رفع صندوق الثروة الصيني حصته في كبرى مصارف البلاد للمرة الأولى منذ 2015، ما أثار تكهنات بأن المسؤولين سيكثفون جهودهم لدعم سوق الأسهم المنهارة.
اشترت شركة "سنترال هويجين انفستمنت" (Central Huijin Investment) المملوكة للدولة نحو 65 مليون دولار من أسهم مصارف "بنك أوف تشاينا" و"أغريكالتشرال بنك أو تشاينا" و"تشاينا كونستركشن بنك" و"إندستريال أند كوميرشال بنك أوف تشاينا"، وفق الإفصاحات المنشورة.
"هويجين"، وهي وحدة تابعة لشركة "تشاينا إنفستمنت" (China Investment) بقيمة 1.4 تريليون دولار أميركي، تعتزم كذلك رفع حيازاتها خلال الستة أشهر المقبلة. وتقدم مؤشر "سي إس آي 300" 0.7% عند الساعة 10:05 من صباح اليوم، وتصدرت الأسهم المالية مسيرة الصعود.
تدخلات مباشرة
يناشد عدد متزايد من خبراء الاقتصاد الصينيين وصناديق التحوط الحكومة للتدخل بطريقة مباشرة بواسطة الصندوق الذي يركز على تحقيق الاستقرار في سوق الأسهم، وهو إجراء أحجم عنه المسؤولون منذ انهيار السوق خلال 2015.
تتصاعد المخاوف وسط القيادة العليا في الصين إزاء مسار ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، إذ أن أزمة العقارات المتفاقمة والضغوط الانكماشية تعرض هدف النمو البالغ 5% تقريباً للسنة الجارية للخطر.
أخفقت تدابير سابقة اتخذها المسؤولون لتدعيم سوق الأسهم المحلية التي تبلغ قيمتها 9.5 تريليون دولار في وقف الهبوط. بلغ مؤشر "سي إس آي 300" أدنى مستوياته خلال 11 شهراً أمس الأول، ما رفع الخسائر إلى 37% منذ أعلى مستوى له خلال 2021. خلال الشهور الأخيرة، أبطأ المسؤولون وتيرة الطروحات العامة الأولية، وكبحوا مبيعات بعض كبار المساهمين، كما قلصوا الرسوم الضريبية على صفقات الأسهم، ويسروا قواعد تداول الهامش.
ورغم أن مشتريات "هويجين" من الأسهم ضئيلة نسبياً، إلا أنها تشبه الجهود التي بُذلت أثناء انهيار سوق الأسهم قبل 8 أعوام لوقف تراجع أسعار الأسهم والحد من عمليات البيع الناتجة عن شعور المستثمرين بالذعر.
وللتأكد من تحقيق هذا الهدف، نُشر خبر مشتريات "هويجين" اليوم عبر الصفحات الأولى من أكبر الصحف المالية الصينية، والتي نوهت إلى أن هذه الخطوة ستعزز ثقة المستثمرين.
أسعار الأسهم
كتب ريدموند وونغ، محلل السوق في "ساكسو كابيتال ماركتس" (Saxo Capital Markets) في هونغ كونغ، بمذكرة للعملاء: "من المحتمل للغاية أن تهدف استثمارات سنترال هويجين المتواضعة والرمزية لتدعيم أسعار الأسهم، وهذا الإجراء يذكرنا بتحركاتها إبان اضطراب سوق الأسهم الصينية خلال 2015، ويُظهر رغبة الحكومة في الحفاظ على استقرار السوق".
تقدم مؤشر "سي إس آي 300" للأسهم المالية 1.2%. كما ارتفع سهم "تشاينا كونستركشن بنك" 2.2%، بينما صعد سهم "إندستريال أند كوميرشال بنك أوف تشاينا" 1.9%. وتملك "سنترال هويجين" حصصاً في 19 مؤسسة مالية تتضمن بنوكاً وشركات وساطة، بحسب موقعها على الإنترنت.
على الجانب الآخر، هبطت السندات الحكومية الصينية، مع زيادة العوائد على الديون السيادية لأجل 10 أعوام نقطتي أساس مسجلة 2.71%، وهو أعلى مستوى إغلاق منذ مايو الماضي.
تحركات الحكومة الصينية
يحظى صندوق الثروة الصيني بتاريخ من التدخلات في أوقات الاضطرابات الشديدة، إذ اشتري الأسهم في أعقاب انفجار الفقاعتين الماليتين خلال 2008 و2015.
هذه المرة، لا تركز مخاوف المستثمرين على التقييمات المرتفعة، ولكن على ما إذا كانت الحكومة الصينية ستتخذ إجراءات كافية لتدعيم الاقتصاد. ويعني هذا أن التدخلات في سوق الأسهم ربما تكون ذات أثر محدود.
أوضح ويلر تشين، كبير محللي وحدة بحوث في "فورسيث بار آسيا" (Forsyth Barr Asia) "أن شراء هويجين لأسهم في 4 مصارف كبيرة يبدو وكأنه حدث متكرر، ويذكر الناس بدليل قديم لقواعد إنقاذ السوق من قبل الجهات التنظيمية خلال 2008 و2015"، مضيفاً أن هذا التحرك ربما لا يكون "المحرك الأساسي النهائي" للسوق.
وأضاف: "ما زالت أساسيات الاقتصاد الكلي للصين هي المحرك الرئيسي لبلوغ سوق الأسهم الحضيض، ومن ثم سيبدأ الصعود مرة أخرى في خضم البيئة الحالية".
يبين التاريخ أن بعض التدخلات السابقة لم تقدم سوى دعماً قصير الأجل للسوق، فبعد تدخل الحكومة في عام 2015، صعد مؤشر "سي إس آي 300" لفترة وجيزة قبل أن يتراجع بما يفوق 20% خلال الشهور التالية.
تاريخ مشتريات "هويجين" | عائدات مؤشر شنغهاي المركب بعد أسبوع واحد من الشراء | عائدات المؤشر بعد شهر واحد من الشراء | عائدات المؤشر بعد سنة واحدة من الشراء |
23-9-2008 | .19% 4 | -14.81% | 29.13% |
11-10-2009 | 2.84% | 9.70% | -3.02% |
10-10-2011 | 4.08% | 5.75% | -9.59% |
12-10-2012 | -8.95% | -5.16% | -4.15% |
17-6-2013 | -8.95% | -5.16% | -4.15% |
8-7-2015 | 8.51% | 6.76% | -14.80% |
أسهم رخيصة
تعد أسهم المصارف الصينية -التي يجري تداولها عادة بتقييمات منخفضة لكونها مملوكة للدولة- رخيصة لا سيما بعد التراجع. وبلغ مكرر ربحية سهم "إندستريال أند كوميرشال بنك أوف تشاينا" في تداولات بورصة هونغ كونغ 0.4 ضعف القيمة الدفترية، مقترباً من أدنى مستوى مسجل له. وتخطى السهم سعر الاكتتاب العام لـ2006 بأقل من 30%.
أوضح هاو هونغ، كبير خبراء الاقتصاد في "غرو إنفستمنت غروب" (Grow Investment Group)، أن هذا يعني أن "هويجين" لن تتكبد خسارة على الأرجح في الأموال.
تابع: "بلغت تداولات أسهم المصارف مستويات قريبة من أدنى مستوياتها التاريخية من حيث السعر والتقييم، مع عوائد توزيعات أرباح جيدة للغاية نسبتها 10%، كما تتمتع السوق حالياً بسعر فائدة منخفض بشدة وسندات حكومية صينية لأجل 10 أعوام تولد عائدات أقل من 3%، حتى بالنسبة لمضاربة ينبغي لها أن تحقق أرباحاً".
تشاؤم المستثمرين
يأتي تحرك الصين في ظل حالة تشاؤم متفاقمة وسط المستثمرين الأجانب إزاء الشركات في البلاد. وبلغت تفويضات المستثمرين في الأسواق الناشئة الجديدة التي تستبعد الأسهم الصينية من تعاقداتها مستويات قياسية العام الحالي وقلصت صناديق الاستثمار العالمية حيازاتها في البلاد لأدنى مستوى لها منذ 2020. كما هبط مؤشر "إم إس سي آي تشاينا"، الذي تغلب عليه أسهم متداولة بالخارج، بما يتجاوز 7% السنة الجارية، بالمقارنة مع ارتفاع 10% للمقياس العالمي من "إم إس سي آي".
قال لي فوين، مدير التمويل في شركة "غواندونغ فاليو فورست برايفت سيكيوريتيز إنفستمنت مانجمنت" (Guangdong Value Forest Private Securities Investment Management): "ما تحتاجه السوق بقوة الآن هو مصدر جديد للأموال".