أثار البنك المركزي التركي الغموض بشأن مسار سياسته النقدية بعدما أبقى أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس.
أبقت لجنة السياسة النقدية بقيادة المحافظ شهاب قاوجي أوغلو معدل الفائدة عند 9% للشهر الثاني على التوالي، وهو ما يطابق توقعات جميع الاقتصاديين باستثناء واحد في استطلاع أجرته "بلومبرغ".
لكن على عكس الشهر الماضي، فإن أحدث توجيهات لجنة السياسة النقدية لم يصف المستوى الحالي لمعدل الفائدة بأنه "مناسب"، وهو تغيير يمكن أن يمهد الطريق لمزيد من التيسير النقدي، حسب "بلومبرغ إيكونوميكس".
لتحقيق استقرار الأسعار، تعهد المسؤولون بتنفيذ "استراتيجية حيازة الليرة" الخاصة بهم، وهي مجموعة من الإجراءات التي تعزز الاستخدام الأوسع للعملة التركية.
ما يحدث يمثل أحدث تحول في السياسة النقدية التي تتحدى التقاليد عبر تنفيذ دورات من خفض أسعار الفائدة سريعاً في عامي 2021 و 2022.
بعد خفض أسعار الفائدة بين أغسطس ونوفمبر 2022، تراجعت التكلفة الرسمية للاقتراض بمقدار 500 نقطة أساس (5%) وإلى رقم في خانة الآحاد.
جاءت هذه الخطوات بعد دعوات صريحة من جانب الرئيس رجب طيب أردوغان لضمان توفير الأموال الرخيصة، والتي يقول -بخلاف النظرية الاقتصادية السائدة- ستعمل على استقرار أسعار المستهلك.
قد تكون الظروف مهيأة بالفعل لاستئناف التيسير النقدي، بحسب توغبيرك سيلتشي رئيس الأبحاث في "إنفستاز منكول ديغيرلر" (InvestAZ Menkul Degerler) ومقره إسطنبول.
الصناعة والاستثمارات
قال سيلتشي، المحلل الاقتصادي الوحيد في استطلاع "بلومبرغ" الذي توقع أن يخفض المركزي التركي سعر الفائدة قبل قرار الخميس، إنه يتوقع تقديم "دعم للمصدّرين ورجال الأعمال لمواجهة انخفاض الإنتاج الصناعي وتوقف الاستثمارات".
لجأ البنك المركزي إلى أدوات أخرى غير أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى خلال ربع قرن في 2022.
أصبح الاقتصاد يُدار باستخدام اللوائح لدعم العملة المحلية والتدخل في الطريقة التي تقدم بها البنوك التجارية الائتمان.
قالت لجنة السياسة النقدية بالمركزي التركي في بيانها إن "نهج السياسة النقدية المتكاملة" المطبق يساعد في إبقاء التضخم تحت السيطرة.
[object Promise]مخاوف الركود
مع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة في مايو، يضغط أردوغان من أجل سياسات نقدية ومالية أكثر مرونة لتغذية الطلب. وصف الزعيم التركي معدلات الفائدة عند مستواها الحالي بأنها مثالية للاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.
قالت لجنة السياسة النقدية في بيانها: "على الرغم من أن البيانات الصادرة مؤخراً تشير إلى نشاط اقتصادي أقوى مما كان متوقعاً، هناك مخاوف بحدوث الركود في الاقتصادات المتقدمة نتيجة للمخاطر الجيوسياسية المستمرة ورفع أسعار الفائدة".
يتمثل التحدي الذي يواجه البنك المركزي الآن في كيفية ضمان استمرار انخفاض أسعار الفائدة على القروض مع زيادة الطلب على الليرة بين الأتراك في الوقت نفسه.
تهدف أحدث القواعد التي جرى تطبيقها في بداية 2023 إلى تشجيع الودائع طويلة الأجل وزيادة حصة المدخرات بالعملة المحلية.
في الوقت الحالي، لم يسفر تقديم الائتمان السهل عن حدوث طفرة في الإقراض. تترد البنوك الخاصة إزاء تقديم تمويل رخيص للشركات قبل إجراء الانتخابات، مما دعا المسؤولين لإصدار تحذيرات، فيما تزال مخاطر التضخم كثيرة.
التحفيز المالي
مع احتمال بقاء أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول، يظهر التحفيز المالي كمصدر آخر للضغط على أسعار المستهلكين.
تعمل الحكومة على زيادة الإنفاق العام من خلال إقرار زيادات كبيرة في الحد الأدنى لأجور موظفي الخدمة المدنية والمعاشات التقاعدية وحزم القروض الرخيصة.
من المقرر أن يقدم قاوجي أوغلو تقرير التضخم الفصلي الأول خلال 2023 الخميس المقبل في أنقرة. أظهرت أحدث توقعات محافظ البنك المركزي أن التضخم سينهي العام الجاري عند 22.3%.
نمت توقعات التضخم بشكل أقل خطورة في الآونة الأخيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى التأثير الإحصائي لسنة الأساس المرتفعة في 2021. يظل نمو الأسعار أعلى بنحو 13 مرة من المعدل المستهدف الرسمي للبنك المركزي.
قال وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين نباتي خلال يناير إن قضية التضخم "تم حلها". تباطأت زيادة الأسعار في ديسمبر بأسرع وتيرة في أكثر من ربع قرن، ليصل المعدل السنوي إلى 64% مقابل أكثر من 80% في الأشهر السابقة.