أجمعت التوقعات الصادرة عن بنوك الاستثمار ومراكز البحوث في المغرب على سيناريو الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 3% دون تغيير، وذلك للمرة الخامسة توالياً، خلال اجتماع مجلس بنك المغرب المرتقب غداً الثلاثاء.
كان "المركزي" بدأ دورة التشديد النقدي في سبتمبر 2022 برفع الفائدة ثلاث مرات بإجمالي 150 نقطة أساس، لكبح أكبر موجة تضخم شهدها المغرب منذ تسعينيات القرن الماضي. وقرر التوقف عن الرفع في يونيو من العام الماضي مع ترقب عودة التضخم إلى المستهدف.
سجلت أسعار المستهلكين في مايو الماضي 0.4% على أساس سنوي، وفقاً للمندوبية السامية للتخطيط، وهو أدنى مستوى شهري للتضخم منذ أغسطس 2021، ما يؤشر على أن وتيرة ارتفاعه عادت إلى مستويات عادية.
تأثير رفع سعر غاز الطهي
إدريس الفينة، المحلل الاقتصادي ورئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية، رجّح في حديث لـ"الشرق"، أن يبقي "المركزي" سعر الفائدة دون تغيير؛ "لأن الظروف لم تتغير كثيراً منذ الاجتماع الفصلي السابق" لمجلس بنك المغرب.
بالنسبة لـ35 كياناً مالياً الأكثر تأثيراً في السوق المغربية، فإن توقُّع إبقاء الفائدة دون تغيير للمرة الخامسة على التوالي مرجح بقوة من قِبل 93% منهم، وفقاً لنتائج الاستطلاع الدوري الذي أجراه مركز "التجاري للأبحاث" التابع لـ"التجاري وفا بنك"، أكبر مجموعة مصرفية في المملكة.
بدوره، يرى يوسف كراوي، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، في حديث لـ"الشرق" أن المركزي لن يغير الفائدة، وسينتظر الاجتماع الفصلي المقبل لمراقبة تطور وتيرة التضخم بعدما قامت الحكومة في مايو برفع أولي لسعر أسطوانات غاز الطهي بواقع 10 دراهم (1 دولار)، وستستمر في ذلك خلال السنتين المقبلتين بنفس الزيادة.
هذا التوقع يتوافق مع الاستطلاع الدوري الذي أنجزه مركز الأبحاث والتحليلات المالية "BMCE"، التابع لـ"بنك أفريقيا"، حيث خلص إلى أن هناك إجماعاً من قِبل المؤسسات المالية على قرار مرتقب بإبقاء الفائدة دون تغيير في الاجتماع المرتقب الثلاثاء.
يأتي اجتماع بنك المغرب المركزي في ظروف عالمية اختلفت فيها قرارات الفائدة، فالبنك المركزي الأوروبي خفض الفائدة بنحو 25 نقطة أساس في آخر اجتماع له إلى 4.25%، بينما أبقى الفيدرالي الأميركي الفائدة ما بين 5.25% و5.5% دون تغيير حتى نهاية العام.
انتصار هش ضد التضخم
يرى محللو مركز "BMCE" أن الانتصار ضد التضخم في المغرب لا يزال هشاً، فرغم انخفاضه في الأشهر الأولى من العام إلى ما دون 1% إلاّ أن هناك عوامل قد تؤجج الضغوط التضخمية وتستدعي المراقبة.
أبرز هذه العوامل تأثير الدعم النقدي الموجه للأسر الضعيفة بقيمة 500 درهم شهرياً على الأقل، وتداعيات الرفع التدريجي لسعر أسطوانات غاز الطهي بنسبة 25% منذ مايو الماضي، حيث يرجح المحللون أن تظهر أولى تأثيرات هذا القرار في سبتمبر المقبل.
رغم عودة وتيرة التضخم إلى مستويات متدنية، فإن بنك المغرب يختار سياسة تتسم بالتأني، بحسب كراوي، الذي أشار إلى أن "البنك المركزي لا يقوم بتفاعل سريع، لذلك سيتريث حتى الاجتماع الفصلي المقبل لرؤية مسار تطور الأسعار".
من جهته، ينوّه الفينة بأن اجتماع بنك المغرب غداً "يأتي في سياق تطبعه نفس ظروف الاجتماع السابق، فأسعار النفط مازالت عند المستويات عينها، وحالة عدم اليقين التي تسود الأسواق العالمية مستمرة، مع غياب رؤية واضحة حول آفاق الاقتصاد المحلي على المدى المتوسط، ناهيك عن تداعيات موسم زراعي جاف ستنتج عنه زيادة استيراد السلع الغذائية بما سيرفع أسعارها".
يتوقع بنك المغرب المركزي تسجيل التضخم هذا العام 2.2%، بعدما كان سجل 6.1% العام الماضي و6.6% في 2022، مقابل متوسط 1.5% خلال العقدين الماضيين.