سجلت المطلوبات من المصارف التجارية في لبنان نحو 88 مليار دولار أميركي وفق حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، الذي أشار إلى أن المركزي بصدد طرح طريقة جديدة لتقسيم أموال المودعين العالقة منذ بداية الأزمة في 2019.
ومن باب المقارنة، فإن المطلوبات من المصارف كانت في نهاية عام 2022، نحو 130.4 مليار دولار على أساس سعر صرف 1507 ليرات للدولار، وفقاً لجمعية المصارف اللبنانية.
منصوري أشار في مقابلة مع "الشرق" على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، إلى أن المصرف المركزي يحضر لطرح أفكار جديدة تتعلق بطريقة تقسيم أموال المودعين، موضحاً أنه كلّف مديرية الإحصاء في المركزي لدراسة هذه الودائع وتقسيمها بشكل أفضل بشكل يتناسب مع كل فئة من الفئات.
منصوري لم يدخل في تفاصيل الفئات، إلا أنه أشار إلى أن إحدى هذه الفئات سيُعامل أصحابها بصفتهم مستثمرين بدلاً من كونهم مودعين، وبالتالي سيتم "إعادة أموالهم على أساس طرق مالية يفهمونها ويقبلون بها".
يشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً، وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، ومنعت المصارف أصحاب الودائع من الحصول على كامل ودائعهم.
ولجأ المركزي إلى إصدار تعميمين للسحب من الودائع العالقة، الأول يحمل الرقم 158 ويسمح بسحب 300 إلى 400 دولار أميركي، والثاني يحمل الرقم 166 ويسمح بسحب 150 دولاراً فقط.
منصوري أشار إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية وخصوصاً في ظل القصف المتبادل بين "حزب الله" وإسرائيل في الجنوب وتأثيراته على الاقتصاد، لا تسمح بتوسيع إطار المستفيدين أو القيمة، ولكنها "مرشحة للتغيير حسب تطور الأمور".
4 عوامل رئيسية
حاكم مصرف لبنان بالإنابة رأى أن الخروج من أزمة الودائع يتطلب 4 عوامل رئيسية، الأول يتمثل في المحاسبة عبر "القضاء اللبناني فقط"، والثاني يتمثل في وضع خطة واضحة لإعادة أموال المودعين.
أما العنصر الثالث فهو إعادة بناء قطاع المصارف، ليلعب دوراً في التسليف كحد أدنى، وأخيراً إعادة هيكلة الدولة وبنائها. وشدد على أنه "لا خيار للبلد إلا بتنفيذ كل هذه العوامل".
البحث عن مصادر تمويل
زادت التوترات الجيوسياسية في المنطقة وخصوصاً الحرب الإسرائيلية على غزة، من الاضطرابات في بلد كان يراهن على الموسم السياحي لدعم الاقتصاد وتحقيق النمو.
منصوري أشار إلى أن الاستقرار النقدي الحاصل نتيجة ضبط الكتلة النقدية بالليرة، وعدم ضخ الدولار إلا من خلال الدولة، وخلق توازن بين الاقتصاد المدولر والاقتصاد بالعملة المحلية، لا يكفي لبناء الاقتصاد، مشيراً إلى أن العمل كان قد بدأ على بناء الاقتصاد حسب الإمكانات المتاحة، ولكن "الظروف الإقليمية أثرت" على هذه العملية، خصوصاً أن "إمكانية توقع ما سيحصل في المستقبل غائبة".
أضاف أن تطور الأوضاع الجيوسياسية سيحتم على الحكومة البحث عن مصادر تمويلية أكبر لتغطية أي مصاريف إضافية، "لأنني لن أمول هذه المصاريف الإضافية".
ولكنه نبه في الوقت ذاته أن قدرة الحكومة محدودة، لأن نصف الموازنة الموضوعة مخصص للرواتب، "ما يعني أن النصف الآخر هو ما يمكن التحكم به".
نتيجة الأزمة، انخفض حجم الاقتصاد اللبناني من حوالي 55 مليار دولار، إلى نحو 20 مليار دولار، كما انخفضت موازنة الدولة من 17 مليار دولار إلى نحو 3.2 مليار دولار، وفق منصوري.