يسعى البنك المركزي التركي، الذي تعرض لانتقادات يوماً ما بسبب بيع احتياطياته لدعم الليرة، أن يتخذ مساراً عكسياً من أجل وقف الارتفاع المفرط لقيمة العملة.
لكن علاج ما وصفه وزير المالية محمد شيمشك بأنه ارتفاع مفرط لقيمة العملة يتمثل في إغراق النظام المالي بسيولة بمئات المليارات من الليرات والذي سيضطر البنك المركزي الآن إلى التخلص من آثاره. بلغ إجمالي مشتريات البنك من النقد الأجنبي 43 مليار دولار في الأسابيع الأربعة الماضية عند تعديلها وفقاً لتأثيرات التقييم، بحسب "غولدمان ساكس غروب".
النتيجة هي عملة مُدارة تشبه اليوان الصيني والروبية الإندونيسية، وفقاً لبنك "إس إي بي" (SEB AB). ومنذ تراجع الليرة قبل الانتخابات المحلية في مارس، ارتفعت العملة التركية بحوالي 0.4% فقط مقابل الدولار، مقارنة بمكاسب تزيد عن 2% لعملة مثل راند جنوب أفريقيا.
قال الاقتصاديان في "غولدمان" كليمنس غراف وباشاك إديزجيل: "المشكلة التي تواجه البنك المركزي التركي تحولت من ضعف سعر الصرف إلى صعوبة تجنب الارتفاع الاسمي وسط تزايد التدفقات الأجنبية وموسمية الحساب الجاري الأكثر ملاءمة، والتخلص من مشتريات العملات الأجنبية".
تأثير أسعار الفائدة المحلية
يعد الضغط على الليرة بغرض رفع قيمتها في حد ذاته أثراً جانبياً لأسعار الفائدة المحلية التي تعد الأعلى بين دول مجموعة العشرين، حيث يحاول صناع السياسة النقدية السيطرة على تزايد الأسعار بما يتجاوز 70%.
قال محافظ البنك المركزي فاتح كاراهان يوم الجمعة إن السياسة النقدية يجب أن تكون متشددة حتى تنخفض توقعات التضخم، مع توقع بتراجع أسعار الفائدة من قبل معظم الاقتصاديين في موعد لا يتجاوز الربع الأخير من العام.
أتاحت التوقعات فرصة هائلة لتجارة المراجحة بالنسبة إلى المستثمرين الذين يقترضون بأسعار الفائدة منخفضة واستثمارها في المناطق التي تشهد معدلات مرتفعة. زادت التدفقات الداخلة إلى تركيا المرتبطة بتجارة الفائدة بنحو 16 مليار دولار منذ الانتخابات المحلية التي أُجريت في شهر مارس، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".
وفقاً لـ"غولدمان ساكس"، سوف تستمر التدفقات الأجنبية طالما أن توقعات التضخم المرتفعة تؤدي إلى تأخير تخفيضات أسعار الفائدة. قال الاقتصاديون إن هذا الأمر يضع الليرة تحت "ضغط ارتفاع كبير في القيمة، على الرغم من أن العملة ليست رخيصة بالقيمة الحقيقية".
"الربع الثاني الضعيف لليرة، إلى جانب فروق أسعار الفائدة التي من المرجح أن تتسع أكثر لصالحها، يشير إلى توقعات مستقرة نسبياً للعملة التركية. وعليه، فإننا نتوقع أن يستمر تزايد التدفقات المرتبطة بتجارة الفائدة في تركيا على المدى القريب". — سيلفا بهار بازيكي، خبيرة اقتصادية.
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
بناء الاحتياطي المتراجع
يتيح تدفق رؤوس الأموال إلى تركيا للبنك المركزي إعادة بناء احتياطيه المتراجع من العملة الصعبة. لكنه لم يسحب بالكامل الليرات التي تم ضخها في الاقتصاد، مما اضطر صناع السياسات إلى إدخال إجراءات التعقيم النقدي بعد إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس.
هناك مصدر قلق آخر يتمثل في أن "الليرة الخاضعة للسيطرة" تخلق "حوافز مشوهة لزيادة الواردات"، وفق إريك ميرسون، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في بنك "إس إي بي". قال في مذكرة بحثية: "بالإضافة إلى احتياطيات البنك المركزي المحدودة نسبياً، قد لا يكون هذا النهج مستداماً على المدى الطويل".