يبدو أن المستثمرين الراغبين في الحصول على فرص استثمارية في قطاع الخدمات المالية في أوروبا لم يحسموا أمرهم بشأن أفضل الفرص. ويتزامن ذلك مع سعي كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين في البنوك وشركات التأمين –بما في ذلك جان بيير موستير، وتيغاني تيان، ومارتن بليسينغ– لاستغلال هوس المستثمرين بشركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص للاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية وغيرها من الشركات التي لديها فرصة كبيرة للنمو، محاولين الانضمام لتلك الموجة كأسهل الطرق للعمل في الوقت الحالي.
وسيكون أمراً طبيعياً لأي مدير تنفيذي عاطل عن العمل القفز إلى موجة صعود شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص والتي تتدفق إليها عشرات مليارات الدولارات.
فمن سيكون أقدر من رئيس تنفيذي سابق في أحد البنوك على تحديد أفضل أهداف الاستحواذ في صناعة التمويل؟ للعمل مع الشركات التي يطلق عليها "شيك على بياض" والاستحواذ على أحد الأعمال الخاصة وطرحها للاكتتاب العام.
قد تكون تلك طبيعة الأمور، ولكن هؤلاء المسؤولين التنفيذيين تركزت أعمالهم طوال العقد الماضي على تقليص أنشطة مؤسساتهم وليس التوسع. كما لم يحققوا نفس مستوى النجاح. وهنا، يحتاج المستثمرون إلى عدم التركيز على الأسماء الشهيرة فقط والبحث فيما وراء تلك الأسماء والتعرف على ما إذا كانت شركات الاستحواذ تلك يمكنها بالفعل التعرف على الشركات التي ستحقق نمواً.
من يكتب قصة النجاح؟
الأمر هنا يشبه اقتران أسماء مشاهير رجال الأعمال بشركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.
ويبقى العامل الحاسم في قدرة الفريق الذي يعمل مع هؤلاء المسؤولين التنفيذيين لتحقيق النجاح.
قد يعطيك العمل في بنك كبير تدريباً جيداً على إدارة العمل؛ ولكن اكتشاف قصة نجاح جديدة مقبلة في القطاع المالي يتطلب رؤية، وموهبة، وخبرة استثمارية وليس خبرة في قيادة العمل. أضف إلى ذلك أن هناك منافسة شرسة بين موستير، وتيام، وغيرهم، ومستثمرين لديهم الخبرة والمال. كذلك يتوقف النجاح في تحقيق مكاسب لمستثمري شركات الشيك على بياض على قدرة هؤلاء على إدارة الصفقات الصعبة. ولذلك فإن اختيار أبرز الشركات التي ستحقق نمواً ليس بالضرورة مهارة يكتسبها الرؤساء التنفيذيون السابقون للبنوك من عملهم.
فعلى سبيل المثال فإن موستير -الذي ترك العمل في إدارة "يونيكريديت" الإيطالية الأسبوع الماضي فقط- ومقارنة بالشركات المنافسة، أثبت ذكاءً في توقعه قبل سنوات أن نشاط تداول الأسهم الصغيرة والمتوسطة لن يكون مربحاً لفترة طويلة. ولكن تلك الرؤية بشأن التحديات المستقبلية وليس الفرص المتاحة.
وارتبطت أبرز نجاحات موستير بقراراته الجريئة بشأن التخارج من الأعمال، لكن ذلك تضمن تخارجه من إحدى الاستثمارات الهامة للشركة وهي بنك "فينيكو" مقدم القروض عبر الإنترنت والذي ارتفعت أسهمه بنسبة 50% منذ تخارج "يونيكريديت" في 2019.
سيدير موستير شركة استحواذ ذات غرض خاص لصالحه بالتعاون مع دييغو غيورغي المصرفي الاستثماري السابق. ويدعم موستير زملاء سابقون في "تيكهايو كابيتال" التي تدير أصولا خاصة بقيمة 35 مليار دولار، وبرنارد أرنولت الملياردير الفرنسي الشهير.
ويعتمد موستير وغيورغي على براعة إدارة استثمارات الشركات العائلية لدى "تيكهايو" و"أرنولت" إلى جانب علاقاتهم الشخصية.
وبالنسبة إلى تيام، فقد أمضى سنوات يعمل على تقليص المركز المالي لبنك "كريدي سويس" وإعادة التركيز على إدارة الثروات؛ قبل أن يتم طرده من العمل وسط فضيحة تجسس. كما لاقت تجربة الاستحواذ التي قام بها أثناء إدارته لشركة "بريودينتيال" للتأمين غضب المساهمين الذين رفضوا سعر الاستحواذ وكذلك الجهات التنظيمية التي لم يقدم إليها الإفصاحات المطلوبة.
ويمتلك الرئيس التنفيذي الحالي لشركة تيام للاستحواذ ذات الغرض الخاص والمصرفي السابق في "كريدي سويس" خبرات في مجال علاقات المستثمرين والاستشارات المالية للشركات، فيما لا يمتلك الخبرة الكافية في الاستثمار وإعادة هيكلة الأعمال. ولكن تبقى رعاية ومشاركة صندوق الاستثمارات الخاصة التابعة لشركة "بيمكو" العملاقة الراعي للشركة ذات الاستحواذ لغرض خاص مصدر طمأنة المستثمرين.
أما بليسينغ الذي ترك عمله في إدارة كومرتس بنك الألماني وهو بحاجة لمزيد من إعادة الهيكلة، فيسعى إلى جمع تمويلات من مستثمرين لصالح شركته ذات الغرض الخاص والذين سيكون عليهم التدقيق بعناية بشأن استثماراتهم مع بليسنيغ.
مخاطر ضمنية
قد تكون شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص أكثر المتغيرات إثارة في وول ستريت. وقد يكون الاستثمار بالشراكة مع أحد العاملين في المجال المصرفي رهاناً آمناً نسبياً فمن المحتمل أن يحصلوا على صفقات رائعة؛ خاصة مع تحررهم من القيود التي تضعها المؤسسات الكبرى وتعقيداتها الإدارية ونظمها التقليدية. ولكن تبقى شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص استثماراً محفوفا بالمخاطر في حد ذاته. وكما يحذر زميلي كريس براينت دائماً أن الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنوك ليسوا ضماناً لتحقيق النجاح.