المنظمون قلقون بشأن حجم البنوك لكن يجب أن يركزوا على قوتها

البنوك الكبرى تحتاج التقوية وليس التفكيك

لافتات معلقة خارج مقر وكالة التأمين على الودائع الفيدرالية في واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية - المصدر: بلومبرغ
لافتات معلقة خارج مقر وكالة التأمين على الودائع الفيدرالية في واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

اعتادت هيئات الرقابة على النظام المالي في الولايات المتحدة القلق بشأن حجم البنوك. وتود بعض الجهات منع البنوك متوسطة الحجم من التوسع من خلال عمليات الدمج، فيما تفكر أخرى في تفكيك أكبرها.

من حق تلك الجهات أن تقلق بشأن ذلك الأمر، لكنَّ تركيزها في غير موضعه. بدلاً من القلق بشأن حجم البنوك، لابد من التركيز على قوتها.

تمثل ما تسمى بالبنوك المهمة للنظام المالي تحديات. ورغم تمتع هذه البنوك بمميزات، فهي معقدة ومتشابكة للغاية مع الاقتصاد الأوسع نطاقاً لدرجة يصعُب التفكير في فشلها، إذ إنَّ هناك المئات وربما الآلاف من الشركات التابعة لهذه البنوك في شتى أنحاء العالم.

أصول ضخمة

تملك أكبر 5 بنوك أميركية أصولاً تتراوح قيمتها بين 1.4 تريليون دولار و3.7 تريليون دولار، وتتضاءل إلى جانبها أكبر عملية إفلاس تعاملت معها مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية؛ وهي إفلاس بنك "واشنطن ميوتشوال" (Washington Mutual) الادخاري الذي كان يملك أصولاً قيمتها 307 مليارات دولار.

أرباح أكبر بنوك "وول ستريت" تتخطى تريليون دولار خلال عقد

تواجه تلك المؤسسات عادة صعوبات في إحكام قبضتها على العمليات التي تديرها، مثلما تُبرز المشكلات التي يواجهها بنك "ويلز فارغو". ولم تُختبر أدوات تفكيك مثل هذه المؤسسات بشكل آمن بعد.

تدرس الهيئات التنظيمية اتخاذ إجراءات جذرية، مدفوعة باستيائها من مهمة الإشراف الشاقة على هذه الكيانات العملاقة. على سبيل المثال؛ التمست مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية تعليقات على قواعد جديدة تكاد تحظر عمليات الدمج للبنوك التي تملك أصولاً تتجاوز 100 مليار دولار، حيث أنها قج تشكل مخاطر شديدة للنظام.

ببساطة، ذكرت الجهة القائمة على شؤون العُملة احتمال أن تكون إدارة بعض البنوك من الضخامة بحيث يصعب إدارتها، وبالتالي؛ قد يتطلب الأمر تقليص حجمها أو فصل الشركات التابعة لها وتحويلها لكيانات منفصلة.

ضرر أم منفعة؟

ربما تكون مثل هذه المواقف المُعلنة من مؤسسة عامة مفيدة في جذب اهتمام المديرين التنفيذيين، لكن إن تحوّلت هذه المواقف لسياسات، يُرجَّح أن يكون ضررها أكثر من نفعها.

فكِّروا في حظر على عمليات الدمج. فقد فرض الكونغرس الأميركي بالفعل حدوداً على عمليات الاستحواذ للبنوك الكبرى من خلال تحديد سقف للقدر الذي يمكن لأي كيان مُدمج السيطرة عليه من إجمالي ودائع القطاع.

نتيجة لذلك؛ سيحمي مستوى 100 مليار دولار بالأساس الأطراف المعنية من المنافسة، ما يمنع البنوك متوسطة الحجم من الاندماج مع بعضها لتوسيع نطاقها. يُعتبر ذلك الرقم أيضاً اعتباطياً؛ فلا أحد يعلم بالفعل المستوى الذي يمكن اعتباره أكبر من اللازم، أو ما قد يكون المستوى الأمثل للتكدّس في القطاع.

حتى 2021، تحكمت أكبر 5 بنوك أميركية فيما يقرب من 50% من أصول القطاع. يُعد ذلك ارتفاعاً من 28% في عام 2000، لكنَّه ما يزال أقل مما هو في أي دولة أخرى من مجموعة الدول السبع.

صعوبات مختلفة

يمثل تفكيك البنوك أيضاً مشكلة. لن يجعل ذلك بالضرورة النظام أكثر أماناً؛ فكما برهنت أزمة المدخرات والقروض في ثمانينيات القرن الماضي؛ قد تكون مجموعة من البنوك الهشة الأصغر حجماً، التي تعاني من سوء الإدارة، بمثل خطورة بنك واحد ضخم.

البنوك الأميركية تصارع معضلة سندات بتريليونات الدولارات

يصعُب رؤية كيف يمكن لتفكيك "ويلز فارغو"، على سبيل المثال، تحفيز المديرين التنفيذيين للتعامل مع العيوب التي راوغتهم إلى الآن. قد يؤدي التقسيم إلى فشل أحد البنوك الكبرى بسهولة، وهي نتيجة يُفترض أنَّ المسؤولين يودون تجنّبها.

إنَّ ضمان امتلاك البنوك لموارد وفيرة للتصدي لأي من مخاطرها قد يعبر عن نهج أفضل. فعلى سبيل المثال؛ ما تزال أكبر البنوك تفتقر إلى رأس المال الذي يستوعب الخسائر والمطلوب لتخطي الأزمات الحادة.

إذا نتج عن الحجم والمخاطر النظامية متطلبات رأس مال كبيرة على نحو متناسب، ستقل احتمالات فشل البنوك بشكل كبير، كما ستملك هذه البنوك الموارد لتستمر في الإقراض حتى خلال الأوقات العصيبة، وربما إلى أن تحاول تجنب تضخُّم حجمها أو مخاطرها بشكل مفرط.

إجراءات جذرية

ربما يُشترط على البنوك التي تعاني من أوجه قصور مستمرة في عمليات التشغيل الاحتفاظ برأس مال إضافي، مما يمنعها من صرف مبالغ ضخمة للمساهمين إلى أن تقوم بترتيب أوضاعها (والضغط لتحقيق ذلك).

اتخذت الهيئات التنظيمية الكثير من الإجراءات منذ الأزمة المالية في 2008، لتضمن استطاعة البنوك الكبيرة بأن تصبح مصدر قوة بدلاً من أن تكون مركز عدوى.

لكن ما اتخذته من خطوات ليس كافياً. بدلاً من الاستعانة بإجراءات جذرية وخطرة؛ على هذه الجهات البدء بخطوات ثبت نجاحها من قبل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة