رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة، مشيراً إلى أنَّه ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الزيادات إذا استمرت مؤشرات دوامة التضخم.
أيّد سبعة من أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني المكوّنة من تسعة أعضاء زيادة أسعار الفائدة إلى 4%، بينما صوّت اثنان لصالح الإبقاء عليها دون تغيير. وقالت الغالبية إنَّ النمو القوي في الأجور والنقص المستمر في العمال يغذيان ضغوط الأسعار بالاقتصاد.
يمثل هذا القرار الزيادة العاشرة لأسعار الفائدة منذ أن بدأ بنك إنجلترا في جولة التشديد النقدي في ديسمبر 2021، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ 2008.
ركود أقصر وأقل عمقاً
قدّر المسؤولون بقيادة المحافظ أندرو بيلي أنَّ الاقتصاد يمر بحالة ركود بالفعل، لكنَّ التراجع سيكون لفترة أقصر وأقل عمقاً مما توقَّعوه في نوفمبر، وأشارت اللجنة إلى أنَّ مخاطر التضخم ما تزال "تميل بشكل كبير تجاه الارتفاع"، وألمحت إلى تسجيل تسويات أجور قياسية هذا العام.
يتوقَّع بنك إنجلترا انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1% تقريباً على مدار خمسة فصول. سيشكل ذلك تحدياً لحكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك، التي يجب أن تدعو إلى إجراء انتخابات بحلول بداية 2025. ويتوقَّع بنك إنجلترا أنَّ الاقتصاد لن يتعافى إلى مستويات ما قبل الجائحة من حيث الإنتاج حتى عام 2026 على الأقل، كما قد يفقد 500,000 عامل إضافي وظائفهم.
ما زال الانكماش الذي يقدّره بنك إنجلترا أصغر من توقُّعه السابق في نوفمبر بحدوث تراجع 2.9% خلال ثمانية أرباع.
ذروة أسعار الفائدة
على الرغم من الخلفية المتشائمة، يبدو أنَّ بنك إنجلترا يؤيد وجهة نظر السوق بأنَّ أسعار الفائدة ستبلغ ذروتها عند نحو 4.5% في الأشهر المقبلة. وحذرت اللجنة من أنَّه "إذا كان هناك دليل على مزيد من الضغط المستمر، فستكون هناك حاجة إلى مزيد من التشديد في السياسة النقدية".
تتوقَّع السوق حالياً بدء خفض أسعار الفائدة العام المقبل، في إشارة إلى اقتراب نهاية دورة رفع معدلات الفائدة. كما تخلى بنك إنجلترا عن توجيهه بأنَّه سيستجيب "بقوة" إذا لزم الأمر.
يعكس نطاق الآراء حول لجنة السياسة النقدية التحدي المتمثل في مكافحة التضخم، الذي يقترب من أعلى مستوى في 40 عاماً، والتعامل مع التوقُّعات الاقتصادية الصعبة.
صوتت سيلفانا تينيرو ومعها سواتي دينجرا لصالح الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، قائلين إنَّ تأثير الزيادات السابقة لم يسرِ مفعولها بالكامل بعد. انضمت كاثرين مان، التي صوّتت لصالح زيادة الفائدة 75 نقطة أساس في الاجتماع الماضي، إلى بيلي وأغلبية أعضاء لجنة السياسة النقدية في رفع الفائدة 50 نقطة أساس.
خفّض بنك إنجلترا توقُّعاته لآفاق العرض بالاقتصاد، مشيراً إلى أنَّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضغط على التجارة، كما أنَّ العديد من العمال قد خرجوا من القوى العاملة.
ووفق توقُّعات السوق لمسار الفائدة؛ من المتوقَّع أن ينخفض تضخم أسعار المستهلكين في غضون عامين عن هدف 2%. لكنَّ صانعي السياسة حذروا من أخذ التوقُّعات بشكل نهائي. وقالت اللجنة: "توقُّعات التضخم التي أخذت في الاعتبار هذه المخاطر الصعودية كانت أقرب بكثير من هدف 2%".
خفّض بنك إنجلترا تقديراته للإنتاج المحتمل، الذي يُقصد به حدود سرعة النمو الاقتصادي، إلى 0.7% للسنوات الثلاث المقبلة بانخفاض من 0.9% في نوفمبر ومن 1.5% في آخر رؤية لـ"مخزون العرض" (جرد المخزون) قبل 15 شهراً. وتجدر الإشارة إلى أنَّ معدل الاتجاه كان 2.5% قبل الأزمة المالية، و1.5% في العقد الذي شهد الوباء.
ألقى البنك باللوم على مجموعة من الصدمات الاقتصادية، بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والوباء وأسعار الطاقة. على وجه التحديد، ألمح إلى وجود نقص في العمال، وتيسير بالاستثمارات التجارية، وضعف بالإنتاجية.
لم تتغير التكلفة الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنَّ بنك إنجلترا يعتقد الآن أنَّ المزيد من التأثير سيظهر مقدماً، كما أكد أنَّ "مستوى الإنتاجية سيكون أقل بنحو 3.25% على المدى الطويل" بسبب انسحاب المملكة المتحدة من منطقة التجارة الحرة في الاتحاد الأوروبي.