حافظ البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها للاجتماع الثاني على التوالي. ورجح مسؤولو السياسة النقدية ارتداد التضخم لأعلى بشكل مؤقت على الأجل القصير. وقالت رئيسة البنك كريستين لاغارد إن أعضاء السياسة النقدية لم يناقشوا بعد خفض أسعار الفائدة.
ترك صناع السياسة النقدية سعر الفائدة على الودائع عند 4% اليوم الخميس، وهو ما يتوافق مع توقعات جميع الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع بلومبرغ. كما أبقى البنك سعر الفائدة على عملية إعادة التمويل الرئيسية وسعر الفائدة على القروض عند 4.5% و4.75% على التوالي دون تغيير، وفق بيان لجنة السياسة النقدية للبنك.
"بينما انخفض التضخم في الأشهر الأخيرة، فمن المرجح أن يرتفع مرة أخرى بشكل مؤقت في المدى القريب"، وفق ما جاء ببيان لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الأوروبي المصاحب لقرار تسعير الفائدة. ورغم ذلك، توقع البنك المركزي الأوروبي أن يتراجع التضخم تدريجياً خلال 2024، "قبل أن يقترب من هدفه البالغ 2% في 2025".
أوضحت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، في مؤتمر صحفي بعد صدور البيان، أن التضخم مرجح للتقهقر خلال العام المقبل نتيجة وقف التدابير المالية التي أجرتها الدول بتخفيف آثار أزمة الطاقة، فضلاً عن بعض آثار قاعدة المقارنة. وألمحت إلى أن معدلات ارتفاع الأسعار متوقعة للتصاعد خلال الشهر الحالي نتيجة صعود تضخم الطاقة والغذاء معاً.
وخفض مسؤولو السياسة النقدية بالبنك المركزي الأوروبي توقعاتهم لمسار التضخم خلال العامين الحالي والمقبل عن تنبؤاتهم في سبتمبر، مرجحين بلوغ متوسط التضخم الرئيسي 5.4% في 2023، و2.7% في العام المقبل، على أن يصل إلى 2.1% في 2025، و1.9% في 2026.
جدد البنك المركزي الأوروبي عزمه على ضمان عودة التضخم إلى هدفه المتوسط الأجل البالغ 2% في الوقت المناسب. واستناداً إلى تقييمه الحالي، يرى صناع السياسة النقدية أن أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي "عند مستويات من شأنها أن تساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف، إذا تم الحفاظ عليها لفترة طويلة بما فيه الكفاية".
وجاء ذلك بعدما أقر الاحتياطي الفيدرالي أمس الأربعاء الحفاظ على أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها للاجتماع الثالث على التوالي، كما أبقى بنك إنجلترا في وقت سابق اليوم أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ 15 عاماً للاجتماع الثالث على التوالي، وتراقب البنوك المركزية الكبرى حول العالم تغلغل آثار أجرأ حملات تشديد السياسة النقدية منذ عقود في أرجاء الاقتصاد لكبح جماح التضخم.
وقال البنك المركزي الأوروبي إن التضخم الأساسي تراجع بشكل أكبر، ولكن ضغوط الأسعار المحلية "ماتزال مرتفعة، وهو ما يرجع في المقام الأول إلى النمو القوي في تكاليف العمل". وأشار مسؤولو السياسة النقدية إلى أن آثار الزيادات السابقة لأسعار الفائدة "لاتزال تنتقل بقوة إلى الاقتصاد، كما تؤدي ظروف التمويل الأكثر صرامة إلى تثبيط الطلب، وهذا يساعد على خفض التضخم".
أكدت لجنة السياسة النقدية أن قراراتها المستقبلية ستضمن "تحديد أسعار الفائدة عند مستويات مقيدة بما فيه الكفاية طالما كان ذلك ضرورياً".
[object Promise]الأداء الاقتصادي
يتوقع مسؤولو السلطة النقدية الأوروبية أن يظل النمو الاقتصادي ضعيفاً على المدى القريب. ومن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد بسبب ارتفاع الدخول الحقيقية ــ مع استفادة الناس من انخفاض التضخم وارتفاع الأجور ــ وتحسن الطلب الأجنبي. ولذلك يتوقع المسؤولون ارتفاع النمو من متوسط 0.6% العام الحالي، إلى 0.8% العام المقبل، وإلى 1.5% لكل من عامي 2025 و2026، وفق ما ورد بالبيان.
قالت لاغارد إن الاقتصاد انكمش بنسبة بسيطة في الربع الثالث مع انخفاض المخزونات، مشيرةً إلى أن البيانات الاقتصادية ضعيفة خاصة لقطاع البناء الأكثر تأثراً بأسعار الفائدة، وضعف قطاعات الخدمات والتصنيع، ونادت الحكومات بالاستمرار في تخفيف تدابير الدعم،مشددةً على أن السياسة المالية يجب أن تهدف إلى أن يكون الاقتصاد أكثر إنتاجية.
برنامج إعادة استثمار مشتريات السندات الطارئة لفترة الوباء
على صعيد آخر، قال البنك المركزي الأوروبي إنه سيسرع تخارجه من برنامج تحفيز عصر الوباء البالغة قيمته 1.7 تريليون يورو (1.8 تريليون دولار). وفي الوقت نفسه، قال المسؤولون إنهم سيسرعون إنهاء عمليات إعادة الاستثمار في إطار برنامج مشتريات السندات الطارئة بفترة الوباء "PEPP". وهذا من شأنه أن يضع جميع أدوات السياسة النقدية في وضع التشديد، حتى رغم أن التوقعات الحديثة أظهرت أن الاقتصاد الأضعف يخفف من توقعات التضخم.
أوضح البنك المركزي الأوروبي أنه يعتزم خفض محفظته من برنامج الشراء الطارئ لفترة الوباء خلال النصف الثاني من العام بمتوسط 7.5 مليار يورو شهرياً. فضلاً عن استهداف التوقف عن إعادة الاستثمار في إطار البرنامج بنهاية 2024.