أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للمشرعين أن البنك المركزي الأميركي لن يتعجل لخفض أسعار الفائدة حتى يقتنع صناع السياسة النقدية بأنهم فازوا في معركتهم بشأن التضخم.
وفي شهادته المعدة أمام لجنة بمجلس النواب، يوم الأربعاء، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إنه سيكون من المناسب على الأرجح البدء في خفض تكاليف الاقتراض "في وقت ما هذا العام"، لكنه أوضح أنهم (صناع السياسة النقدية) ليسوا مستعدين بعد.
هذه التصريحات تكرر رسالة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي كافةً على مدار الأسابيع الأخيرة: الاقتصاد وسوق العمل قويان، مما يعني أن لدى صناع السياسة النقدية الوقت لانتظار المزيد من الأدلة على أن التضخم يتجه نحو هدفهم قبل خفض أسعار الفائدة.
"لا تتوقع اللجنة أنه سيكون من المناسب خفض النطاق المستهدف حتى تكتسب ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%"، وفق ما جاء بتصريحات موجزة معدة للإدلاء بشهادته أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب في الساعة 10 صباحاً يوم الأربعاء.
ويتواجد رئيس الاحتياطي الفيدرالي في الكابيتول هيل في أول يومين من شهادته نصف السنوية بشأن السياسة النقدية، ومن المقرر أن يمثل أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ يوم الخميس.
ويخوض مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الجولات الأخيرة من المعركة الشرسة لاحتواء التضخم. بعد رفع سعر فائدة التمويل القياسية لدى الاحتياطي الفيدرالي أكثر من خمس نقاط مئوية بدءاً من مارس 2022، حافظوا على أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها منذ يوليو وسط تخفيف ضغوط الأسعار.
جدل موعد خفض الفائدة
يتجادل محافظو البنوك المركزية الآن بشأن متى وإلى أي مدى ينبغي عليهم خفض أسعار الفائدة. ويخشى المسؤولون أن يؤدي التخفيض في وقت مبكر إلى زيادة النشاط الاقتصادي الذي يبقي التضخم فوق 2%، وهو المعدل الذي يرونه مناسباً لاقتصاد سليم. ومن جانب آخر، قد يؤدي إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة طويلة للغاية إلى خطر دفع الاقتصاد إلى الركود.
وقال باول في تصريحاته المعدة مسبقاً، مكرراً النبرة المستخدمة في مؤتمره الصحفي الأخير في 31 يناير: "نعتقد أن سعر الفائدة ربما وصل إلى ذروته في دورة التشديد هذه. وإذا تطور الاقتصاد على نطاق واسع كما هو متوقع، فمن المرجح أن يكون من المناسب البدء في تخفيف قيود السياسة النقدية في وقت ما من هذا العام. ولكن التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة، كما أن التقدم المستمر نحو تحقيق هدف التضخم عند 2% ليس مضموناً".
تباطأ معدل التضخم إلى 2.4% للأشهر الـ12 المنتهية في يناير، منخفضاً عن ذروته البالغة 7.1% في يونيو 2022. لكن ضغوط الأسعار تسارعت بدءاً من ديسمبر، كما لا يزال المؤشر الأساسي الذي كثيراً ما يستشهد به باول -أسعار الخدمات باستثناء المأوى والطاقة- أعلى من معدلاته قبل الوباء.
وفي الوقت نفسه، ظل الطلب على العمال قوياً، إذ أضاف أصحاب العمل 353 ألف وظيفة في يناير، ويتوقع الاقتصاديون إضافة 200 ألف وظيفة أخرى في فبراير.
وقال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إن أسعار الفائدة المرتفعة ستواصل التدفق في الاقتصاد، وتؤدي في النهاية إلى تباطؤ النمو، الذي كان قوياً بشكل مدهش خلال العام الماضي. ومع ذلك، رفع بعض المحللين تقديراتهم للناتج الاقتصادي في الربع الأول، بسبب توقعات ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي.
استجاب صناع السياسات النقدية للقوة المفاجئة للاقتصاد عبر الإشارة إلى أنهم سيبقون أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، وبمجرد أن يبدؤوا في خفضها، فمن المحتمل أن يخفضوها بوتيرة أبطأ وربما أقل انتظاماً مما كانت عليه في الماضي.
ومنذ اجتماعهم في يناير، رفض المسؤولون بقوة التوقعات بأنهم سيخفضون أسعار الفائدة في اجتماعهم يومي 19 و20 مارس. ويراهن المستثمرون الآن على أن التخفيض الأول لسعر الفائدة سيحدث في يونيو. ويتوقعون أيضاً خفض المعدلات ثلاث وأربع مرات هذا العام، وذلك تماشياً مع متوسط توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر. وسيصدر صناع السياسة النقدية توقعاتهم المحدثة في اجتماعهم هذا الشهر.
وفي الوقت نفسه، بدأ صبر المشرعين الديمقراطيين ينفد تجاه البنك المركزي الأميركي قبل انتخابات نوفمبر. إذ حث شيرود براون، رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الذي يخوض معركة صعبة لإعادة انتخابه في ولاية أوهايو، الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة "في وقت مبكر من العام الحالي" في رسالة بتاريخ 30 يناير إلى باول، بحجة أن أسعار الفائدة المرتفعة تضر الشركات الصغيرة وتصعب ملكية المنازل على العديد من الأميركيين.