أشار معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي إلى المخاوف بشأن التحرك بسرعة كبيرة جداً لخفض أسعار الفائدة، مما يشير إلى أن هذه المخاطر تفوق إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة طويلة جداً.
كشف محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يومي 30 يناير و31 يناير أن صناع السياسات النقدية ما زالوا منتبهين لمسار التضخم، وسط قلق البعض من احتمال توقف التقدم نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%. وقد عزز هذا المحضر تفضيل الاحتياطي الفيدرالي رؤية مزيد من الأدلة على أن التضخم يسير بقوة على مسار هبوطي.
واتفق مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على أن تكاليف الاقتراض يرجح أن تكون في ذروتها، لكن التوقيت الدقيق للخفض الأول لأسعار الفائدة ظل غير واضح.
"أشار معظم المشاركين إلى مخاطر التحرك بسرعة كبيرة لتخفيف موقف السياسة النقدية، وشددوا على أهمية التقييم الدقيق للبيانات الواردة للحكم على ما إذا كان التضخم يتحرك بشكل مستدام إلى 2%"، وفق ما ورد بمحضر الاجتماع الصادر يوم الأربعاء.
من جانب آخر، أشار "اثنان" فقط من المسؤولين إلى المخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد نتيجة للانتظار لفترة طويلة قبل خفض الفائدة.
وأظهر المحضر أن "المشاركين سلطوا الضوء على حالة عدم اليقين المرتبطة بالمدة التي سيلزم فيها الحفاظ على موقف السياسة النقدية التقييدية".
جاءت البيانات الاقتصادية مفاجئة إلى حد كبير منذ الاجتماع الأخير للبنك المركزي، مما أدى إلى تعطيل التباطؤ السريع في التضخم الذي شهدناه في نهاية 2023، ومؤكدةً صحة النهج الحذر الذي يتبعه الاحتياطي الفيدرالي.
تضخم كشوف الأجور
عزز أصحاب العمل في الولايات المتحدة كشوف الأجور بأكبر قدر خلال عام، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك بأكثر من المتوقع في جميع المجالات. ويتوقع الاقتصاديون أن يرتفع المؤشر الأكثر متابعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي للتضخم الأساسي -المتوقع صدوره الأسبوع المقبل- بأسرع وتيرة منذ أوائل 2023.
ونتيجة لذلك، قلصت الأسواق بشكل كبير توقعاتها بشأن التخفيضات المبكرة والسريعة في أسعار الفائدة، إذ يراهن المتداولون في سوق العقود الآجلة الآن على أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة لأول مرة في يونيو. ويتوقع المستثمرون أيضاً إجراء ثلاثة إلى أربعة تخفيضات في 2024، وهي وتيرة تتماشى أكثر مع متوسط توقعات صناع السياسات في ديسمبر.
ويُنتظر أن يُحدّث مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة والاقتصاد في اجتماعهم يومي 19 و20 مارس. قبل هذا التجمع، ستتاح لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الفرصة لتقديم أفكار جديدة حول التوقعات عندما يدلي بشهادته أمام الكونغرس في أوائل مارس.
صوّت صناع السياسة النقدية بالإجماع على الحفاظ على أسعار الفائدة دون تغيير في نطاق يتراوح بين 5.25% إلى 5.5% الشهر الماضي، فيما تم إجراء تعديلات بيانهم الصادر بعد الاجتماع. أسقط البنك المركزي الإشارة إلى "تأكيد" السياسة الإضافية المحتملة، وأشار بدلاً من ذلك إلى أنه لن يكون من المناسب خفض أسعار الفائدة دون "ثقة أكبر" بشأن مسار التضخم.
وقال باول في وقت سابق من هذا الشهر إنه من غير المرجح أن يصل صناع السياسة النقدية إلى هذا المستوى من الثقة بحلول اجتماع البنك المركزي في مارس.
الميزانية
من جهة أخرى، أشار محضر الاجتماع إلى أن بعض المسؤولين قالوا إنه قد يكون من المناسب البدء في إبطاء وتيرة خفض الميزانية العمومية، وهي عملية تعرف باسم التشديد الكمي.
على خلفية انخفاض الأرصدة المتاحة في تسهيلات إعادة الشراء العكسي لليلة واحدة التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي -وهي أداة رئيسية للسيولة في الأسواق- اقترح العديد من المشاركين أن تجري اللجنة مناقشة متعمقة حول الميزانية العمومية في اجتماع مارس، الأمر الذي من شأنه أن يوجه "القرار النهائي" بشأن إبطاء وتيرة التشديد الكمي.
وأظهر المحضر أن "بعض المشاركين لاحظوا أنه نظراً لعدم اليقين المحيط بتقديرات المستوى الوافر من الاحتياطيات، فإن إبطاء وتيرة خفض الميزانية يمكن أن يساعد في تسهيل الانتقال إلى هذا المستوى من الاحتياطيات أو قد يسمح للجنة بمواصلة خفض الميزانية العمومية لفترة أطول".