أدى الدعم الحكومي والمرسوم السويسري الطارئ الذي سمح بتخارج المساهمين بطريقة أفضل من بعض السندات، إلى جعل صفقة شراء "يو بي إس غروب" لمصرف "كريدي سويس غروب" التي توسطت فيها الحكومة، تاريخية ومعقدة ومتفردة.
استغرق التوصل لاتفاق حول أول عملية اندماج لمصرفين مهمين على الصعيد النظامي منذ وقوع الأزمة المالية قبل 15 سنة تقريباً عدة أيام.
تقرر أن يدفع "يو بي إس" 3 مليارات فرنك لمنافسه المتداعي في صفقة ترمي لتفادي حدوث أزمة مالية على نطاق أوسع.
مولت حكومة سويسرا الصفقة بتوفير سيولة نقدية، وبضمان تغطية ما يقدر بـ9 مليارات فرنك (ما يعادل 9.7 مليار دولار) من خسائر "يو بي إس"، وعن طريق التنازل عن مطلب الحصول على موافقة المساهمين.
نستعرض فيما يلي النقاط الأساسية للصفقة:
أبرز بنود الصفقة
سيحصل مساهمو "كريدي سويس" على أسهم من "يو بي إس" في صفقة تقدر قيمة المصرف عند 3 مليارات فرنك. وصلت قيمة المؤسسة 7.4 مليار فرنك تقريباً وفق سعر إغلاق التداول الجمعة الماضية، مقارنة بنحو 20 مليار فرنك قبل سنة، وأكثر من 100 مليار فرنك عند مستوى ذروته في 2007.
يعني استخدام عمليات تمويل حكومية شطب حوالي 16 مليار فرنك من السندات الفئة الأولى لتصبح صفراً. يعني هذا أن حاملي السندات - الذين يُنظر إليهم عادةً على أنهم الأولوية الأولى لسداد المستحقات عند انهيار المصرف أكثر من حاملي الأسهم – تكبدوا خسارة أكبر.
أكد بيان "كريدي سويس" أنه ينتظر إتمام الصفقة مع نهاية العام الجاري. أوضح رئيس "يو بي إس" كولم كيليهر أنه ليس هناك خيارات أمام "يو بي إس" للتراجع عن الاتفاق. استخدمت حكومة سويسرا مرسوماً طارئاً لتفادي مطلب الحصول على موافقة حاملي الأسهم.
قال ممثل عن هيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية (FINMA)، الجهة التنظيمية السويسرية، بمؤتمر صحفي أمس الأحد إن كيليهر والرئيس التنفيذي لـ"يو بي إس" رالف هامرز سيحتفظان بمنصبيهما في الكيان المدمج، معلناً أن الصفقة التي ستستمر بموجبها إدارة "كريدي سويس" بعملها حتى الانتهاء من الصفقة. ومن ثم، سيتحدد مستقبلهم بناء على قرار لـ"يو بي إس".
ذكر كيليهر في بيان يو بي إس: "تعتبر صفقة الاستحواذ جذابة لحاملي أسهم "يو بي إس" لكن، لكي نكون واضحين، فإن هذه تعد عملية إنقاذ طارئة".
مستقبل شركة إدارة الثروات
اتسم كيليهر بالوضوح أيضاً عندما أشار إلى أن "يو بي إس" متحمس لشركة إدارة الثروات التابعة لـ"كريدي سويس" والشركة السويسرية، لكن مصرفها الاستثماري لا يحظى بنفس القدر من الحماس.
أكد بيان صحفي لـ"يو بي إس" أن الشركة المدمجة ستمتلك أصول عملاء بقيمة تبلغ 5 تريليونات دولار. نوه كيليهر إلى أن الشركة مصرة على الإبقاء على الوحدة السويسرية المربحة في "كريدي سويس"، رغم المخاوف المتعلقة بتراجع التركيز على السوق المحلية نتيجة هذه الصفقة.
لكن أنشطة المصرف الاستثماري ستتقلص، وعلى الأرجح سيضع ذلك نهاية لأحلام فصل وحدة "سي إس فيرست بوسطن" (CS First Boston).
أضاف كيليهر في المؤتمر الصحفي: "دعوني أكون محدداً تماماً حول هذا الأمر إذ يعتزم (يو بي إس) تقليص حجم الأعمال المصرفية الاستثمارية لـ(كريدي سويس) لتواكب ثقافة المخاطر المحافظة الخاصة بنا".
تخفيضات كبيرة للوظائف
أشار كيليهر إلى أنه من المبكر تحديد حجم تقليص الوظائف، لكن هناك علامات صادرة عن "يو بي إس" تدل على أنه سيكون رقماً كبيراً. أعلنت المؤسسة أنها تعتزم الحد من أساس التكلفة السنوية للشركة المدمجة بما يفوق 8 مليارات دولار مع حلول 2027. يشكل ذلك نصف نفقات "كريدي سويس" العام الماضي تقريباً.
أوضح رئيس "يو بي إس" أنه يدرك أن الشهور المقبلة ستكون "عصيبة" على موظفي "كريدي سويس" وتعهد بأن "يو بي إس" سيبذل قصارى جهده لجعل حالة عدم اليقين قصيرة الأمد قدر المستطاع.
دعم الحكومة السويسرية
حصل المصرفان على سماح بوصول غير محدود لتسهيلات السيولة المالية للبنك الوطني السويسري. وتعهدت الحكومة السويسرية بتحمل ما يقدر بـ9 مليارات فرنك "منبثقة عن أصول معينة سيستحوذ عليها "يو بي إس" ضمن الصفقة، في حال تخطت أي خسائر مستقبلية مستوى معيناً".
اعتبر كيليهر أن ضمان الحكومة لتغطية الخسارة كان مسألة ضرورية لأنه لم يتوفر سوى وقت قليل للقيام بالفحص النافي للجهالة، ويمتلك "كريدي سويس" أصولاً من الصعب تقييمها في السجلات المالية التي يعتزم "يو بي إس" تقليصها تدريجياً. إذا ترتب على ذلك وقوع خسائر، فسيتحمل "يو بي إس" أول 5 مليارات فرنك والحكومة الفيدرالية 9 مليارات فرنك التالية. وأي خسائر أخرى يتعين أن يتحملها "يو بي إس".
وصف كيليهر هذا الضمان الحكومي بأنه بمثابة "وثيقة تأمينية"، واختتم بأن حصة أول خسارة كبيرة التي سيتحملها مصرف "يو بي إس" تعني أنه لا يمتلك باعثاً على استعمال الضمان ما لم يكن ذلك ضرورياً بصورة حتمية.