تضطلع البنوك المركزية بدورها التقليدي بأن تكون الملاذ الأخير للإقراض، وتُعرف الطريقة التقليدية التي يقدم بها "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي" هذا الدعم للنظام المالي باسم "نافذة الخصم".
في الأسبوع العاصف الذي انتهى في 15 مارس، اقترضت البنوك 152.85 مليار دولار من نافذة الخصم، ارتفاعاً من 4,58 مليار في الأسبوع السابق. كان الرقم القياسي 111 مليار خلال الأزمة المالية في 2008.
إليك ما يجب معرفته عن "نافذة الخصم":
1) ما نافذة الخصم وما طريقة عملها؟
هي التسهيل الرئيسي المباشر للإقراض الذي يقدمه "الاحتياطي الفيدرالي" لدعم استقرار النظام المصرفي الأميركي وتوفير السيولة به. كما أنها تمكن البنك المركزي من إقراض البنوك المال لمدة تصل إلى 90 يوماً. بينما تتوفر هذه الخدمة دوماً، فإنها تلقى رواجاً في أوقات الأزمات وتوتر المؤسسات أو الأسواق عندما يصعب الحصول على الأموال من جهات أخرى. تحصل البنوك على المال مقابل تقديم ضمانات -أوراق مالية مثل السندات الحكومية- التي يمكن للبنك المركزي الاحتفاظ بها في حالة عدم سداد القرض.
2) لماذا يطلق عليها نافذة "الخصم"؟
يراجع "الاحتياطي الفيدرالي" الشروط التي يقدم المال بموجبها وفقاً للأوضاع، لكنها ارتبطت من الناحية التاريخية بإقراض مبلغ أقل من قيمة الضمان، وهو خصم شائع في المصطلحات المصرفية يُعرف باسم "هامش الضمان"، ما يضيف حاجز أمان إضافياً إلى "الاحتياطي الفيدرالي" حال عدم سداد القرض، ويقلل من جاذبية هذا التسهيل، حتى لا تعتاد البنوك استخدامه إلا عند الحاجة الماسة إليه. كما أن الطبيعة الطارئة لنافذة الخصم يُنظر إليها على أنها "وصمة" -إلى حد ما- للبنوك التي تستخدم هذا التسهيل.
3) ما الغرض من نافذة الخصم؟
في بعض الأحيان تتجمد الأسواق مع عدم تمكن البنوك من إيجاد ما تحتاج إليه من أموال سائلة، ما يعرض العائلات والأعمال وكذلك الاقتصاد الأوسع نطاقاً للخطر حال عدم تمكن البنوك من الحصول على الأموال.
الأمثلة التي زاد فيها استخدام نافذة الخصم تشمل الفترة بعد هجمات 11 سبتمبر، وفي أثناء الأزمة المالية والركود ما بين 2007 و2009، وبدء الجائحة في 2020، وحالياً عقب انهيار مصرف "سيليكون فالي بنك" (SVB) و"سيغنتشر بنك" (Signature Bank).
"الفيدرالي" قادر على محاربة التضخم.. ووقف عدوى البنوك أيضاً
4) ما الوتيرة العادية لاستخدام نافذة الخصم؟
في بداية الجائحة، قدم "الاحتياطي الفيدرالي" أكثر من 50 مليار دولار في أسبوع واحد عبر نافذة الخصم. بعدها تراجع الاستخدام الأسبوعي إلى أدنى من 5 مليارات على مدى 2021، ولم يتجاوز 10 مليارات على مدى العام الماضي. مع ذلك، بنهاية 2022 ارتفعت قروض نافذة الخصم لتبلغ أعلى مستوياتها منذ يوليو 2020. ومع تزايد قروض البنوك الأميركية عبر قنوات أخرى، فهذا يشير إلى خسارة البنوك للودائع في ظل رفع "الاحتياطي الفيدرالي" لأسعار الفائدة. لكن الطلب على نافذة الخصم تراجع بعد هذه الفترة.
5) لماذا يكثر استخدام نافذة الخصم في الوقت الحالي؟
انهيار مصرف "سيليكون فالي" في 10 مارس وإغلاق "سيغنتشر بنك" بعدها بيومين تسببا في صدمة في النظام المالي ودفعا عديداً من العائلات والشركات إلى التفكير في نقل ودائعهم خارج البنوك التي يعتبرونها غير مستقرة. قرر "الاحتياطي الفيدرالي" زيادة تسهيل إقراض البنوك من نافذة الخصم لتجنب مزيد من الهلع المصرفي وحدوث أزمة مالية مكتملة الأركان وركود محتمل. كما بدأ بتقييم الضمان المقدم مقابل الأموال بـ"القيمة الأصلية"، أي بالقيمة الاسمية للضمان، بدلاً من التزام القاعدة المتبعة بفرض هامش الضمان.
اتُّخِذَ هذا القرار جزئياً لتخفيف وطأة الوصمة التي تشعر البنوك بها عند اضطرارها إلى الاقتراض من "الاحتياطي الفيدرالي". كما أراد البنك المركزي أن يصبح قرار الاقتراض منه قراراً يسهل اتخاذه لعزل النظام المالي الأكبر والاقتصاد. وفرض البنك أيضاً التعامل مع قروض نافذة الخصم طبقاً لبرنامج تسهيل القروض الطارئة الجديد الذي أنشأه.
6) ما التسهيلات الأخرى الجديدة للقروض؟
أُنشئ "برنامج التمويل المؤقت للبنوك" (Bank Term Funding Program) مع بداية انهيار مصرف "سيليكون فالي"، وأتاح البرنامج للبنوك الحصول على قروض لمدة تصل إلى سنة بضمان سندات حكومية تقدر قيمتها ضماناً بكامل قيمتها الاسمية. كان الدافع الرئيسي لإخفاق "سيليكون فالي" هو فقدان حيازاته من سندات الخزانة لقيمتها مع رفع "الاحتياطي الفيدرالي" لأسعار الفائدة بوتيرة سريعة على مدى العام السابق، إذ إنّ ارتفاع عائدات السندات الجديدة يعني إمكانية بيع السندات منخفضة العائد بسعر أقل.
"جيه بي مورغان": قروض "الاحتياطي الفيدرالي" توفر سيولة بتريليوني دولار
بنهاية 2022، قالت "وكالة التأمين على الودائع الفيدرالية" (FDIC) إنّ مجموع ما خسرته البنوك في حيازاتها يبلغ 620 مليار دولار. في الفترة ما بين 13 و15 مارس، اقترضت البنوك 11,9 مليار من برنامج الإقراض الجديد.
7) ماذا يكشف ذلك عن النظام المالي؟
إذا جمعناها معاً، فسيوضح الائتمان المقدم عبر خطتي الدعم أن النظام المالي ما زال هشاً. خسرت البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم المليارات في الودائع التي نُقلت بشكل أساسي إلى بنوك وصناديق نقدية أكبر عقب الأزمة المصرفية. وفي الوقت ذاته يُظهِر القبول الكبير للقروض بعض النجاح في إزالة وصمة استخدام نافذة الخصم، ويشير إلى أن "الاحتياطي الفيدرالي" أحرز بعض النجاح في تقديم الدعم الحيوي الذي صُمم لتقديمه.