لطالما حظيت أنغيلا ميركل بمعجبين في وسائل الإعلام الناطقة بالإنجليزية؛ ففي شهر نوفمبر 2015، أطلقت عليها صحيفة "الإيكونوميست" لقب "الأوروبية التي لا غنى عنها"؛ وبعد شهر، أطلقت عليها صحيفة "فاينانشيال تايمز" لقب "شخصية العام". كما أعلنت مجلة "تايم" أنها "مستشارة العالم الحر". وعندما انتُخب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، أطلقت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" لقب "المدافع الأخير عن الغرب الليبرالي".
هنا لا بد لي أن أعترف بأنني لم أرها يوماً بهذه الصورة قط، حيث كان لقائي الوحيد مع أنغيلا ميركل في إسبانيا خلال مرحلة مبكرة من أزمة منطقة اليورو؛ في فبراير 2011، وتصادف أنني كنت في مدريد لأحاول معرفة مدى قرب انهيار النظام المصرفي الأوروبي. وخلال الفترة الفاصلة بين الاجتماعات مع المسؤولين في البنك المركزي ووزارة المالية، سارت المستشارة الألمانية والوفد المرافق لها بسرعة نادراً ما شوهدت في أروقة السلطة بمدريد، حيث توجّهت لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء الاشتراكي البائس، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو.
اقرأ أيضا: من سيخلُف أنغيلا ميركل في حكم ألمانيا؟.. إليكم القائمة
لم يسبق لي أن رأيت سياسياً يتصرف باحترام مثل "ثاباتيرو" عندما دخلت "ميركل" القاعة. وقد حيّرني الموضوع في البداية، لأن المستشارة الألمانية لا تبدو أبداً كشخص متسلط. كما أن الكلمة التي لا يستطيع الصحفيون مقاومتها عند وصفهم لها هي "مهلهلة". ومع ذلك، لاحظتُ في غضون بضع دقائق هالتها المهيبة. وفي الواقع، لا تتحمّل أنغيلا ميركل الحمقى برحابة صدر؛ إلا أنها أدهشتني بعدم تحمّلها للأذكياء حتى. وهنا تُقدّم تريسي أولمان أفضل تجسيد لشخصية "ميركل"؛ والتي كثيراً ما سخرت أمام دائرتها المقربة من الزعماء الآخرين (كان الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، هدفاً مفضلاً لها).
كلاب بوتين
على النقيض من ذلك، سمح فلاديمير بوتين لكلبه بترهيبها في أحد اجتماعاتهما، مستغلاً عن وعي خوف "ميركل" من الكلاب. إلا أن زميلاً وزارياً سابقاً أخبرني ذات مرة أن "بوتين" كان محط إعجاب ميركل سراً. فخلال خطابه التهديدي الشهير في مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007، والذي هاجم فيه "النظام أحادي القطب" الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، لم تُبد أي رد فعل علني، إلا أن تعليقها خلف الكواليس كان: "كلام رائع!".
اقرأ أيضا: بعد 16 عاماً من حكم "ميركل".. ما أهمية المستشار الألماني التالي لأوروبا والعالم؟
بالطبع ليست هذه هي الطريقة التي يراها بها الناخبون الألمان؛ فجاذبية "ميركل" التي تلقب باسم "الأم" (Mutti) تأتي لكونها شخص ليس لديه مصلحة حقيقية في السلطة، إلا أنه يحكم فقط من أجل تزويد شعبه بالشيء الذي يتوق إليه قبل كل شيء، ألا وهو الاستقرار. وعندما سُئلت ذات مرة عمّا تلهمه كلمة "ألمانيا" بالنسبة لها، أجابت: "نوافذ جميلة، محكمة الإغلاق".
بعد أن أمضت السنوات الخمس والثلاثين الأولى من حياتها في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، تقول "ميركل" بشكل غير مفاجئ إن فيلمها المفضل هو "أسطورة بول وبولا" (The Legend of Paul and Paula)، وهو إنتاج غريب الأطوار في ألمانيا الشرقية صدر في عام 1973 (إلا أنه أُخرج بأسلوب السينما الفرنسية لعام 1968) حول عاشقين تعاكسهما الأقدار في برلين الشرقية. وفي إحدى مشاهد الفيلم، تقول باولا لبول: "سنترك علاقتنا تدوم طالما استمرت؛ ولن نفعل شيئاً لإيقافها أو مساعدتها". وهذا يلخص بالأحرى علاقة الحب السلبية الغريبة بين الألمان وقائدهم.
تفويضات تاتشر
في الواقع، لم يمنح الناخبون "ميركل" قط التفويضات المدوية التي منحها الناخبون البريطانيون لمارغريت تاتشر. فخلال معظم فترة وجودها في منصبها - ثلاث ولايات من أصل أربع - كانت مضطرة للحكم في تحالفات منقسمة كبرى مع الاشتراكيين الديمقراطيين. ومع ذلك، فقد شغلت منصب المستشارة لمدة 16 عاماً - أطول بخمس سنوات من المدة التي قضتها تاتشر كرئيسة لوزراء بريطانيا، وأقل من الفترة التي قضاها "بسمارك" في منصبه (19 عاماً). وفي عهد ميركل، مرّ أربعة رؤساء أمريكيين، وأربعة فرنسيين، وخمسة رؤساء وزراء بريطانيين، وثمانية إيطاليين، وثمانية يابانيين. وكما هو الحال مع باولا وبول، فقد استمرت في عملها لفترة أطول من المتوقع.
بهدف فهم جاذبية ميركل، يجب على المرء أن يعود بالزمن إلى الفترة التي سبقت قيام بسمارك بتحويل الأراضي الألمانية المجزأة إلى إمبراطورية - أي إلى العصر الذي رأى فيه الألمان أنفسهم كما يرون أنفسهم اليوم مرة أخرى: غرباء عن السلطة. وفي عام 1841، صور روبرت ساباتكي "ميشيل الألماني" – وهو رد ألمانيا على جون بول - على أنه الضحية الساذجة لجيران عديمي الضمير أفرغوا جيوبه وسرقوا قميصه. ولطالما تذكرتُ هذه الصورة أثناء أزمة منطقة اليورو. وكلما فكرتُ في الأمر، كلما بدأتُ أرى أن أنغيلا ميركل هي تجسيد لميشيل، بل هي في الواقع، ميركل الألمانية.
أزمة اقتصادية
ووفقاً لخبراء اقتصاديين ألمان مثل هانز فيرنر سين، كان للأزمة تفسير بسيط. ففي حين كان ميشيل الألماني الفاضل يكدح بعيداً، ويُصلح سوق العمل لديه، ويتحكم في تكاليف العمالة في وحدته، ويوازن ميزانيته، كانت البلدان المحيطية الأقل حذراً تلتهم نفسها بالائتمان باليورو الرخيص الذي توفره لها بنوكها بفضل الاتحاد النقدي.
بالتالي، عندما اندلعت الأزمة، كان السؤال هو ما إذا كان يتعين على البنك المركزي الأوروبي والوكالات الأوروبية الأخرى إنقاذ البلدان "المحيطية" على حساب المدخرين ودافعي الضرائب أم لا. وقد تعاطف العديد من الألمان مع حجة "سين" (حتى ولو لم يتبعوها تماماً)، والتي تقول بأن الطريقة التي دعم بها البنك المركزي الأوروبي الاقتصادات المحيطية من خلال نظام التسوية "تارغت 2" (TARGET2) ترقى إلى "اتحاد تحويل سري". وما كان على الأوروبيين الجنوبيين فعله هو ما فعلته ألمانيا بعد عام 2003: تخفيض الأسعار ومستويات الأجور، وبالتالي استعادة القدرة التنافسية المحلية. وكانت هذه لازمة مستمرة في الصحافة الألمانية.
اقرأ أيضا: ألمانيا تأمل في انتعاش الاقتصاد بدعم المساعدات الحكومية
في ذلك الوقت، وعلى غرار الكثيرين غيري، قلتُ إن مثل هذه الحجج لا معنى لها. فقد حكموا على جنوب أوروبا (وخاصة اليونان) بفترة ركود طويلة؛ وقللوا من قدر ما كسبه "ميشيل" من اليورو والمقدار الذي كان سيخسره من انهياره. الجدير بالذكر أن أزمة منطقة اليورو لم تحدث لأن دول جنوب أوروبا فشلت في سن إصلاحات على النمط الألماني لأسواق العمل لديها؛ بل كانت الأزمة (كما جادل آدم توز) أزمة مصرفية عبر المحيط الأطلسي لم تُستثنَ منها البنوك الألمانية، كبيرها وصغيرها، بأي حال من الأحوال.
عمليات الإنقاذ
وبطريقتها الفريدة، استفادت أنغيلا ميركل من استياء ميشيل الألماني من إسراف جنوب أوروبا، ليس بقدر إجبار أية دولة على ترك الاتحاد النقدي، ولكن بما يكفي فقط لضمان حدوث أقصى قدر من الألم مقابل عمليات الإنقاذ التي أبقت اليونان والبرتغال ضمن الاتحاد. حيث جاء أسلوب ميركل على شكل صفقة في اللحظة الأخيرة، والتي عادة ما يتم ترتيبها في ساعات ما قبل الفجر من صباح يوم الاثنين، قبل فتح الأسواق المالية مباشرة. ما عنى أن عمليات الإنقاذ حدثت، ولكن فقط بعد أقصى قدر من عدم اليقين وأقصى قدر من الضرر الاقتصادي.
في هذا الصدد، لخّص ماريو مونتي، رئيس الوزراء الإيطالي التكنوقراطي بين عامي 2011 و2013، الأمر على نحو جيد، حيث اعتاد أن يقول: "في ألمانيا، ما زالوا يعتقدون أن الاقتصاد هو فرع من الفلسفة الأخلاقية".
فضلاً عن ذلك، علّمتنا الأحداث المختلفة تماماً لعام 2020 أن سياسة حافة الهاوية هذه لم تكن ضرورية أبداً - وأن الاتحاد الأوروبي، فيما لو اختار قادته القيام بذلك، كان بإمكانه إنشاء صندوق "الجيل القادم للاتحاد الأوروبي" (NextGenerationEU) وبيع سندات اليورو قبل 10 سنوات من أجل حل هذه الفوضى التي غرقت فيها البنوك. إلا أن هذا كان سيتطلب نوع الرؤية الإستراتيجية التي طالما تجنبتها أنغيلا ميركل، البارعة دوماً في التكتيك.
وحتى في خضم الجائحة، تطلب الأمر من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فرض التكامل المالي الذي طال انتظاره، والذي كان دائماً متضمناً في مشروع العملة الأوروبية الموحدة. وفيما لو نظرنا إلى الوراء، يمكننا أن نرى أن إصرار ميركل - وولفغانغ شوبل - على القيود المالية لألمانيا وكل شخص آخر تسبب في أضرار اقتصادية يمكن تجنبها، وإن لم يكن بالنسبة للألمان.
معضلة اللاجئين
لم يكن هذا هو الخطأ الاستراتيجي الكبير الوحيد في مسيرة ميركل المهنية. فعلى الهواء مباشرة على التلفزيون الألماني في يوليو 2015، تسبّبت ميركل في بكاء لاجئة فلسطينية شابة عندما قالت لها إن عائلتها قد تواجه مصير الترحيل. وأوضحت المستشارة: "هناك الآلاف والآلاف من الأشخاص في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين؛ وإذا قلنا لهم الآن إنه بوسعهم جميعاً القدوم إلينا فلا يمكننا تدبُّر ذلك". لكن بعد ستة أسابيع، فتحت ميركل أبواب ألمانيا بإعلانها: "يمكننا تدبّر ذلك".
علاوةً على ذلك، قُدّمت جميع أنواع التفسيرات التاريخية لتغيير الفكر في حقبة ميركل، بما في ذلك نشأتها في ألمانيا الشرقية ووالدها اللوثري. من يعرف؟ وفي مواجهة دموع ريم سحويل، كان رد فعل المستشارة هو محاولة اندفاعية لتهدئتها، تلاها انعطاف هائل أحادي الجانب، كان عليها لاحقاً عكسه. وهذه واحدة من تلك النوادر في السياسة: دوران كامل بزاوية 360 درجة.
اقرأ أيضا: ما حقيقة تباطؤ حركة الهجرة العالمية؟
في التاريخ، دائماً ما تكون الدوافع أقل أهمية من العواقب. حيث أدى قرار ميركل إلى زيادة قدرها 1.2 مليون طلب لجوء في عامي 2015 و2016، حوالي ثلثها من سوريين. وكان هذا أكثر من ضعف عدد المتقدمين في السنوات الست السابقة. حيث تراوحت أعمار ثلاثة أرباع طالبي اللجوء بين 30 سنة أو أقل؛ 60% منهم من الذكور. وتمت الموافقة على حوالي نصف الطلبات، وترحيل حوالي 80,000 فقط من الذين رُفض طلبهم بحق اللجوء. كما أن حوالي 76% من اللاجئين المقبولين كانوا من المسلمين.
وتبقى العواقب طويلة المدى لهذا التدفق الجماعي للاجئين غير مرئية. فوفقاً لـِ "مركز بيو للأبحاث" (Pew Research Center)، يمكن أن يتراوح عدد السكان المسلمين في ألمانيا (الذي كان 6% في عام 2016) بين 8.7% و19.7% بحلول عام 2050، اعتماداً على معدل الهجرة في المستقبل (ناهيكم عن الاتجاهات في معدلات المواليد). ومع ذلك، فإن العواقب على المدى القصير واضحة، فكما أوضحت زوجتي أيان هيرسي علي في كتابها "الفريسة" (Prey)، ساهم تدفق الشباب من البلدان ذات الأغلبية المسلمة بشكل كبير في موجة الجرائم الجنسية المرتكبة ضد النساء الألمانيات، ومنها الاعتداءات الجماعية في كولونيا عشية رأس السنة الجديدة 2015-2016، والتي ذُكرت بشكل أكثر انتشاراً من غيرها.
مما لا شك فيه أن هذا إنجاز غريب للسيدة المحافظة التي قالت في أكتوبر 2010 أمام اجتماع للأعضاء الأصغر سناً في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في بوتسدام إن محاولات بناء مجتمع متعدد الثقافات في ألمانيا قد "فشلت تماماً".
خروج بريطانيا
كذلك امتدت العواقب غير المقصودة لأزمة الهجرة إلى ما وراء الأمان في شوارع ألمانيا والأماكن العامة الأخرى. حيث أثّر مشهد الفقدان الكامل للسيطرة على الحدود الأوروبية بشكل كبير على المناقشات في بريطانيا حول البقاء في الاتحاد الأوروبي من عدمه. وكما أشار ديفيد كاميرون بحزن، قال العديد من الناخبين البريطانيين الذين كانوا يشاهدون المشاهد على الحدود الألمانية في نشرة الأخبار المسائية لأنفسهم: "أخرجونا من هنا!".
ولم تفعل ميركل ما يكفي لمساعدة كاميرون على الفوز في الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. حيث عرضت عليه تنازلات مثيرة للسخرية بشأن حرية تنقل الأشخاص عندما كان في أمس الحاجة إلى صفقة حقيقية. وما يزال العديد من الألمان يعتقدون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان عملاً من أعمال إيذاء النفس البريطاني؛ حيث يُقلّلون من شأن الضعف طويل الأجل للاتحاد الأوروبي والذي سينتج في نهاية المطاف عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا: لحظة بلحظة.. كيف سارت مفاوضات الأيام الأخيرة للتوصل إلى اتفاق "بريكست"؟
على مدى العقد والنصف الماضيين، كانت أنغيلا ميركل الشخصية المهيمنة في السياسة الأوروبية. ومع ذلك، فقد شجعت طوال ذلك الوقت بطريقة ما الألمان على التفكير فيها - وبأنفسهم - على أنهم ميشيل الألماني القديم في حقبة فورمايرز، أي تلك الشخصية التي تتسم بالبساطة الجامدة في "بيدرمير"، والتي صُدمت باستمرار من الخداع والابتزاز اللذين يمارسان ضدها من قبل جيرانها الماكرين.
بالطبع، فإن أنغيلا ميركل لا ينقصها المكر. حيث وصفها وزير دفاعها السابق، كارل ثيودور زو غوتنبرغ، ذات مرة بأنها خبيرة تكتيكية رفيعة المستوى، عوّضت مهارتها الشخصية في المناورة - وعبقريتها في تعظيم خياراتها والقضاء على المنافسين - عن افتقارها إلى الإستراتيجية. كما أن إحدى نتائج هذه الموهبة الفلورنسية هي تدني مستوى الشخصية التي ظهرت في نهاية المطاف كخليفة لها، المرشح المخيب للآمال لمنصب مستشار الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أرمين لاشيت.
الخمول الألماني
ومع ذلك، هناك نتيجة أوسع وأعمق؛ حيث يظهر ميشيل في نهاية عهد ميركل كشخصية ضعيفة ومحبطة بشكل غريب. فالدولة تقود العالم بتقنيات القرن الماضي. وحتى بعد زيادة نسبة السكان المولودين في الخارج من 8% إلى ما يقرب من 14%، ما يزال المستقبل الديموغرافي لألمانيا يشبه اليابان أكثر مما يشبه أمريكا.
أضف إلى ذلك، كانت الحياة الفكرية للجامعات الألمانية موضع حسد العالم في الفترة من ثمانينيات القرن التاسع عشر إلى عشرينيات القرن الماضي. واليوم، أصبحت مدينة واحدة فقط - ميونيخ - من بين أفضل 50 جامعة عالمية في تصنيف "يو إس نيوز آند وورلد ريبورت" (U.S. News & World Report). علاوةً على ذلك، قبل عشرين عاماً كنتُ مهتماً بقراءة صحيفتي "دي تسايت" و"دير شبيغل"، لكن اسمحوا لي بأن أكون صريحاً بشكل فظ: نادراً ما أُكلف نفسي الآن عناء قراءتهما لأن محتواهما كله تقريباً أصبح ضيق الأفق بشكل كئيب.
هل هناك كاتب ألماني معاصر يستحق أن يذكر في نفس سياق كازو إيشيغورو أو ليو سيسين؟ حتى الدوري الألماني المحبوب لميركل يشاهده عدد أقل بكثير من مشجعي كرة القدم حول العالم، مقارنة بالدوري الإنجليزي الممتاز. لماذا؟ لأنه ممل (خسر المنتخب الألماني، أمام إنجلترا الصيف الماضي).
وفي ظل مغادرة أنغيلا ميركل لمنصبها - بدون هزيمة، وبفوز لأربع مرات - سيُحيّي معظم الصحفيين الناطقين بالإنجليزية إنجازها السياسي. ولكن أن تكون في السلطة لا يعني أن تقود. فقبل عشر سنوات، أعلن السياسي البولندي رادوسلاف سيكورسكي: "أخشى القوة الألمانية أقل مما أخشى عدم النشاط الألماني". وكان محقاً في قلقه.
حيث أدى التجسيد الأنثوي لميشيل الألماني إلى توقف عجلة التاريخ الألماني. وبعد طوفان المهاجرين، وجائحة مميتة، والفيضانات الفعلية، ما يزال المطلوب لإعادة تدوير عجلة هذا التاريخ غير واضح.