صعّدت وزارة العدل الأميركية تحقيقاتها بشأن الاشتباه في عدم امتثال مصرفي "كريدي سويس" و"يو بي إس"، من خلال السماح لعملاء روس بالتهرب من العقوبات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
كانت سلسلة من مذكرات الاستدعاء أُرسلت إلى مجموعة من البنوك في وقت مبكر من العام الجاري، وهو الأمر الذي تطور إلى تحقيق واسع النطاق يركز على "كريدي سويس" حسبما أفاد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب استمرار التحقيقات.
قالوا إن وزارة العدل أطلعت محامين لـ"يو بي إس" مقيمين في الولايات المتحدة حول تورط مزعوم لـ"كريدي سويس" في انتهاكات للعقوبات منذ استحواذ "يو بي إس" على منافسه الأصغر حجماً في يونيو الماضي.
ذكر أحدهم أن وزارة العدل تحقق أيضاً في حالات عدم امتثال محتملة من جانب "يو بي إس".
قال المطلعون إن التحقيق لا يزال في مرحلة مبكرة، وقد لا يفضي إلى اتهامات أو تسوية. إلا أنه يأتي في وقت حرج بالنسبة إلى البنك، ومقره في زيوريخ، والذي يضم آلاف الموظفين من "كريدي سويس". إلى جانب تعزيز أعمال "كريدي سويس"، في إدارة الثروات بنحو الثلث إلى أكثر من 4 تريليونات دولار، انتقلت إلى "يو بي إس" أيضاً مشكلات "كريدي سويس" القانونية، والتي كانت سبباً رئيسياً لانهيار الثاني في مارس.
القائمة السوداء
طلبت وزارة العدل معلومات حول كيفية تعامل المصرفين مع حسابات العملاء الخاضعين للعقوبات على مدى السنوات العديدة الماضية، لكنها لم تطلب إجراء مقابلات مع المسؤولين التنفيذيين أو الموظفين حتى الآن، بحسب أحد المطلعين.
أشار شخص آخر إلى أن التحقيق يشمل كلا من القيود المفروضة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 وجولات العقوبات السابقة التي تم تنفيذها بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. يُشار إلى أن الولايات المتحدة أدرجت أكثر من ألف روسي ثري في القائمة السوداء على مدى العقد الماضي.
هوت أسهم "يو بي إس" بنسبة 3.4% عند الساعة 1:26 مساءً في زيورخ، بعد انخفاض في بداية التعاملات بـ7.9%، وهو أكبر تراجع منذ مارس الماضي.
امتنعت متحدثة باسم "يو بي إس" عن التعليق على الأمر، فيما رفض متحدث باسم وزارة العدل التعليق.
إحباط أميركي
قال شخصان من المطلعين إنه على المستوى الداخلي، اعتبر مسؤولون في وزارة العدل أن الاستحواذ فرصة للمضي قدماً في التحقيق بشأن "كريدي سويس".
أرسل المحققون طلبات الحصول على معلومات إلى مصرف "يو بي إس" مباشرة، بدلاً من توجيهها عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية، والتي يمكن أن تكون أبطأ في الوصول، وفقاً لشخصين آخرين على دراية بالقضية. من الناحية الرسمية، يجب توجيه أي طلبات للمساعدة من المدعين العامين الأجانب من خلال مكتب العدل الفيدرالي السويسري، إلا في حالات نادرة من التعاون، كما حدث بالنسبة إلى الملاحقات الأميركية السويسرية المشتركة على "الفيفا" في عام 2015. يقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه لم يتلق حتى الآن أي طلبات تتعلق بعقوبات ضد "كريدي سويس" و"يو بي إس" وروسيا.
إحباط من أداء سويسرا المصرفي
أبدى مسؤولون أميركيون بشكل غير مُعلن إحباطهم من كون سويسرا لا تقوم بما يكفي لفرض عقوبات على روسيا ومكافحة غسل الأموال التي تساعد الكرملين في الحفاظ على استمرار اقتصاده، على الرغم من القيود التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.
تشير الولايات المتحدة إلى رفض سويسرا الانضمام إلى فريق عمل متعدد الأطراف يلاحق الحيازات الروسية غير المشروعة والقرار السابق بإلغاء تجميد بعض الأصول في قضية فساد بارزة لها صلات بالكرملين.
قبل غزو أوكرانيا، كان "كريدي سويس" معروفاً بتقديم خدماته للأثرياء الروس، حيث بلغ حجم الأصول التي أدارها أكثر من 60 مليار دولار في ذروة نشاطه. بحلول وقت الغزو في فبراير 2022، انخفض هذا الرقم إلى 33 مليار دولار، مما يجعل الأصول الروسية التي يديرها يزيد حجمها بنسبة 50% عن تلك التي يديرها "يو بي إس"، على الرغم من أعمال إدارة الثروات الأكبر لهذا الأخير. احتفظ "يو بي إس" بكبير مصرفيي "كريدي سويس" للأعمال الروسية، وهو باباك استمالتشي، حتى في الوقت الذي استغنى فيه عن كبار المسؤولين التنفيذيين الآخرين خلال عملية الاستحواذ.
مشكلات قانونية
أسفرت التحقيقات الأميركية بشأن انتهاكات العقوبات في الماضي عن غرامات كبيرة. ففي عام 2014، أقر "بي إن بي باريبا" بضلوعه في انتهاكات العقوبات الأميركية المتعلقة بالسودان، ووافق على سداد 8.97 مليار دولار.
يعد التحقيق الحالي الأحدث في الولايات المتحدة والذي يضم "كريدي سويس". لا تزال وزارة العدل تحقق فيما إذا كان المصرف يواصل مساعدة العملاء الأميركيين على إخفاء الأصول عن السلطات، بعد ثماني سنوات من دفع المصرف تسوية تهرب ضريبي بقيمة 2.6 مليار دولار.
في مارس الماضي، قالت لجنة الشؤون المالية بمجلس الشيوخ إنها كشفت عن "انتهاكات كبيرة" من قبل "كريدي سويس" لهذا الاتفاق. قال "يو بي إس" إنه يتعاون بشكل مكثف مع المحققين.
يأتي التحقيق بشأن العقوبات وسط تدقيق متزايد في واشنطن لدور سويسرا المزعوم في تسهيل تدفق الأموال غير المشروعة إلى خارج روسيا.
قال السيناتور بن كاردان، خلال جلسة استماع حول هذه القضية في يوليو الماضي: "نرى باستمرار نمطاً بتسهيل سويسرا لترتيبات مصرفية لممارسات فاسدة من قبل الأشخاص الذين نهبوا ثرواتهم من بلادهم".
أشار إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى "التأكد من أن العقوبات المفروضة لا تتهرب منها دولة مثل سويسرا".
بلغ حجم الثروات الروسية لدى البنوك السويسرية أكثر من 200 مليار دولار، بحسب تقديرات مجموعة متخصصة في مارس 2022. لكن بحلول نهاية العام الماضي، قالت سويسرا إنها جمدت أصولاً روسية بقيمة 7.5 مليار فرنك سويسري (8.4 مليار دولار) فقط.