أبقى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي، في أول اجتماع لتحديد السياسة النقدية في 2024، عند أعلى مستوياتها في 22 عاماً، مواصلاً مراقبة تأثير مسار التشديد النقدي الذي بدأ منذ منتصف 2022 تقريباً.
قررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في نهاية اجتماعها اليوم الحفاظ على معدلات الفائدة عند نفس مستوياتها بين 5.25% و5.5% -والذي تم تحديده في شهر يوليو الماضي- للاجتماع الرابع على التوالي، متوافقاً مع توقعات السوق، بعد أن أبقت على أسعار الفائدة في اجتماعاتها السابقة في ديسمبر وسبتمبر ونوفمبر.
يأتي قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم في ظل ميل مسؤولي السياسة النقدية لمتابعة تغلغل آثار التشديد النقدي في أرجاء النظام المالي، ومراقبة تقهقر التضخم، خاصة في ظل تماسك الاقتصاد المدعوم بالاتفاق الاستهلاكي وسط استمرار قوة سوق العمل.
شروط خفض الفائدة
"لا تتوقع اللجنة أنه سيكون من المناسب خفض النطاق المستهدف (للفائدة) حتى تكتسب ثقةً أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%" وفق ما ورد بالبيان الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي اليوم. كما أكدت اللجنة "التزامها بشدة" بعودة التضخم إلى هدفه البالغ 2%. وهو ما قد يعتبر بمثابة رد مسؤولي السياسة النقدية على رهانات خفض الفائدة العنيفة في الأسواق.
واستكمالاً للنبرة التشديدية، قال الاحتياطي الفيدرالي إن الآفاق الاقتصادية ماتزال "غير مؤكدة"، وأشار إلى أن اللجنة ستظل "منتبهة للغاية لمخاطر التضخم".
ولفت الاحتياطي الفيدرالي إلى أن "الاقتصاد الأميركي يؤدي أفضل من المتوقع، وهو ما يحملنا على التمهل حيال تغيير مسار أسعار الفائدة، كما أن الوصول إلى مستهدف التضخم عند 2% يحتاج المزيد من الوقت".
ويلحظ أن الاحتياطي الفيدرالي تخلى عن تأكيده السابق بأن رفع سعر الفائدة أمر ممكن، واعتمد بدلاً من ذلك عبارة "تقييماً أكثر توازناً لمسار السياسة المستقبلية".
ومن بين التغييرات الأخرى التي أُدخلت على البيان، حذفت اللجنة الجملة التي تم إضافتها منذ أزمة البنوك الإقليمية مارس الماضي، ووصفت النظام المصرفي بأنه "سليم وقوي" وحذرت من أن تشديد شروط الائتمان من المرجح أن يؤثر على الاقتصاد.
متابعة التضخم وسط رهانات قوية على خفض الفائدة
في ديسمبر، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 3.4% على أساس سنوي، مسجلاً أكبر ارتفاع منذ ثلاثة أشهر وفق الأرقام الحكومية. وعلى أساس شهري، ارتفع أيضاً بأكثر من المتوقع.
معدلات التضخم السنوية لا تزال مرتفعة بكثير عن هدف صناع السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي 3.4% خلال الاثني عشر شهراً حتى ديسمبر، مسجلاً تسارع مقارنة بالشهر السابق. بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي 3.9%.
من جهة أخرى، زادت كشوف الأجور الأميركية بمقدار 216 ألف وظيفة في ديسمبر، مسجلةً أكبر ارتفاع في ثلاثة أشهر. وبالإضافة إلى معدل البطالة المنخفض نسبياً، تعد هذه الأرقام بمثابة تذكير باستمرار قوة سوق العمل التي تغذي الإنفاق الاستهلاكي.
يتوخى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الحذر وعدم التسرع في خفض الفائدة، رغم رهانات السوق العنيفة على تيسير السياسة النقدية خلال العام الحالي. وقبيل صدور القرار زاد المتداولون في سوق عقود المقايضة رهاناتهم على خفض الفائدة في 2024، مع إمكانية حدوث خفض مبكر في مارس، باحتمالية تقارب الثلثين، مقابل الثلث يوم الثلاثاء. ويتوقع الآن خفض الفائدة 150 نقطة أساس خلال عام 2024 بأكمله، وفق ما أوردته بلومبرغ.
رجحت التوقعات الفصلية التي صاحبت اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر إقرار ثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة في 2024، أو ما يوازي خفضها بمقدار 75 نقطة أساس، وفق متوسط توقعات أعضاء لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي.