رفع بنك كندا المركزي سعر الفائدة بقوة للمرة السادسة على التوالي، فيما فتح الباب لتهدئة دورة التشديد النقدي.
زادت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الكندي بقيادة المحافظ تيف ماكليم سعر الإقراض لليلة واحدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4.25% يوم الأربعاء، وهو أعلى معدل منذ مطلع 2008.
جاءت خطوة رفع سعر الفائدة متماشية مع توقعات أغلبية ضئيلة من الخبراء الاقتصاديين في استطلاع أجرته "بلومبرغ".
قال البنك في بيان: "سيدرس المجلس ما إذا كان سعر الفائدة بحاجة إلى مزيد من الارتفاع لإعادة التوازن بين العرض والطلب وإعادة التضخم إلى المستهدف".
تشير لهجة البيان إلى أن الزيادات الأكبر في تكاليف الاقتراض قد انتهت على الأرجح، وأن المسؤولين منفتحون على تهدئة حملة التشديد النقدي القوية في أثناء موازنة البيانات الاقتصادية الجديدة. من المقرر توافر بيانات التضخم لشهرين قبل قرار البنك المرتقب بشأن سعر الفائدة في 25 يناير 2023.
"ما يحدث بمثابة تحوُّل. بنك كندا سينتقل إلى دور رد الفعل استناداً إلى البيانات"، حسبما قال رويس مينديز رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لدى "ديجاردين سيكوريتيز" (Desjardins Securities)، في تقرير للمستثمرين.
"نتوقع الآن أن يعلن المسؤولون بالبنك المركزي رسمياً عن توقف مؤقت لرفع أسعار الفائدة في قرار السياسة النقدية في يناير".
ارتفع الدولار الكندي في البداية، ثم خسر تلك المكاسب ليجري تداوله عند 1.3643 أمام الدولار الأميركي بحلول الساعة 11:32 صباحاً. هبطت أسعار السندات، وقفز العائد على سندات كندا لأجل عامين بنحو 10 نقاط أساس إلى 3.826%.
تهدئة التشديد النقدي
قال أفيري شينفيلد كبير الاقتصاديين لدى "كانيديان إمبريال بنك أوف كوميرس" (Canadian Imperial Bank of Commerce) في تقرير: "في حين أنه من المحتمل أن تكون دورة التشديد النقدي قد وصلت إلى ذروتها، يتطلب الأمر استمرار تحمل ألم أسعار الفائدة المرتفعة لفترة من الوقت لوقف النمو الاقتصادي وبالتالي تهدئة التضخم".
يظل ارتفاع أسعار المستهلكين محط تركيز رئيسي للبنك، الذي أكد التزامه "الحازم" لخفض التضخم إلى مستهدف 2%. وقال المسؤولون بالمركزي الكندي: "التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، وتوقعات التضخم على المدى القصير ما زالت متصاعدة".
مع ذلك، قال البنك المركزي إنّ هناك أدلة متزايدة على أن تشديد السياسة النقدية يحدّ من الطلب المحلي، مشيراً إلى تباطؤ الاستهلاك في الربع الثالث وتراجع نشاط سوق الإسكان.
يمثل قرار بنك كندا أمس الأربعاء، الذي اقتصر على إصدار البيان فقط، المرة الأولى منذ بداية دورة التشديد التي تتغير فيها اللهجة بشأن رفع أسعار الفائدة مستقبلاً بشكل كبير، إذ أشار البنك بوضوح في قرارات سابقة إلى أن أسعار الفائدة بحاجة إلى مزيد من الارتفاع.
"لم يكن بيان السياسة النقدية متشدداً بقدر القرار نفسه. من الواضح أن ذلك يفتح الباب أمام توقف مؤقت مرتقب في الاجتماع التالي في يناير"، حسبما قال جوش ناي كبير الاقتصاديين في "رويال بنك أوف كندا".
أضاف ناي أن صدور تقريرين للتضخم وبيانات النمو والوظائف لشهر آخر واستطلاعات البنك الخاصة ستؤثر في القرار المرتقب في غضون سبعة أسابيع.
قد يلقي خطاب ومؤتمر صحفي يوم الخميس لنائبة محافظ البنك شارون كوزيكي مزيداً من الضوء على تفكير البنك قبل 2023.
النمو الاقتصادي
جاء النمو الاقتصادي في الربع الثالث أقوى من المتوقع، مما يشير إلى أن الاقتصاد لا يزال مدعوماً بزيادة في الطلب. مع ذلك، قال البنك المركزي إنّ البيانات الأخيرة تدعم وجهة نظره بأن "النمو سيهدأ بشكل أساسي حتى نهاية هذا العام والنصف الأول من العام المقبل".
على الرغم من أن المسؤولين أثاروا مرة أخرى مخاطر ترسخ توقعات التضخم المرتفعة، فإنهم قالوا إن مؤشراً متجدداً لمدة ثلاثة أشهر للأسعار الأساسية قد انخفض، وهي علامة مبكرة على أن الضغوط قد تتراجع.
وصل انعكاس منحنى العائد في كندا إلى أكبر مستوياته منذ أوائل التسعينيات خلال هذا الأسبوع، وهي ظاهرة عالمية تسبق الركود في كثير من الأحيان.
يرى معظم الاقتصاديين أن الاقتصاد الكندي أكثر تأثراً بأسعار الفائدة المرتفعة من نظيره الأميركي، ويقولون إنّ بنك كندا يمكن أن يترك سعره القياسي للفائدة ينحرف عن مسار الاحتياطي الفيدرالي بما يصل إلى 100 نقطة أساس.