الأمر واعتماده، وسنتعلم الكثير أيضاً. كما أنَّ حقيقة إمكانية بناء مبنى يتسم بالجمال بطريقة فعالة من ناحية التكلفة، وطريقه تحقق وفورات هائلة في الطاقة -وإظهار إمكانية فعل كل شيء- كانت تشكِّل جزءاً كبيراً للغاية من الجهود الساعية نحو الاستدامة.
من الواضح أنَّ الألواح الشمسية الخاصة بـ"دراغون سكايل" كانت تشكِّل ميزة كبيرة. بالنسبة إلي، هو شيء يوضح بكل بساطة أنَّ بناء الألواح الشمسية على الأسقف قد يكون رائعاً من الناحية الجمالية، ويحقق وفورات في الطاقة وما إلى ذلك. وبشكل عام؛ فإنَّ هذا الأمر يتناسب مع موضوع دفع التكنولوجيا وحدود ما هو مسموح.
أسعار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في اتجاههما للانخفاض، لكن هناك أجزاء من هدف التخلص من الانبعاثات الكربونية على مدار الساعة، مثل بطاريات الليثيوم أيون والطاقة الحرارية الأرضية، تعتبر تجريبية وقد تكون باهظة الثمن. هل أنت قلق بشأن التكلفة؟
الاعتماد على الطاقة المتجددة بمثابة انطلاقة عملاقة، كما نُعرِّفها. لذلك؛ فإنَّ الأمر مرهق بعض الشيء، لأنَّنا لا نملك كل الإجابات الكاملة اللازمة لتحقيق مثل هذه الانطلاقة. لكن إذا عدت بالذاكرة إلى وقت شراء كل هذه المشتريات الهائلة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فسأقول، إنَّ التكلفة كانت مشكلة.
خلال الأعوام العشرة الماضية، انخفضت تكلفة طاقة الرياح بنسبة 70%، وكذلك الطاقة الشمسية بنسبة 90% تقريباً. لذلك؛ فإنَّنا نراهن بطريقة ما على هذا المنحنى التكنولوجي، وهذا يبعث في نفوسنا الراحة. إذا كنت ما تزال في بداية الاستثمار أو التكنولوجيا، عليك إدراك أنَّ الأمور تأخذ شكل المنحنى.
كذلك، نحن نمد مركز بيانات نيفادا التابع لنا بالطاقة الحرارية الأرضية للمرة الأولى، ونأمل أن تكون هذه خطوة أولى. فنحن بإمكاننا جلب تقنيات حديثة، وحل مشكلات جديدة كجزء من ذلك، وتوفير التمويل الأولي لبعض هذه المشروعات، ثم دفع هذا المنحنى إلى أسفل. إنَّه دور نعتقد أنَّه بإمكاننا القيام به في النهاية المبكرة للدورة.
ما هو ردك إذا قالت "وول ستريت" إنك تستثمر الكثير من المال في هذه الأمور؟
أولاً؛ وقبل كل شيء، و على أساس عملي للغاية، أعتقد أنَّ موظفينا يطالبون بهذه الأمور لأنَّها أمور قيمة، وهي أمور كانت مراراً لدينا. وبشكل عام؛ فهي من شأنها مساعدتنا على استقطاب وتوظيف أفضل المواهب بمرور الوقت. وهذا أحد الأمثلة على دراسة الجدوى للمشروع.
لكن صدقاً، أود أن أقول، إنَّه عندما تعمل على مثل هذه التقنيات، وتجري هذا النوع من البحث والتطوير والابتكار، لن تشهد أبداً سوى المزيد من الفوائد المختلفة لمشروعك. ويبدو أنَّ اكتشافنا لكيفية تبريد مبانينا بشكل أكثر كفاءة يشق طريقه لأن يصبح عرضاً سحابياً بمرور الوقت. فنحن نستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل الأحمال عبر مراكز البيانات، ونستخدمه أيضاً لتحسين مستوى التبريد. وكل هذه الأمور ستشق طريقها إلى الأعمال التي نجريها عبر "غوغل" و"ألفابت". لذلك؛ أعتقد أنَّ الاستثمار في الابتكار التكنولوجي الأقوى سيحقق عائداً استثمارياً إيجابياً بمرور الوقت.
هل أنت متفائل بشأن أزمة المناخ؟
أنا متفائل. لكني أشعر بتوتر وقلق شديدين، لأنَّنا نضيع الوقت.
الخبر السار هو أنَّ الناس أصبحوا أكثر وعياً بشأن أزمة التغيرات المناخية عن ذي قبل، وهذا ما أشعر به بشدة. أما الخبر السيئ؛ فهو أنَّ بعض هذا الوعي يأتي في وقت يرى فيه الناس أمثلة واقعية لهذا النوع من الأحداث المناخية المترابطة. أتمنى لو وصلنا إلى هذه اللحظة قبل عقد من الزمان.
لكن بعد قول هذا، أشعر بالتفاؤل في بعض اللحظات التي أدرك فيها بأنَّ هناك نقطة تحول، فالجيل القادم ينظر إلى هذه الأزمة في الأساس باعتبارها أولوية مختلفة، وهذا يشعرني بتفاؤل طويل الأمد.
أما القلق، فيأتي من حقيقة إدراكنا بأنَّنا بالفعل في حالة يرثى لها من الناحية العلمية، وهذا هو الأمر الأكثر إلحاحاً. لكني أنظر إلى ما حدث في العقد الماضي، وقد أعطيتك مثالاً على طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وكيفية تغيرهما في غضون 10 أعوام بشكل أكبر مما توقَّعنا.
بالنظر إلى السيارات الكهربائية، وكيف كانت قبل 10 أعوام، أنا متأكد من وجود تكهنات حقيقية تتساءل بشأن: هل سيحدث هذا الأمر على الإطلاق؟ والآن، لا أعتقد أنَّ أي شخص سيشكِّك في ذلك، فالمركبات ستصبح كهربائية، والالتزامات جارية، والتحوّل يحدث. وعلى هذا المنوال؛ فإنَّني أرى جهوداً جارية في المجالات كافة، وهذا يشعرني بالتفاؤل.
هل هذا أمر تتحدث عنه مع قادة الأعمال الآخرين؟ وكيف تبدو هذه المحادثات؟
من المفارقات أنَّ موضوع الاستدامة في معظم المحادثات مع الرؤساء التنفيذيين الآخرين -قد يشكِّل جزءاً من مشروع خدمات سحابية أو أي شيء من هذا القبيل- يأتي فعلياً ضمن أجندة الرؤساء التنفيذيين لكل شركة نعمل معها تقريباً.
لماذا يُعد هذا الأمر مفارقة؟
ما أعنيه هو أنَّ الأمر لا يبدو على الأرجح كما يظهر من الخارج. إذا كان لدي اجتماع لمدة نصف ساعة؛ فإنَّ الاستدامة تكون جزءاً منه، حتى لو لم تكن الشركتان تفعلان شيئاً مباشراً بشأن الاستدامة.
متى تغير هذا الأمر؟
حدث تغير حاد وقد شعرت بهذا خلال الـ18 إلى 24 شهراً الماضية. هناك محادثات حقيقية بشأن الإفصاحات البيئية والمجتمعية والحوكمة، إذ يرغب الناس في فهم كيفية قيامنا بذلك. إنَّهم جميعاً يحاولون اكتشاف كيفية تقديم الالتزامات، وكيفية التأكد من قدرتهم على إنجاز عمل ذي قيمة. إنَّها محادثات كبيرة وذات أولوية كبيرة في الوقت الراهن.
شيء واحد ذكرته أنت وفريقك، يتمثل في رغبتك في أن يكون هذا الأمر قابلاً للتكرار. ما الذي تود قوله لشركة أخرى ترغب في التخلص من الانبعاثات الكربونية، لكن ليس لديها قيمتك السوقية ذاتها، أو موهبتك الهندسية؟
أود الإشارة إلى بعض الأمور. أشعر بشكل أساسي أنَّ عليهم فعل ذلك على أي حال بمرور الوقت، وبالتالي؛ من المهم خوض الرحلة مبكراً. إنَّها فرصة للابتكار، وفرصة للتحول الثقافي، ففكرة القيام بشيء ابتكاري تغير الفكر التنظيمي للمرء. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يتطلعون إلى التحول، فهو في الواقع فرصة حقيقية. وإذا لم تفعل هذا بشكل صحيح، فلن تتمكَّن من جذب المواهب على مر الزمان.
هل ترى ذلك في البيانات؟
من الناحية العملية، لا أعرف ما إذا كنا سنشهد أي شيء إذا لم نقم بما قمنا به، لكني أعتقد أنَّنا سنرى تأثيراً. إنَّه سؤال جيد. نحن لم نقم باختبارات (أ) و(ب)، لكن عندما أنظر إلى الجيل الأصغر سناً -ممن هم في عمر المراهقة الآن- لا أجد أنَّهم يختارون العمل لصالح شركة يشعرون أنَّها تلوث العالم. أعتقد أنَّ العقلية البشرية ستتغير.
بمناسبة هذا الحديث، ومع إيضاحك لمدى أهمية هذا الأمر بالنسبة إليك بشكل شخصي. ماذا يخبرك أطفالك حول هذه القضية؟
هذا موضوع كبير. كانت هناك لحظة حاسمة قبل عام تقريباً من اليوم أثناء حرائق الغابات في خليج كاليفورنيا.تباحثنا كثيراً في هذا الشأن، وطرحوا أسئلة عديدة. إنَّها فرصتنا لتحويل العالم إلى مكان جيد لصالح الجيل القادم. لذلك أشعر بهذا الأمر وكأنَّه واجب أخلاقي، وكل والد إلى حد كبير ستكون لديه المشاعر ذاتها.
لقد ذكرت التحديات التي تواجهها الشركات التي يُنظر إليها على أنَّها مسبِّبة للتلوث أثناء عملية التوظيف. فقد انتقد بعض موظفيك عملك في مجال الحوسبة السحابية مع شركات النفط والغاز. هل ترى أنَّ هذه الانتقادات تأتي بنتائج عكسية للهدف الذي تعمل من أجله 24 ساعة، ولـ7 أيام في الأسبوع؟
نحن نعمل مع شركات في جميع القطاعات، ولدينا سياسات واضحة للاستخدام المقبول، وقد أوضحنا مبادئ الذكاء الاصطناعي. في الواقع؛ أشعر بأهمية مساعدة الشركات الرائدة لشركائها، والمساعدة في تحول صناعة الطاقة إلى الطاقة المتجددة، كما أنَّ الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً في هذا الشأن.
هل تعتقد أنهم يتحركون بسرعة كافية؟
يمكن مصادفة العديد من الناس المختلفين في مراحل مختلفة من الرحلة، لكن بعض الأشخاص يفكرون بجدية في التحول. أعتقد أنَّ السياسة ستكون عاملاً أساسياً في هذا الأمر، لذلك طالبنا بوضع سياسات تستهدف تحديد أهداف أكثر فعالية لخفض الانبعاثات، وما إلى ذلك.
نحن نعمل مع شركات الطاقة من خلال الخدمات السحابية، والعائدات التي تأتينا من هذه الشركات ربما تمثِّل أقل بكثير من 0.1% من عائداتنا، لكنَّني مؤمن بأهمية تفكير الكثير منهم في التحول عند تقديم التكنولوجيا رسمياً. ونحن نريد أن نلعب دوراً في هذا التحول.
لقد ذكرت السياسة، و تحدثت عن ذلك مع فريقك، وعن هذا الهدف الخالي من الكربون. يبدو أن التكنولوجيا وعمليات الشراء، هما الأمران الوحيدان اللذان سيصلان إلى هذا الحد. هل ستكرس مزيداً من الضغط الإنفاقي للطاقة في العقد القادم؟
كثيراً ما دعونا إلى حلِّ هذه المسائل في محادثاتنا. فعلى سبيل المثال، هناك مسألة حث الولايات المتحدة على الانضمام مجدداً إلى اتفاق باريس وغيرها من الأمور. فقد كان ذلك على رأس جدول أعمالنا دائماً.
إذا نظرت إلى كثير من الولايات، وعلى المستوى المحلي إذ يجري تنفيذ المشروعات -بما فيها مراكز بياناتنا- ستجد أنَّ لدينا طاقة متجددة، وأحياناً نجد تأثيراً مضاعفاً. لذلك؛ نحن نفعل هذا كثيراً من خلال المشاركة. لم أفكر تماماً في فكرة أنَّ الضغط هو الطريقة الأفضل بالنسبة إلينا لإنجاز المهمة مقارنة بالاستثمارات والابتكار الذي يمكننا القيام به. لكنَّنا دعونا إلى هذا الأمر مراراً.
أعطني مثالاً على التأثير المضاعف؟
أتذكر في ولاية أيوا، عندما أنشأنا مراكز بياناتنا. كانت هناك مشروعات أخرى في بدايات تشييدها في المجتمعات، كما أنَّ المسؤولين الحكوميين يشهدون تغطية إيجابية لمشروع الطاقة المتجددة والاهتمام الذي يحققه، فهذا الأمر يغير القوالب الفكرية.
أعتقد أنَّ هذه هي الطريقة المثلى التي نؤثر بها في القطاع بأكمله، وهي طريقة الظهور من خلال الفعل. ولهذا الأمر تأثير هائل على مستوى التغيير، فالأمر لا يختلف عن فكرة معرفة شخص اشترى سيارة كهربائية، والذي قد يؤثر بدوره فيك، ويقودك على الأرجح لشراء سيارة كهربائية. الأمر ذاته يلعب دوراً على المستويات كافةً.
هل تحدثت مع الرئيس حول هذه المسألة؟
لم أتحدث إليه بشأن هذه المسألة بالتحديد، لكنَّنا بالتأكيد تعاملنا مع عدد من موظفيه وأعضاء إدارته، وتحدثنا بكل وضوح عن تقدُّمنا في مجال الاستدامة. كل خطوة أو تعاون أجريناهما تقريباً، كانا يشكِّلان أولوية قصوى بالنسبة إلينا.
ماذا تعتقد بأنَّ "غوغل" وصناعة التكنولوجيا بإمكانهما أن يقوما بفعله أيضاً بشأن إزالة الكربون؟
أشعر بارتياح بشأن مستوى الوعي ومستوى الاستثمار. وأعتقد أنَّ شركات عديدة تحاول تجاوز الحدود المعتادة هنا. مع العلم أنني لا أعتبر أنَّ هذا التطور يمثِّل شيئاً تنافسياً، فنحن جميعاً نتشارك في كوكب واحد. كما أنَّني أعتقد أنَّها ليست مجرد فرصة لقيام شركات التكنولوجيا بإتمام الأمور سوياً، بل إنَّنا بحاجة إلى تعاون عالمي، ونطاق أكبر حتى نتمكَّن من تحقيق هذا التحول بالفعل. لذلك؛ أنظر إلى ذلك كفرصة أيضاً.
إذا نظرت إلى الوباء أو المناخ أو مشكلة التحكم في الذكاء الاصطناعي، فستجد أنَّ كل ذلك بحاجة إلى تعاون عالمي بشكل متزايد. بطريقة ما؛ أعتقد أنَّنا جميعاً بحاجة إلى تعلم كيفية تحقيق التعاون العالمي بشكل أفضل، وإذا لم نفعل هذا الأمر بهذه الطريقة، فلن نتمكَّن من حل المشكلة.
كيف يبدو التعاون العالمي؟ ما هو الدور الذي تلعبه "غوغل" في هذا الشأن؟
من الواضح أنَّ اتفاقية باريس للمناخ تشكِّل مثالاً على التعاون الدولي، كما أنَّنا ندعم الصفقة الأوروبية الخضراء. وكصناعة، عندما يطلبون منا التعهد بالتزامات؛ فإنَّنا نوقع شراكات بين القطاعين العام والخاص، ونفعل ذلك على الصعيد الدولي، فضلاً عن الوصول إلى إفصاحات، ومقاييس، وشفافية، وتحديد أهداف مشتركة، وكذلك إنشاء أسواق دولية، وسياسات الطاقة المشتركة، فكل هذه الأمور ستكون مهمة.
شيء واحد مثير للاهتمام في خطتك التي تعمل على نفيها على مدار الساعة، إذ يبدو أنها تتعامل مع الطاقة باعتبارها مورداً محدوداً. هل "غوغل" بحاجة إلى تقديم تضحيات لتحقيق هذا الهدف؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي هذه التضحيات؟
أعتقد أنَّ "غوغل" بحاجة إلى قيد، فإذا كنا بحاجة إلى توسيع نطاق الخدمات السحابية بشكل معين؛ فإنَّنا نريد فعل ذلك في إطار هذا القيد لتحقيق كلمة خالية من الكربون. وينبغي أن نكون قادرين على توسيع نطاق الخدمات السحابية، وغيرها من الأمور، لكن ليس بطريقة تسهم سلباً في البيئة.
كجزء من ذلك؛ سيتعيّن علينا تقديم تضحيات. وربما يصعب علينا الاستثمار بهذه الطريقة في بعض المناطق في العالم، لأنَّنا غير قادرين على الوصول إلى دولة خالية من الكربون. وربما يصعب علينا تقديم بعض الخدمات. وهذا الأمر سيكون واقعاً إذا لم نستطع حله.
يبدو أن ذلك سيكون صعباً حقاً في آسيا.
إنَّه صعب، لكن كما تعرف، أنا متحمس تجاه الأمر. وإذا تحدثت إلى حكومة سنغافورة وغيرها من الحكومات؛ فستجد أنَّهم يركِّزون بشكل كبير على هذا الأمر. أجدهم يفكرون في ذلك. إنَّهم أيضاً يمثلون أماكن تُجري تخطيطاً طويل الأجل بشكل جيد حقاً.
لقد التقيت برواد أعمال وشركات رائعة تعمل على حل هذه المشكلات أيضاً، كذلك أرى نشاطاً لدى الشركات الناشئة وابتكاراتها، سواء كان ذلك على صعيد الطاقة النووية، أو الهيدروجين، أو التخزين.
هل ستبدأ "غوغل" في إنشاء صندوق مخصص للمناخ؟
دائماً ما كنا نستثمر في الشركات؛ لذلك سنستمر في اتخاذ خطوات فعالة على هذا الصعيد. أما بالنسبة إلى مختبر "إكس" (وهو مختبر أبحاث "ألفابت")، فهذا جزء من العمل الذي يقومون بفعله. وبطبيعة الحال؛ سنتخذ المزيد من الإجراءات من أجل المناخ.
هناك "فيرفو" (Fervo)، وهي شركة ناشئة تعملون معها في ولاية نيفادا، التي تعمل على تطوير آبار الطاقة الحرارية الأرضية.
نعم، هي مثال على نوع الابتكار الذي أراه على الجانب الآخر. لم أقضِ وقتاً معهم بشكل مباشر، لكنني بالتأكيد أسمع مستجداتهم. كما أنَّ المعلومات التقنية التي تعلمتها من استخراج النفط والغاز، وتطبقها على الطاقة الحرارية الأرضية، تبدو منطقية بنظري.
هل هناك شركات أخرى تضعها بعين الاعتبار؟
لقد أنشأنا شركة تابعة لمختبر "إكس"، وتعمل في مجال التخزين طويل الأجل للطاقة. نحن بالتأكيد نصادف شركات ناشئة عدة تعمل في مجال الاندماج النووي، ونساعدها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، والخدمات السحابية في بعض الحالات.
التفكير في الشبكة، وكيفية القيام بذلك بشكل أفضل، سيكون جزءاً من المهمة، فنحن نبذل جهوداً في مختبر "إكس" بهذا الصدد. كما أنَّني أحاول قضاء الوقت في فهم الابتكار والمساعدة في المجالات التي تستطيع "غوغل" العمل بها، فهم جميعاً سيحتاجون إلى الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي. لذلك فهي تتماشى مع الأهداف التجارية كشركة أيضاً.
بعض الانبعاثات ليست ضمن هدفك الذي تسعى إلى تحقيقه على مدار الساعة، مثل تصنيع المعدات، وتنقُّل الموظفين ذهاباً وإياباً. هل هذه المجالات التي تضطرك إلى تقديم تضحيات فيها؟ هل سيتعين عليك وضع قيود على أعمال المعدات؟
يبدو أنَّنا نفكر كثيراً في سلسلة مواردنا في كل مكان، خصوصاً أنَّنا ملتزمون بشراء طاقة متجددة بقدرة 5 غيغاواط في الأماكن التي يعمل فيها موردونا كجزء من هذا الهدف. لكنَّهم غير قادرين على الوصول إلى هذا المصدر في الوقت الراهن، لذلك نحن نلعب دوراً في خلق إمدادات الطاقة المتجددة، ونحاول المساعدة في هذا التحول.
كجزء من جهودنا في مبادرة "صنع بواسطة غوغل" (Made by Google)؛ تعهدنا بالتزامات بشأن الاستدامة، مثل التعويض عن استخدام الكربون في الشحنات، والتأكد من أنَّ كل ما نستخدمه يتسم بالشفافية. وبمرور الوقت؛ سنفي بالتزامنا الذي يفيد بضرورة استخدام مواد قابلة لإعادة التدوير حيثما أمكننا ذلك، فهذه كلها مجالات نفكر فيها. كذلك؛ ركَّزنا أكثر على الأماكن التي نستهلك فيها الموارد، كشركة، بشكل أكثر من غيرنا.
نحن نقدر حقاً الوقت.
حسناً، شكراً لتركيزك عليه. وبمرور الوقت، أعتقد أنَّها ستكون فرصة ابتكار هائلة.
في الوقت المناسب أيضاً. أنا متأكد من أنَّك تولي اهتماماً لبحيرة تاهو والساحل الشرقي؟
هذا هو الجزء المحزن، فقد شعرت بذلك حقاً، وهذا الحزن يكبر. عادةً ما تسقط الأمطار لثلاثة أسابيع فقط في العام، وتستمر المعاناة من الجفاف. لكن إذا لم تمطر خلال تلك الأسابيع الثلاثة؛ فإنَّ الجفاف يكون سيئاً حقاً. لذلك ستجد أنَّني شعرت كثيراً بهذا التداخل المتعلق بكيفية تأثير المناخ في الحياة.
حتى أثناء معاناة نيويورك من تلك الفيضانات المفاجئة؛ كنت أقوم بإجراء مكالمات فيديو مع أشخاص هناك، وطلبت من أحدهم كتم الصوت نظراً لارتفاعه الشديد، وعدم إدراكي السبب في ذلك. فقد أمطرت السماء بغزارة بشكل مفاجئ، ثم شاهدت صور محطات مترو الأنفاق في وقت لاحق. يبدو من الواضح أنَّ بعض هذه الأمطار متعلقة بالمناخ، و بعضها الآخر ليس كذلك، لكن تداعيات الوضع والسيناريوهات الجامحة مخيفة حقاً. نحن نشهد هذه الأحداث مرة كل مئة عام.