عقارات أستراليا ثروة بـ7 تريليونات دولار.. هل تتجاوز أزمة "كورونا"؟

كثير من الناس الذين يعيشون داخل شقق في سيدني وملبورن يتطلعون لمساكن أكبر - المصدر: بلومبرغ
كثير من الناس الذين يعيشون داخل شقق في سيدني وملبورن يتطلعون لمساكن أكبر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تواجه سوق الإسكان الأسترالية، التي تبلغ قيمتها 7.1 تريليون دولار أسترالي اختبار "الإجهاد الأقصى"، المتمثل بالركود الأول منذ ثلاثة عقودٍ تقريباً، ويبدو أنها في طريقها لتخطي هذا الاختبار بتفوق.

توقّع خبراء الاقتصاد سابقا، أن تتعثّر أسعار العقارات بنسبة 10% أو أكثر مع انتشار كوفيد-19 في أستراليا، أما الآن، فهم يتسابقون لعكس هذه التوقعات إلى مكاسب بنسبة 5 إلى 15% في السنوات المقبلة، كما تحوّل واضعو السياسات من القلق بشأن هبوط الأسعار إلى التأهب للوفرة المفرطة.

من الانكماش إلى الفقاعة؟

لقد أظهر مزادٌ أُقيم يوم الأحد في إحدى ضواحي سيدني هذا المزاج المتفائل بوضوح، حيث اجتمع حوالي 30 شخصاً أمام مدخل منزل مصمم على الطراز الفيكتوري مؤلف من أربعة غرف نوم، معروض للبيع في مزاد علني.

واستهل الراغبون في الشراء، والذين يتنوعون بين شباب محترفين وأشخاص في منتصف العمر، المزاد بمبلغ 2.4 مليون دولار أسترالي، وتصاعدوا حتى وصل السعر النهائي إلى 2.7 مليون دولار أسترالي.

إنها ديناميكية تنتشر في بلدانٍ أخرى، حيث تغذي أسعار الفائدة المنخفضة أسعار الممتلكات. لكن في حين أن قوة قطاع الإسكان أمر جيد لتعافي الاقتصاد، فإنه بالنسبة لعمالقة الإسكان، الذين تبيّن أنهم على خطأ بشكل متكرر على مدى طويل من الزمن في أستراليا، فإن المكاسب الإضافية قد تغذي الفقاعة المقدر لها أن تنفجر في أحد الأيام، مخلفةً كمية من الديون المعدومة.

القروض العقارية

وتُعدُّ سجلات الإقراض في المصارف الأسترالية من بين الأكثر انكشافاً على الرهون العقارية في العالم، حيث تساوي قروض الإسكان في أكبر أربعة مصارف حوالي 75% من الناتج المحلي القومي للبلاد والبالغة قيمته حوالي تريليونيّ دولار أسترالي.

ويقدّر مكتب الإحصاءات أن قيمة الأبنية السكنية في أستراليا وصلت إلى 7.1 تريليون دولار أسترالي في الربع الثاني من العام الحالي المنتهي في يونيو، عندما ارتفع المتوسط الموزون للأسعار في عواصم الولايات بنسبة 6.2% عن العام السابق.

وراء هذه الفورة، تقف أسعار فائدة بمستويات غير مسبوقة. حيث تُقدّم ثلاثة من بين أكبر أربعة مصارف في البلاد قروضاً عقارية بأسعار فائدة ثابتة دون 2%، من ضمنها بنك HSBC الذي وصل سعر الفائدة لديه إلى 1.88%؛ وفقاً للوسيط العقاري "Mortgage Choice".

وتمّ تيسير ذلك من خلال خفض بنك الاحتياطي الأسترالي لنسبة فائدته إلى 0.10%، بالإضافة إلى برامج شراء السندات والإقراض المصرفي التي أطلقها، والتي تهدف إلى خفض تكاليف الاقتراض لكافة القطاعات.

وتقول سوزان ميتشل، المديرة التنفيذية في "Mortgage": "أعتقد أننا في موقع لم يكن أحد ليعتقد أننا سنكون". مُضيفةً: "هناك الكثير من الحوافز. أنا قلقة قليلاً بشأن ارتفاع الأسعار".

الديون تحت المجهر

بحسب تحليل لبنك الاحتياطي الأسترالي، فإنه حتى عندما يسجل الاقتصاد انكماشاً بنسبة 20%، وترتفع نسبة البطالة إلى 20%، لن تخرق المصارف الحد الأدنى المطلوب من رأس المال الاحتياطي. مُعتبراً أن "احتمال أن يشهد أي بنك إفلاساً ضئيل جداً".

ويوضح بنك الاحتياطي الأسترالي أن خفض نسبة البطالة هي أولويته حالياً، بدلاً من القلق من أسعار الممتلكات. وقال الحاكم فيليب لوي إن غياب الزيادة السكانية، مع استمرار إغلاق الحدود الدولية، يغيّر ديناميكيات سوق الإسكان. كما أنه لا يعتقد أنه من الممكن حصول زيادة غير مستدامة في أسعار العقارات السكنية. إلا أن هناك أدوات في حال تغيّر الوضع.

وأضاف لوي خلال حلقة نقاشٍ في المنتدى الاستراتيجي الأسترالي 2020: "نعلم من خلال خبرتنا في السنوات الأخيرة أن أدوات التحوّط الكلّي يمكنها أن تحد من نمو الديون بآلية مستقرة. وعليه، فإنها مسألة نراقبها بعناية، ولكنني غير قلق بشأنها بشكل خاص حالياً".

بالمقابل، ففي نيوزيلندا، حيث تسجل أسعار المساكن في بعض المناطق مكاسب بأرقام مزدوجة، رغم أسوأ ركود منذ قرن، يتوقع خبراء الاقتصاد أن يتم فرض قيود على "نسبة القروض إلى قيمة العقار" أوائل العام المقبل.

وتبدي فيونا غوثري، المديرة التنفيذية لـ"Financial Counselling Australia"، قلقها من أن يجد المزيد من الأشخاص في نهاية المطاف أنفسهم تحت ضغط مالي نتيجة التسهيلات المالية.

وترى أن "معايير إقراض أضعف، تعني أن الناس سيصبحون مثقلين بأكثر قدر ممكن من الديون". وتضيف: "هناك أرباحٌ كبيرة قد تنتج عن دفع المقترضين إلى الهاوية".

كورونا حافز للتغيير

إن سوق الإسكان الأسترالية ليست منتظمة، تماماً كطبيعة التعافي الاقتصادي المتفاوتة. فمؤخراً، يبحث العديد من الأشخاص الذين يعيشون في شقق داخل المدن مثل سيدني وملبورن عن مساحة إضافية.

ويشير جون ماك غارث، المدير التنفيذي للوكيل العقاري "McGarth": "أصبح هذا الفيروس حافزاً للتغيير، لإعادة تصميم منازلنا وإعادة النظر في المكان الذي نريد العيش فيه".

مثل هذا التغيير، كانت نتيجته انهياراً في إيجارات وأسعار الشقق، ومن المتوقع حدوث المزيد من الانهيار مع اكتمال المباني السكنية التي لا تزال قيد الإنشاء. ومن غير المحتمل أن يؤذي ذلك البنوك الأسترالية، التي ابتعدت عن متعهدي البناء خلال الفترة الأخيرة التي شهدت إفراطاً في البناء. إلاّ أنه يؤثر على صغار المستثمرين.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أسرٌ مازالت تسدد أقساط الرهن العقاري المؤجلة بسبب فقدانها لعملها خلال الإقفال التام بسبب كورونا. وعليه، عندما تنتهي "عطلة" تسديد القروض في وقتٍ ما من السنة المقبلة، قد يُجبرون على البيع.

إن بطل العالم في ركوب الأمواج بالطائرة الورقية إيوان جاسبان هو من روّاد التغيير الجذري في عالم العقار السكني، إذ أن العيش في شقة صغيرة في "سانت كيلدا" – ملبورن طوال الوقت مع مساحة خارجية محدودة لم يكن مثالياً، لذا غادر قبل بضعة أشهر مع صديقته إلى كوينزلاند الاستوائية. كانت خطته تهدف في الأساس إلى المكوث هناك لأسبوعين أو ثلاثة، لكنها تحولت إلى مسكن دائم. ويقول: "يعمل الكثير من الناس عن بّعد أصلاً، فلماذا عليّ إذاً أن أسكن في شقة صغيرة في المدينة بينما بإمكاني أن أمتلك مسكن مع حديقة ومساحة خارجية على البحر؟"

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات