دق المستثمرون ناقوس الخطر حول انتعاش السندات التركية المقومة بالعملات الأجنبية، لافتين إلى أن هذا الانتعاش قد يتعثر إذا لم تتجه الحكومة إلى تطبيق سياسات نقدية أكثر تقليدية بصورة ملحوظة.
وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، قدمت سندات تركيا السيادية المقومة بالدولار عوائد بنحو 8.4% منذ الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الرئاسية بتاريخ 14 مايو الماضي، أي أكثر من ضعف متوسط عوائد السندات في الأسواق الناشئة الأخرى. في غضون ذلك، تراجعت مقايضات التخلف عن سداد الائتمان في تركيا أكثر من 300 نقطة أساس منذ الانتخابات إلى أقل من 400 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر 2021.
إجراءات غير كافية
عقب فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي عُقدت في شهر مايو الماضي؛ كان المستثمرون يأملون تطبيق سياسات نقدية جديدة من قبل البنك المركزي، بما يسمح بارتفاع كبير في أسعار الفائدة، مع تقليل استخدام الاحتياطيات في دعم الليرة. لكن بدلاً من ذلك، يقولون إن مسيرة التقدم خيبت الآمال.
بول غرير، وهو مدير محافظ استثمارية في مؤسسة "فيدلتي إنترناشيونال" (Fidelity International)، يشعر "بالإحباط" من تغيرات السياسة النقدية حتى الآن. وقال: "في ظل متطلبات التمويل الخارجي الكبيرة لتركيا، والعجز الهائل في الحساب الجاري، إضافة إلى السياسة النقدية غير المواتية، نتوقع تباطؤ انتعاش السندات من الآن وحتى نهاية أغسطس". كما قلل غرير من مشتريات السندات السيادية التركية في المحافظ الاستثمارية، ويتوقع أن تتسع فروق العوائد مقارنة بالمستويات الحالية.
فريق اقتصادي "ذو مصداقية"
تعهد أردوغان، وهو من المدافعين منذ فترة طويلة عن أسعار الفائدة المنخفضة، بتكوين فريق مالي "ذي مصداقية دولية" بعد التصويت له في مايو.
بعدها، عين الخبير السوقي المخضرم محمد شيمشك وزيراً للمالية، واختار حفيظة غاية أركان في منصب محافظة البنك المركزي، حيث عملت سابقاً بالولايات المتحدة في مجموعة "غولدمان ساكس"، وشغلت منصب الرئيس التنفيذي المشارك السابق لبنك "فيرست ريبابليك".
حذرت أركان يوم الخميس الماضي من أن التضخم قد يقفز إلى 58% بنهاية هذا العام، ويصل إلى ذروته عند 60% العام المقبل، مقارنة بـ38% في يونيو 2023. لكنها قالت أيضاً إن دورة التشديد النقدي يجب أن تستمر بوتيرة "تدريجية ومستقرة". وأثار هذا تساؤلات حول الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها الزيادات الطفيفة نسبياً في أسعار الفائدة إلى كبح زيادات أسعار المستهلكين المتوقعة، بعدما صعد التضخم إلى 86% في أكتوبر الماضي.
تركيا تحتاج سياسات تقليدية
جوردون باورز، المحلل في مؤسسة "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس" (Columbia Threadneedle Investments)، ومقرها لندن، يرى أنه "حتى تتقلص فروق العوائد بشكل مؤثر مقارنة بمستوياتها الحالية؛ نحتاج إلى تنفيذ مستدام للسياسات النقدية التقليدية".
شعر المستثمرون بخيبة أمل بالفعل بسبب زيادات أسعار الفائدة المحدودة منذ تولي أركان لسدة المركزي، حيث رفعتها إجمالاً على مدار اجتماعين بواقع 9 نقاط مئوية فقط. وشرع المركزي في يونيو الماضي في رفع سعر الفائدة القياسي لأول مرة منذ أكثر من عامين، لكن رغم رفعه إلى 17.5% ما تزال أسعار الفائدة الحقيقية بالسالب وبفارق كبير عند خصم معدل التضخم منها.
أسباب القلق من الديون التركية
اتخذ أردوغان يوم الجمعة خطوة أخرى لتجديد فريقه الاقتصادي، حيث عين 3 نواب جدد لأركان في البنك المركزي، بما في ذلك مستشار سابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
يعد التضخم أحد الأسباب التي تجعل المستثمرين يعتقدون أن الارتفاع في سوق الديون سيكون قصير الأجل. بينما تتمحور أسباب القلق الرئيسية الأخرى في السياسات النقدية للدولة، والعجز القياسي في الحساب الجاري وتقلب الليرة.
قال تود شوبرت، كبير محللي الدخل الثابت في بنك سنغافورة، إن الارتفاع المستمر يتطلب "سياسة أكثر قوة للإصلاحات الهيكلية والسياسات النقدية من شيمشك وأركان".