تظهر بوادر على عودة التضخم إلى الارتفاع مجدداً في تركيا خلال يوليو الماضي، بعد تباطئه 8 أشهر متتالية، وذلك على خلفية سلسلة من الزيادات الضريبية التي جرى إقرارها لتقليص عجز الميزانية المتزايد.
توقع متوسط تقديرات المحللين في استطلاع أجرته "بلومبرغ" للاقتصاديين تسارع التضخم إلى 46.8% على أساس سنوي في الشهر الماضي مقارنة بـ38.2% في يونيو، بارتفاع شهري قدره 8.6%، وهي أسرع زيادة منذ يناير 2022.
خلال الشهر الماضي، رفعت الحكومة التركية الضرائب على مجموعة متنوعة من السلع الأساسية والوقود لضبط الموازنة العامة للدولة التي عانت من عجز شديد بسبب التعهدات المكلفة التي قُدمت خلال فترة الحملة الانتخابية السابقة لانتخابات مايو، بالإضافة إلى احتياجات التمويل الناتجة عن الزلازل التي ضربت الدولة في فبراير الماضي.
ضغوط أخرى تفاقم التضخم في تركيا
بالإضافة إلى زيادات الضرائب الجديدة؛ فإنَّه من المتوقع أن يؤثر انخفاض قيمة الليرة وزيادة الحد الأدنى للأجور أيضاً على ارتفاع التضخم، كما قال سيلفا بحر بازيكي، المحلل في "بلومبرغ إيكونوميكس"، متوقعاً اتخاذ التضخم لمسار صعودي من الآن حتى نهاية العام. وفقدت الليرة نحو 31% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية 2023.
في عرضه لتقرير التضخم الفصلي الأسبوع الماضي، أقرّ البنك المركزي التركي التأثير المحتمل لزيادات الضرائب على صعود أسعار المستهلكين. كما رفعت محافظة البنك المركزي، حفيظة غاية أركان، توقعاتها للتضخم في نهاية 2023 بأكثر من الضعف إلى 58%، وذلك في أول عرض تقديمي لها منذ توليها المنصب في يونيو الماضي. وأضافت أن البنك يتوقع بلوغ التضخم ذروته عند حوالي 60% في الربع الثاني من العام المقبل.
على الجانب الآخر؛ ما يزال مراقبو المناخ الاقتصادي في تركيا غير مقتنعين بأن السياسة النقدية الحالية -التي وصفها المسؤولون بأنها تعتمد على الرفع التدريجي لأسعار الفائدة- ستكون قادرة على كبح التضخم، حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي بمقدار 900 نقطة أساس إلى 17.5% على مدار اجتماعين متتاليين.
توقعات سعر الفائدة في تركيا
يتوقع "دويتشه بنك" صعود سعر الفائدة الأساسي لدى البنك المركزي في تركيا إلى 19% هذا الشهر.
ومن الملاحظ هنا أنه عند خصم معدل التضخم من أسعار الفائدة الأساسية؛ ستكون أسعار الفائدة الحقيقية أقل بكثير من الصفر.
أضافت أركان أن التشديد النقدي سيستمر على وتيرته "التدريجية" حتى تسيطر الدولة على تأثيره في قطاعات الاقتصاد الفعلية والصناعة المصرفية، كما سيجري إدخال إجراءات مالية بديلة لدعم السياسة النقدية.
الجدير بالذكر أن المركزي، جنباً إلى جنب، مع الهيئة التنظيمية المصرفية في البلاد اتخذا بعض الخطوات لكبح الطلب المحلي من خلال سن تدابير تهدف إلى تقليل الإنفاق عبر بطاقات الائتمان، وتقييد زيادة القروض الاستهلاكية.
