لجنة السياسة النقدية تتبنى موقفاً "مقيّداً لفترة ممتدة من الوقت"

بنك إنجلترا يبقي أسعار الفائدة دون تغيير ويستبعد خفضها حالياً

الواجهة الأمامية لبنك إنجلترا في لندن، المملكة المتحدة - المصدر: بلومبرغ
الواجهة الأمامية لبنك إنجلترا في لندن، المملكة المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أبقى بنك إنجلترا سعر الإقراض القياسي عند أعلى مستوياته منذ 15 عاماً، وقال المحافظ أندرو بيلي إنه "من المبكر جداً" التفكير في خفض الفائدة.

صوّتت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بأغلبية 6 أصوات لصالح الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 5.25%، مقابل 3 أعضاء طالبوا بإقرار زيادة أخرى بمقدار ربع نقطة مئوية لخنق ما اعتبروه الضغوط التصاعدية المستمرة على الأسعار، وفقاً لمحضر القرار الصادر يوم الخميس.

واتفق بيلي وزملاؤه من صناع السياسات النقدية على أنه ستكون هناك حاجة إلى موقف "مقيّد لفترة ممتدة من الوقت" للحد من معدل التضخم في بريطانيا، الذي يظل عند ثلاثة أضعاف هدفه، والأعلى في مجموعة الدول السبع. ويبدو أن هذه التصريحات تثير الشكوك حول توقعات المستثمرين بأن بنك إنجلترا قد يخفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من 2024، في الوقت الذي من المتوقع أن يستعد فيه رئيس الوزراء ريشي سوناك لإجراء انتخابات عامة.

وقال بيلي في بيان صدر مع القرار: "من السابق لأوانه التفكير في خفض أسعار الفائدة.. أسعار الفائدة المرتفعة ناجحة، والتضخم آخذ في الانخفاض. نحن بحاجة إلى رؤية استمرار التضخم في الانخفاض وصولاً إلى هدفنا البالغ 2%.. لقد أبقينا أسعار الفائدة دون تغيير هذا الشهر، ولكننا سنراقب عن كثب لنرى ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة".

ومع ذلك، قلّص المتداولون رهاناتهم على إجراء زيادة أخرى. ويرون فرصة بنسبة 40% تقريباً لإقرار زيادة بمقدار ربع نقطة مئوية بحلول فبراير –ويتوقعون أن يبدأ بنك إنجلترا في تيسير السياسة النقدية بحلول أغسطس. حافظت السندات على ارتفاعاتها السابقة، وتراجع العائد على السندات لأجل 10 أعوام بحوالي 11 نقطة أساس عند 4.39%.

من جهة أخرى، واصل الجنيه الإسترليني صعوده بعد صدور القرار. وارتفع 0.5% إلى 1.2217 أمام الدولار، مسجلاً أعلى مستوى منذ 24 أكتوبر، مدعوماً جزئياً بالضعف الواسع النطاق في الدولار بعد أن أبقى الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها يوم الأربعاء.

عودة التضخم إلى الهدف أوائل 2025

أكدت توقعات بنك إنجلترا وجهة نظر بيلي، إذ توقعت عودة التضخم إلى الهدف في أوائل 2025 إذا ظلت أسعار الفائدة دون تغيير -أي قبل نصف عام على الأقل من التقديرات المستندة إلى افتراضات السوق لخفض أسعار الفائدة بدءاً من أغسطس.

أحد أعضاء لجنة السياسة النقدية -الذي صوّت مع الأغلبية- ربما سواتي دينجرا، شعر أن مخاطر الإفراض في تشديد السياسة النقدية تتزايد وأن القوة الكاملة لرفع أسعار الفائدة لم تنعكس بعد على الاقتصاد.

صوَّت ثلاثة أعضاء في لجنة السياسة النقدية – وهم كاثرين مان، وميغان غرين، وجوناثان هاسكل– لرفع سعر الفائدة إلى 5.5%. إذ يرون أن سوق العمل لا تزال ضيقة، فضلاً عن تصاعد تداعيات تضخم الخدمات ونمو الأجور. فيما كان رأي سارة بريدين مسايراً للأغلبية في أول ظهور لها للجنة السياسة النقدية.

حضر رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق، بن برنانكي، الاجتماع بصفة مراقب للمرة الأولى، كجزء من مراجعته لتوقعات بنك إنجلترا ورسائله. بعدما تعرّض بيلي والبنك المركزي البريطاني لانتقادات شديدة لفشلهما في التحرك بسرعة كافية ضد التضخم قبل أن يقفز إلى أعلى مستوى له منذ أربعة عقود العام الماضي. وسوف يقدم بيرنانكي توصياته في أوائل العام المقبل.

هل يمر اقتصاد المملكة المتحدة بركود تقني؟

وفي حين تجنّب المسؤولون التنبؤ بحدوث ركود فني، فقد رجّحوا تعرض اقتصاد المملكة المتحدة للتعثر العام المقبل. ويعني عدم اليقين المتواجد بهذه التقديرات أنه لا يزال هناك احتمال بنسبة 50% لحدوث الركود، وهو ما يتوقعه بعض المحللين بالفعل.

ووصف بنك إنجلترا وضع الناتج المحلي الإجمالي بأنه "مستقر على نطاق واسع" و"ضعيف". ومن المتوقع الآن أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً صفرياً في 2024، بانخفاض عن النمو المتوقع سابقاً بنسبة 0.5%، والنمو الضئيل بنسبة 0.25% في 2025. ويتوقع نموه خلال العام الحالي 0.5%، دون إجراء مراجعة منذ أغسطس.

فوضى بيانات سوق العمل

ومن المتوقع أيضاً أن تتسارع معدلات البطالة، لتنهي هذا العام عند 4.3% بدلاً من 4.1% المتوقعة سابقاً، إذ تجري الشركات المزيد من التسريحات في ظل أسعار الفائدة المرتفعة. وبحلول نهاية 2026، يعتقد بنك إنجلترا أن البطالة ستصل إلى 5.1%.

تُعد بيانات سوق العمل حساسة بشكل خاص لكل من حكومة سوناك وبنك إنجلترا. إذ انسحب ما لا يقل عن 600 ألف شخص من القوى العاملة بسبب الوباء، مما أجبر الشركات على رفع الأجور لجذب الموظفين بعد انتهاء عمليات الإغلاق.

تجدر الإشارة إلى أن البيانات الرسمية بسوق العمل تعطلت بسبب المشاكل التي واجهها مكتب الإحصاءات الوطنية في استكمال دراساته الاستقصائية. واعترف بأن استقصاء القوى العاملة لم يتلق سوى عدد قليل من الردود بحيث لا يمكن الاعتماد عليه. وفي محضر اجتماعها، أشارت لجنة السياسة النقدية إلى أن "تزايد عدم اليقين" حول أرقام مكتب الإحصاءات الوطني يؤكد أهمية النظر في "مجموعة واسعة من البيانات".

وسيزيد ذلك من الصعوبات التي يواجهها موظفو بنك إنجلترا في قياس تأثير زيادة أسعار الفائدة على الاقتصاد.

قياس أثر تشديد السياسة النقدية

يقدِّر المسؤولون أن ما يقل قليلاً عن نصف التشديد النقدي الذي اُتخذ ديسمبر 2021 قد وصل تأثيره بالفعل إلى الاقتصاد. ويظهر هذا بوضوح أكبر في الاستثمار بالإسكان، إذ تباطأت معدلات البدء في بناء المباني الجديدة. وقال بنك إنجلترا إن الاستثمار في الأعمال التجارية يعاني أيضاً من الضغط. وأضاف أن الإنفاق الاستهلاكي يميل إلى أن يستغرق وقتاً أطول للاستجابة، على الرغم من الإشارة إلى حدوث تراجع بالفعل في ثقة المستهلك.

ولا يزال بنك إنجلترا يشعر بالقلق بشأن التضخم، الذي انخفض من ذروته البالغة 11.1% العام الماضي، لكنه لا يزال قوياً بشكل غير مريح عند أكثر من ثلاثة أضعاف الهدف البالغ 2%. وأشار بيلي وأغلبية أعضاء لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء إلى أن الضغوط التصاعدية على الأجور لا تزال مصدر قلق وأن "زيادة سعر الفائدة لا يزال احتمالاً" إذا استمرت هذه الضغوط، حسبما أظهر محضر الاجتماع.

ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض ​​التضخم إلى 4.6% بحلول نهاية العام، مما يعني أن سوناك يجب عليه بلوغ هدفه المتمثل في خفض التضخم إلى النصف على مدار العام.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك