من المرجح أن يستجيب البنك المركزي التركي للتطورات الجارية في السوق في اجتماعه الأخير بشأن السياسة النقدية قبل إجراء الانتخابات المنتظرة الشهر المقبل، حتى لو كان ذلك يعني مخالفة رغبات الرئيس رجب طيب أردوغان في خفض أسعار الفائدة باستمرار.
قد تكون زيادة تقلبات الليرة التركية والتوقُّعات بانخفاض حاد في قيمتها مستقبلاً، بغض النظر عن نتائج الانتخابات، حاسمة اليوم الخميس.
يتوقَّع معظم الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع أجرته "بلومبرغ" الإبقاء على معدل الفائدة القياسي دون تغيير عند 8.5% للشهر الثاني.
ما تزال أقلية صغيرة - تضم "اتش اس بي سي هولدينغز" و"ستاندرد تشارترد"- تتوقَّع خفض معدل الفائدة نصف نقطة مئوية، في حين يقول آخرون، مثل "غولدمان ساكس"، إنَّ تيسير السياسة النقدية بشكل رمزي أمر محتمل حالياً قبل أسابيع فقط من إجراء الانتخابات.
دفعت تقلبات الليرة "بلومبرغ إيكونوميكس" إلى مراجعة توقُّعاتها من "خفض" معدل الفائدة إلى "الإبقاء" عليها دون تغيير.
قال خبراء اقتصاديون لدى "غولدمان ساكس" بينهم باساك إيديزجيل في تقرير : "برغم وجود مخاطر طفيفة لخفض أسعار الفائدة بشكل رمزي كون الانتخابات المقبلة على بعد أقل من شهر؛ نعتقد أنَّ البنك المركزي التركي يركز بشكل أساسي حالياً على الحفاظ على استقرار الليرة وسط ضغوط التراجع المتزايدة، على الأقل لحين إجراء الانتخابات".
منذ توليه المنصب منذ أكثر من عامين؛ خفّض محافظ البنك المركزي التركي، شهاب قاوجي أوغلو، أسعار الفائدة تسع مرات، دون أن يرفعها مرة واحدة، برغم الحاجة لمواجهة أسوأ أزمة تكلفة معيشية تشهدها تركيا منذ عقود.
يتزامن ذلك مع مرور العالم بأجرأ موجة تشديد للسياسة النقدية منذ 40 عاماً، مما جعل تركيا في مرتبة نائية من حيث تكاليف الاقتراض بأدنى معدلات للفائدة في العالم عند تعديلها وفقاً للتضخم.
الأتراك يتجاهلون البنوك ويتدفقون إلى "البازار الكبير" للتخلص من الليرة
[object Promise]جهود حماية الليرة التركية
التوقف عن خفض معدل الفائدة على الليرة خلال الأسبوع الجاري يتّبع جهوداً مكثفة من جانب البنك المركزي لتشديد اللوائح المالية دفاعاً عن العملة، بما في ذلك مطالبة البنوك بالحد من شراء الدولار في إطار نهج التدخل الذي أصبح سمة مميزة منذ تولي شهاب قاوجي أوغلو منصبه.
لكنَّ الضغط على الليرة لم ينشأ إلا مع ارتفاع الطلب على النقد الأجنبي مع اقتراب إجراء الانتخابات. انتشر القلق أيضاً خارج سوق العملات، إذ ارتفعت تكلفة التحوط من التخلف عن سداد الديون التركية بسرعة الأسبوع الماضي.
"المركزي التركي" يطالب البنوك المحلية بخفض مشتريات الدولار
في غضون ذلك، سجلت الليرة أدنى مستوياتها القياسية، إذ انخفضت بنحو 4% مقابل الدولار منذ بداية 2023.
وحتى مع افتراض تطبيع السياسة النقدية بعد الانتخابات؛ فقد تنخفض العملة التركية 30% مقابل الدولار عن مستوياتها الحالية، بحسب "جيه بي مورغان".
يركز أردوغان منذ فترة طويلة على خفض أسعار الفائدة، وأصبح أكثر صرامة في فرض السياسة النقدية منذ أن وسّع سلطاته قبل خمس سنوات.
في معظم الاجتماعات الأخيرة، كان البنك المركزي التركي متجاوباً مع دعوات الرئيس لخفض معدل الفائدة القياسي 5.5 نقطة مئوية منذ أغسطس 2022. وعلى الرغم من تراجع التضخم في تركيا؛ لكنَّه تجاوز 50% لأكثر من عام.
لم يتردد صدى القلق بين المستثمرين لدى أردوغان، الذي قال الأسبوع الماضي إنَّ أسعار الفائدة ستنخفض طالما أنَّه بقي في السلطة، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض التضخم. وأضاف :"سنقدم النموذج التركي للعالم".