صعّد التجار توقعاتهم لإقرار بنك إنجلترا مزيداً من زيادات أسعار الفائدة بعد صدمة بيانات التضخم، لتصل توقعات سعر الفائدة إلى مستوى لم تبلغه منذ بداية القرن.
تحوّلت أسواق المال اليوم الأربعاء بعد نشر تقرير يظهر أن التضخم ظل أعلى من المتوقع (في مايو) للشهر الرابع. يتوقع التجار الآن أن يصل سعر الفائدة الرئيسي لبنك إنجلترا إلى 6% بحلول ديسمبر، ويرون أن هناك فرصة بنسبة واحد من أربعة أن ترتفع بشهر فبراير إلى 6.25%، والتي ستكون الأعلى منذ 1998.
تراجعت السندات الحكومية البريطانية مع بدء التداول في لندن. من المتوقع أن يرفع بنك إنجلترا يوم غد الخميس أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.75%، مع تصاعد احتمالات رفع معدل الاقتراض نصف نقطة.
تمر المملكة المتحدة بالفعل بأسرع دورة تشديد للسياسة النقدية منذ 40 عاماً، وسيؤدي رفع الفائدة إلى 6% إلى زيادة الضغط على المقترضين، وتوجيه ضربة أخرى لسوق الإسكان، وإثارة التساؤلات حول مستقبل الاقتصاد الأوسع.
هل يدفع بنك إنجلترا الاقتصاد البريطاني إلى الركود؟
تتنبأ "بلومبرغ إيكونوميكس"- التي تعتقد أن توقعات السوق مبالغ فيها- بأن مثل هذا الحجم من التشديد النقدي من شأنه أن يدفع اقتصاد المملكة المتحدة إلى ركود ضحل، إذ سيتقلص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.3% هذا العام و1.4% في العام المقبل، وفقاً لنموذج "SHOK".
قال كيم كروفورد، مدير محافظ أسعار الفائدة العالمية لدى "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت": " تضخم أعلى، ونمو أعلى.. هذا ليس وضعاً جيداً لامتلاك السندات الحكومية البريطانية.. الركود سيكون مطلوباً للسيطرة على هذا التضخم"، لافتاً إلى أن هناك سبباً مقنعاً لرفع الفائدة نصف نقطة يوم الخميس.
العديد من الأسر تكافح بالفعل بسبب أزمة تكلفة المعيشة، وسيزيد الضغط الإضافي- بالإضافة إلى المخاوف بشأن الاقتصاد- من التحديات السياسية لرئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي يقول إن تركيزه ينصب على خفض التضخم. يوم الثلاثاء، استبعد وزير الخزانة جيريمي هانت دعم الرهن العقاري الخاص لأنه لن يؤدي إلا إلى تفاقم نمو الأسعار.
عودة توقعات التشديد النقدي
آخر مرة رفع فيها المتداولون توقعات أسعار الفائدة بهذا القدر كانت في سبتمبر، عندما صدمت رئيسة الوزراء السابقة ليز ترَس الأسواق بخطط إنفاق ضخمة. لكن عناد التضخم وسوق العمل الضيقة دفعاهم إلى تكثيف رهانات التشديد النقدي مرة أخرى، على عكس نظرائهم في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، حيث يتوقع أن يقترب صانعو السياسة من نهاية دورات التشديد النقدي.
أدى تغير التوقعات إلى قلب منحنى العائد في المملكة المتحدة، مما يشير إلى أن السوق أكثر قلقاً بشأن توقعات النمو، ويتوقع أن تنخفض المعدلات جيداً في المستقبل. يبلغ العائد على السندات لأجل 10 أعوام الآن ما يقرب من 70 نقطة أساس أقل من نظيره لأجل عامين، وهو أكبر فارق منذ 2000. قبل شهر واحد فقط، كانت الرهانات على سعر الفائدة النهائي أقل من 5%، وهو مستوى لا يزال يُنظر إليه على أنه الأكثر ترجيحاً من قبل الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع بلومبرغ.
مسار مغاير للاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي
تتناقض رهانات السوق على زيادات بنك إنجلترا الإضافية للفائدة مع توقعات الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، إذ من المتوقع إقرار زيادتين إضافيتين بمقدار ربع نقطة على الأكثر.
قال رافائيل غالاردو، كبير الاقتصاديين لدى "كارميغناك غستشن" (Carmignac Gestion): "إن المملكة المتحدة في وضع أسوأ من أوروبا والولايات المتحدة، كما أن خطر انفلات توقعات التضخم هو الأعلى في العالم المتقدم..على بنك إنجلترا أن يستمر في التشديد النقدي".