يجتمع مجلس بنك المغرب المركزي، غداً الثلاثاء، وسط توقعات تتأرجح ما بين سيناريو تخفيف وتيرة الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي إلى 25 نقطة أساس، وسيناريو إنهاء دورة التشديد النقدي.
سعر الفائدة الرئيسي يبلغ حالياً 3%، وهو الأعلى منذ عام 2014، حيث تمّ رفعه ثلاث مرات بواقع 50 نقطة أساس منذ سبتمبر الماضي، بهدف كبح التضخم الذي أنهى العام الماضي بواقع 6.6% بعدما ظل تحت سقف 2% في العقد الماضي.
اجتماع بنك المغرب المركزي يأتي بعد أيام قليلة من رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4%، في حين قرر الفيدرالي الأميركي إنهاء دورة التشديد مؤقتاً وإبقاء معدل الفائدة عند نطاق 5% إلى 5.25%.
في نهاية الربع الأول من العام الجاري، ارتفع متوسط سعر الإقراض إلى 5.03% من 4.5% نهاية العام 2022، ووصل بالنسبة لقروض الأفراد إلى 5.63%، والشركات إلى 4.98%، وهو انعكاس لرفع سعر الفائدة الذي تم في سبتمبر وديسمبر.
يأخذ المغرب بعين الاعتبار قراري البنك المركزي الأوروبي والفيدرالي الأميركي، لكن لا يتبعهما بالضرورة، حيث يعتمد بشكلٍ أساسي على مسار التضخم في البلاد وفقاً لمعطيات المندوبية السامية للتخطيط، الهيئة الحكومية المكلفة بالإحصاءات.
سيناريو إبقاء سعر الفائدة على وضعه
يرى أحمد زهاني، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في بنك الأعمال "سي دي جي كابيتال" (CDG CAPITAL)، أنه ينبغي على مجلس إدارة بنك المغرب أن يقرر فترة توقف بعد ثلاث زيادات متتالية في الفائدة.
كان التضخم في المغرب العام الماضي مدفوعاً بارتفاع أسعار المحروقات عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي بداية العام الحالي زاد بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية تحت تأثير موجة الجفاف غير المسبوقة في المملكة، حيث سجل قفزة كبيرة في فبراير عند 10.1%، مقابل 8.9% في يناير، لتبدأ وتيرته بالتباطؤ في مارس إلى 8.2% ثم إلى 7.8% في أبريل.
يوسف كراوي فيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، يرى أن بنك المغرب لن يلجأ لرفع سعر الفائدة الرئيسي غداً نظراً لاستقرار الأسعار، مضيفاً في تصريح لـ"اقتصاد الشرق" أن الحكومة هي المطالبة اليوم بالتدخل من أجل ضبط الأسعار، واعتبر أن التوجه "للزيادة في سعر الفائدة سيكون غير مبرر".
كانت سياسة التشديد النقدي للبنك المركزي لاقت انتقادات من قِبل عدد من البرلمانيين المنتمين للأغلبية الحكومية في المغرب، باعتبار أن ذلك يؤثر على أهداف ميزانية 2023 بتسجيل نمو 4%، رغم الظروف الاقتصادية والمناخية غير المواتية.
تباطأ النمو الاقتصادي في المغرب في عام 2022 إلى 1.3% من 8% المحققة في العام الذي سبق، نتيجة تراجع النشاط الزراعي بنسبة 12.9% مقابل نمو 19.5% عام 2021، بسبب موسم جفاف قالت الحكومة إنه الأسوأ منذ أربع عقود.
أحمد زهاني أشار لـ"اقتصاد الشرق" إلى أن سيناريو الإبقاء على الوضع الراهن لسعر الفائدة يجد مبرراته في هشاشة الانتعاش الاقتصادي نتيجة تأثير الجفاف وانخفاض الطلب الأجنبي والمحلي، وهو ما يتطلب التريث لتمرير الزيادات السابقة التي ظلت جزئية بالنسبة لمعدلات الاقتراض، وأعلى بالنسبة لمعدلات الفائدة على الودائع.
احتمال الرفع بـ25 نقطة
مقابل توقعات إنهاء دورة التشديد النقدي، تبرز قراءات أخرى تفيد خلاف ذلك، وهو ما يشير إليه استطلاع أجراه "المركز التجاري للأبحاث" شمل 35 متعاملاً مالياً في السوق المغربية توافق معظمهم حول احتمال رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
أفاد المركز، التابع لبنك "التجاري وفا" أكبر مصرف في المملكة، أن 67% من المستثمرين توقعوا رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، مقابل 8% توقعوا رفعه بمقدار 50 نقطة أساس، أما نسبة الذين توقعوا الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير فجاءت في حدود 25%.
مكتب "بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسيرش" (BMCE Capital Global Research)، للأبحاث والتحليلات المالية، اعتبر هو الآخر أن السيناريو المرجح هو رفع بمقدار 25 نقطة أساس، أو الإبقاء على الوضع الراهن، لكن هذا الأخير يبقى احتمالاً ضعيفاً.
أشار مكتب الأبحاث في تقريره، الصادر نهاية الأسبوع، إلى أن انعقاد مجلس بنك المغرب يأتي في وقت بدأت السياسات النقدية المحلية والدولية تؤتي ثمارها، حيث تباطأ التضخم بعد أشهر من الارتفاع القوي، وتوقعات النمو لسنة 2023 في حدود 2.7%، مقابل 3% المتوقع من صندوق النقد الدولي و"فيتش للتصنيف الائتماني"، وبنك المغرب في حدود 2.6%.
تبقى الآفاق الاقتصادية محلياً ودولياً عنصراً يُؤخذ في الاعتبار من قِبل بنك المغرب قبل اتخاذ قرار الفائدة، فالرهان هو الموازنة بين ضبط مساعي كبح التضخم، وفي الوقت عينه دعم الانتعاش الاقتصادي للبلاد، وهي مسؤولية صعبة تُلقى مجدداً على عاتق عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب المخضرم.