أمضى بنك "إتش إس بي سي هولدينغز" الأشهُر الستة الماضية في مقاومة دعوات من أكبر مساهميه للتقسيم، لكن ذلك لم يمنعه من تكثيف برنامجه الخاص بعقد الصفقات، إذ يتوقع البنك، الذي يتخذ مقره في لندن، زيادة عمليات الاستحواذ التي يقوم بها في السنوات المقبلة، وفق تصريحات شخص مطلع على خططه وأفكاره.
وأضاف هذا الشخص، الذي رفض الكشف عن هويته بسبب مناقشة معلومات غير علنية، أنه من المتوقع أيضاً إجراء عمليات تخارج أخرى، ولكنه رجح أن تقابلها صفقات للشراء.
يؤكد هذا التحول تغير موقف البنك من إبرام الصفقات، فمنذ الأزمة المالية العالمية عقد البنك قليلاً جداً من صفقات الاستحواذ، فيما تخارج من أكثر من 20 دولة وباع عشرات الشركات، شاملة بعض الشركات التي كانت تعتبر أساسية في عملياته.
لن تتوقف عمليات البيع التي ينفذها "إتش إس بي سي"، ففي الأسبوع الماضي قال البنك إنه يدرس بيع ذراعه في كندا التي قد تصل قيمتها إلى نحو 10 مليارات دولار أميركي، وفقا لـ" بلومبرغ إنتلجينس". وقال الشخص المطلع إنّ قرار دراسة بيع نشاطه في كندا جاء بعد إبداء الاهتمام مرات عديدة بعملياته.
تأتي هذه الخطوة بعد بيع أعمال التجزئة المصرفية في فرنسا والولايات المتحدة العام الماضي. وخلال الصيف الماضي نشرت "بلومبرغ" تقريراً عن خطط لطرح عام أولي لعمليات "إتش إس بي سي" في إندونيسيا واحتمال بيع وحداته في سلطنة عمان وورسيا.
الرئيس التنفيذي نويل كوين ألمح الشهر الماضي إلى مزيد من عمليات البيع، قائلاً إن صفقات أخرى قادمة "في الطريق". وأضاف كوين في مؤتمر لـ"بنك أوف أميركا": "هناك عدد قليل من الأسواق أو الشركات التي أعتبرها ليست استراتيجية بالكامل ولا تحقق عوائد مقبولة".
حملة التقسيم
يركز ضغط شركة "بينغ آن إنشورنس غروب" (Ping An Insurance Group Co) من أجل تقسيم "إتش إس بي سي" على قيمة الشبكة العالمية الشاملة للبنك. فعمليات "إتش إس بي سي" في جميع أنحاء العالم بالنسبة إلى شركة التأمين الصينية تشكل عبئاً على أنشطته المربحة في آسيا، التي ترغب في انفصالها عن بقية البنك.
قال إدوارد فيرث، محلل البنوك في "كيفي برويت آند وودز" (Keefe Bruyette & Woods): "إذا كانوا يبيعون حالياً أجزاء ناجحة من السلسلة، مثل كندا، فهذا يشير إلى أن قيمة الامتياز العالمي كلها نظرية أكثر من كونها حقيقة. وأظن أن شركة (بينغ آن) تحرز تقدماً، وأن أي جزء من الامتياز خارج آسيا متاح الآن بالسعر المناسب".
لكن يمكن أيضاً النظر إلى صفقات البيع على أنها جزء من جهود "إتش إس بي سي" طويلة الأمد لإعادة تنظيم مواقعه. ففي العامين الماضيين أعلن البنك عن شراء شركة هندية لإدارة الأصول وشركة تأمين سنغافورية، والنسبة المتبقية البالغة 50% في شركة "إتش إس بي سي لايف إنشورانس كومباني" (HSBC Life Insurance Company) بالصين، وزيادة حصته في مشروعه المشترك لتداول الأوراق المالية بالصين.
تتلاءم هذه الاستراتيجية مع تركيز بنك "إتش إس بي سي" على آسيا، إذ يحوّل مليارات الدولارات من رأس المال من الغرب إلى الشرق، في الغالب إلى الصين والهند، للاستفادة من الاقتصادات الصاعدة في المنطقة.
لم تغير هذه الصفقات حجم ونطاق الأعمال تغييراً جذرياً، ولكنها في مجموعها تُظهِر كيف يستعيد البنك شهيته لعمليات الاستحواذ التي فقدها إلى حدّ كبير في أعقاب أزمة عام 2008. وفي الصيف الماضي عيّن البنك ويل ماكلين رئيساً لتطوير الشركة عالمياً لإعادة بناء قدرات الاستحواذ.
مع ذلك، لم يشجع التنفيذيون المستثمرين على توقع عودة الصفقات الضخمة مثل استحواذ "إتش إس بي سي" المشؤوم على شركة "هاوس هولد إنترناشيونال" في عام 2003، وهي الشركة التي كانت تقدم قروض رهن عقاري عالية المخاطر وانتهت إلى تحميل البنك مليارات الدولارات في عمليات شطب الديون الرديئة.
قال المدير المالي إوين ستيفنسون، متحدثًا في مؤتمر الخدمات المالية الذي نظمه بنك "باركليز" الشهر الماضي: "أدرك تماماً أنه منذ نحو 20 عاماً قمنا بمجموعة من الأشياء التي ربما لم تخلق قيمة كبيرة للمساهمين. ولا أعتقد أننا سندرس فعلاً أي صفقة كبيرة في الوقت الحالي".