أعلنت البنوك الأوروبية عن أسوأ نتائج مالية على مدار عِقدٍ من الزمن، في حين أشارت إلى أنَّها قد تخطَّت أصعب الفترات نتيجة تداعيات جائحة كورونا.
وقد أعلن 19 بنكاً من البنوك الأوروبية الكبرى عن انخفاض أرباحها المجمَّعة إلى ما دون 10 مليارات يورو مسجلة أقل أرباح منذ بدء تجميع بلومبرغ إنتلجينس للبيانات في العام 2010.
وعلى الرغم من ذلك، أوصت بنوك مثل "سوسيتيه جنرال"، و"بي إن بي باريبا"، و"بانكو ستاندرد"، بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين وسط توقُّعات بخفض مخصَّصات خسائر الائتمان، وبدء تطبيق استراتيجيات لخفض التكاليف.
وقال ويليام كادوش تشاسينغ، المدير المالي في بنك "سوسيتيه جنرال" الاستثماري، في مقابلة: "تتحسَّن الظروف بشكل واضح مع بداية العام الجديد". وأضاف: "هناك تأُثير للإغلاق على جميع القطاعات، وخاصة البيع بالتجزئة، لكنَّ الأمور تبقى جيدة".
ماذا عن البنوك الأمريكية؟
وتزداد معاناة بنوك مثل "إيه بي إن أمرو"، و"كوميرزبنك"، و"سويتيه جنرال"، و"سانتاندر "مع تكبُّدها خسائر بنهاية العام مقابل حفاظ البنوك الأمريكية على ربحيتها. فقد نجحت البنوك الأمركية في الحفاظ على الربحية بدعم من الأرباح القياسية التي سجَّلتها من تداولات الأسهم.
وقد تباطأ نمو أرباح البنوك الأمريكية على أساس سنوي مقارنة بالعام 2019 وسط تزايد مخصصات خسائر الائتمان لدى أغلبها، فيما حقَّقت "مورغان ستانلي"، و"جي بي مورغان" للعمليات المصرفية التقليدية، و"جي بي مورغان" الاستثماري أفضل نتائجهم على الإطلاق.
وعلى الجانب الأخر تأثرت أرباح البنوك الأوروبية بالأداء الباهت لأسواق الأسهم، وارتفاع مخصصات خسائر الائتمان خوفاً من تعثُّر المقترضين عن السداد، التي وصلت إلى 47.4 مليار يورو مقارنة بتسجيل 25.9 مليار يورو فقط في العام 2019.
ولم يتوقَّف الأمر عند زيادة المخصصات، بل انعكس الأداء على أسعار الأسهم، فقد انخفض متوسط مضاعف القيمة الدفترية إلى 0.54 بنهاية العام 2020 مقارنة بمستوى 0.74 في بداية العام نفسه، وفقاً للبيانات المجمَّعة عن طريق بلومبرغ.
أزمة في الأفق
أشار البنك المركزي الأوروبي في بيان أصدره الشهر الماضي، إلى أنَّ تباطؤ الاقتصاد أثَّر سلباً على جهود البنوك من أجل خفض مستويات الديون المعدومة لديها، وقال: "هناك تأُثير لتداعيات الأزمة على مستويات تعثُّر القروض لم يظهر بشكل كامل بعد".
وألغى بنك "إيه بي إن أمرو" التوزيعات النقدية على المساهمين عن نتائجه للعام 2020 في ظل تسجيله أرباح غير متوقَّعة في الربع الأخير من العام، التي بلغت 54 مليون يورو، وهو ما لم يكن كافياً لإنقاذ البنك الهولندي من تسجيل أوَّل نتائج سلبية منذ عام 2010.
ولم يمتد الأداء السيئ للبنوك الأوروبية كافةً، فقد نجح "دويتشه بنك" في توفير مليارات اليوروهات نتيجة خطة إعادة هيكلة مصروفات البنك التي طبَّقها خلال السنوات السابقة، التي تزامنت مع تسجيل إيرادات قياسية من وحدة تداول الأسهم التابعة للبنك، وهو الأمر الذي أدَّى إلى تسجيل البنك أوَّل أرباح سنوية منذ ست سنوات.
وقد نجح البنك في بيع سندات هذ الأسبوع بعائد أقل مقارنة بفئة الإصدار نفسها السابقة في نوفمبر الماضي. فقد أٌقبل المستثمرون على شراء السندات البالغ إجمالي قيمتها 3 مليارات يورو لتصل طلبات الشراء إلى 7.6 مليار يورو (9.2 مليار دولار).
وبعدما أعلنت عن تسجيل نتائج سنوية سلبية، أشارت البنوك الأوروبية إلى انخفاض مخصَّصات خسائر الائتمان خلال الربع الأول من العام الجاري.
ومنذ بداية العام، تفوَّق أداء مؤشر أسهم البنوك الأوروبية على المؤشر العام بعدما ارتفع بنسبة 6% مقابل 3% للمؤشر العام للأسهم الأوروبية.
التوزيعات النقدية
أعلن "سوسيتيه جنرال" عن التوصية بتوزيع 470 مليون يورو على المساهمين في حين أوصى "سانتاندير" توزيع 0.10 يورو للسهم، بما يعادل القيمة الإجمالية نفسها لتوزيعات "سوسيتيه جنرال" تقريباً.
وأعلنت مجموعة "بانكو بيلبا"، و"فيزكايا أرجنتاريا" عن خطتها لشراء أسهم خزينة تعادل 10% من إجمالي أسهم المجموعةن والعودة لسياسة توزيع الأرباح المتَّبعة قبل الأزمة بدعم من بيع وحدتها المصرفية في الولايات المتحدة، التي نتج عنها تحقيق رأس مال إضافي بقيمة 8.5 مليار يورو.
وذكر فريق محللو بلومبرغ إنتلجينس بقيادة فيليب ريتشاردز في المذكرة الصادرة يوم الأربعاء: "من المتوقَّع أن تصل معدَّلات تعثُّر القروض ذروتها في العام 2021، إلا أنَّنا نعتقد أنَّ تكلفة المخاطر قد تبدأ في التباطؤ".
كما أنَّ تسجيل البنوك الأوروبية لإيرادات تفوق التوقُّعات "يعزِّز من توقُّعات توزيع أرباح نقدية على المساهمين، بمجرد فك الحظر الذي فرضه البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر الماضي"، بحسب محلل بلومبرغ.