مع وقوع أسواق المملكة المتحدة في قبضة تقلبات كبيرة، يتعرض بنك إنجلترا لضغوط متزايدة للتحرك. تكمن المشكلة في محدودية الخيارات لدى محافظ أندرو بيلي وكلها تنطوي على مخاطر.
دعا مشرعون من حزب المحافظين ومسؤولون سابقون في بنك إنجلترا المركزي ومحللون في "سيتي" إلى التدخل الطارئ لتهدئة توتر السوق، لكن البنك المركزي التزم الصمت. لم يقرر بنك إنجلترا بعدُ ما إذا كان سيفعل شيئاً، رغم أنه يراقب السوق من كثب، وفقاً لشخص على دراية بالموقف.
كتب كريشنا جوها من " إيفرسكور" (Evercore) في تقرير بحثيّ يوم الاثنين: "لا توجد خيارات جيدة لدى البنك.. نعتقد أن البنك سيفضل كثيراً عدم التحرك بين الاجتماعين، وقد يكون غير فعال ويأتي بنتائج عكسية، وسوف نرى أولاً ما إذا كانت الحكومة ستتحرك أم أن الأسواق ستبلغ أدنى مستوى قريباً".
في ما يلي نظرة على السبل المحتملة المتاحة لدى بنك إنجلترا لمعالجة تراجع الجنيه الإسترليني، الذي حدث بعد الإعلان عن خطة الحكومة الجديدة للتخفيضات الضريبية على نطاق واسع. انخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، وانخفضت السندات، إذ زاد التجار رهاناتهم على أن بنك إنجلترا سيرفع أسعار الفائدة.
بنك إنجلترا يرفع الفائدة 0.5% للمرة الثانية على التوالي
تطمينات من جانب بنك إنجلترا
سيكون الخيار الأكثر وضوحاً وقصير الأجل هو إصدار بيان يطمئن الأسواق والبلاد من جانب بيلي أو بنك إنجلترا، على غرار البيان الذي أدلى به المحافظ السابق مارك كارني في صباح اليوم التالي للتصويت على "بريكست" خلال عام 2016.
ذكرت قناة "سكاي نيوز" أن إصدار البيان قد يحدث يوم الاثنين. يمكن الإدلاء بمثل هذا البيان عبر إلقاء خطاب تليفزيوني أو بيان مكتوب. اقترح آدم بوزين، المسؤول السابق عن وضع السياسة النقدية في بنك إنجلترا، على المحافظ أن يقول "للرأي العام بحلول منتصف الأسبوع" إنه إذا انخفض الجنيه الإسترليني فإن أسعار الفائدة سترتفع.
إذا لم يتحدث بيلي، فقد يُسنَد الأمر إلى أحد مسؤولي بنك إنجلترا للتحدث خلال الأسبوع الجاري. المرشح الأكثر ترجيحاً لمخاطبة الرأي العام هو كبير الاقتصاديين هوو بيل، الذي يتحدث يوم الثلاثاء. السؤال الآن: مع استمرار تقلب الأسواق، هل ستنجح الكلمات وحدها في تهدئة الوضع؟
بنك إنجلترا يرفع سعر الفائدة بأعلى وتيرة في 27 عاماً ويحذر من ركود طويل
رفع أسعار الفائدة بشكل طارئ
قد يؤدي ذلك إلى وضع رفع سعر الفائدة بشكل طارئ على الطاولة. بدأت الدعوات لمثل هذه الخطوة في نهاية الأسبوع الماضي، وازدادت وتيرتها منذ ذلك الحين. رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة إلى 2.25% هذا العام للسيطرة على التضخم، إذ جاءت أحدث خطوة قبل اليوم السابق للبيان المالي يوم الجمعة، لكنه واجه اتهامات بالفشل في التحرك بالسرعة الكافية.
تتوقع أسواق المال حالياً زيادة أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس بحلول الاجتماع القادم لبنك إنجلترا في نوفمبر، أي أكثر من ثلاثة أضعاف حجم الزيادة الأخيرة. يسعّر التجار فرصة زيادة كبيرة لأسعار الفائدة خلال الأسبوع الجاري.
الأسواق ترجح زيادة بنك إنجلترا الفائدة 0.75% مرتين حتى نهاية العام الحالي
خيارات بنك إنجلترا
1 - قل ولا تفعل شيئاً - يبدو جاهلاً / نائماً على عجلة القيادة.
2- قل شيئاً ولكن لا تفعل شيئاً - يبدو بلا أسنان.
3- افعل شيئاً صغيراً (50 نقطة أساس) – ستدفعك الأسواق إلى فعل مزيد، ربما بسرعة.
4- افعل شيئاً كبيراً - إذا لم ينجح ذلك فأنت في وضع أسوأ.
داريو بيركنز مدير تحليل الاقتصاد العالمي في "تي إس لومبارد" في 26 سبتمبر 2022.
يكمن خطر التحرك الطارئ في أنه يزيد الشعور بالذعر في الأسواق، لا سيما إذا أخفق في وقف الخسائر. قد يفضل بنك إنجلترا أيضاً الإحجام عن مثل هذه الخطوة لتجنب توجيه النقد الصريح لسياسات الحكومة، وفقا لدانهانسون من "بلومبرغ إيكونوميكس".
قال ريشي ميشرا، المحلل في "فيوتشرز فيرست" (Futures First): "المشكلة الكبيرة في رفع أسعار الفائدة بشكل طارئ الآن هي أنه يجب أن يكون بمقدار 200 نقطة أساس لتحقيق هدفه، لأن السوق تسعر بالفعل احتمالات رفعها فعلياً 100 نقطة أساس".
قد يواجه رد فعل بنك إنجلترا عقبات بسبب انتقادات تلقاها البنك المركزي خلال الصيف من جانب السياسيين الموجودين في السلطة حالياً. اقترحت رئيسة الوزراء ليز ترس خلال حملتها للقيادة أن تراجع تفويض البنك، على الرغم من أن وزير الخزانة كواسي كوارتنغ قال منذ ذلك الحين إن الحكومة ملتزمة استقلال سياسة بنك إنجلترا.
وقف التسهيل الكمي
تتمثل إحدى الاستجابات المحتملة لتحركات سوق السندات في تأخير بنك إنجلترا البيع المخطط لسندات الحزانة البريطانية التي اشتراها بموجب التيسير الكمي. من المقرر أن تبدأ هذه العملية (البيع) الأسبوع المقبل.
مع ذلك، قد يُنظر إلى ذلك على أنه تجاوز لمحاولات الحد من التضخم، كما أنه يتعارض مع التوجهات السابقة.
قال بنك إنجلترا إنه سيكون هناك "عائق كبير لتعديل التخفيض المخطط له في رصيد سندات الخزانة البريطانية المشتراة".
كما أشير سابقاً إلى أن الظروف تشير إلى أداء السوق. جرى تداول سندات الخزانة البريطانية بشكل منتظم يوم الاثنين على الرغم من الخسائر الفادحة عبر المنحنى.
قال مسؤولون الأسبوع الماضي: "في الحكم على ما إذا كان قد جرى تجاوز العائق، سيكون للجنة السياسة المالية دور أيضاً من خلال تقييمها للاستقرار المالي".
التدخل المباشر في السوق
للمملكة المتحدة خيار آخر يتمثل في التدخل المباشر لدعم الجنيه الإسترليني. ومع ذلك فإن حيازات المملكة المتحدة من العملات الأجنبية هي جزء بسيط من المخزونات الضخمة التي قد تكون مطلوبة، مما يجعل المهمة أكثر تعقيداً.
كان لدى المملكة المتحدة 108 مليارات دولار من احتياطيات العملات الأجنبية في نهاية أغسطس، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي. اليابان، التي تدخلت لدعم عملتها الأسبوع الماضي، لديها احتياطيات دولية بقيمة 1.17 تريليون دولار.
كتب جينس نوردفيغ، مؤسس شركة الأبحاث "إكسانت داتا" (Exante Data) ومقرها نيويورك، على "تويتر" يوم السبت: "لن يكون التدخل في سوق العملة سوى حل لبضع دقائق".
الانتظار حتى نوفمبر
الخيار الأخير هو السماح لرد فعل السوق بالتأثير والإبقاء على السياسة النقدية حتى نوفمبر. من شأن ذلك أن يمنح كوارتنغ وترس الوقت لإطلاق محاولتهما الخاصة لطمأنة المستثمرين بشأن خططهم.
صرح جيرارد ليونز، مستشار ترس من خارج الحكومة، يوم الاثنين بأنه بينما يتعين على بنك إنجلترا التحرك بشأن أسعار الفائدة، يجب على كوارتنغ فعل المزيد لطمأنة الأسواق بشأن رؤيته للاقتصاد.
"غولدمان ساكس": التضخم في المملكة المتحدة قد يتجاوز 22% العام المقبل
قال الخبير الاقتصادي يوم الاثنين في مقابلة مع "راديو بلومبرغ": "إن كوارتنغ بحاجة إلى إعادة تأكيد أن التخفيضات الضريبية ليست سوى جزء من البرنامج ، وليست البرنامج الكامل".
أضاف: "تظل الأسواق غير مقتنعة بأن التيسير المالي الذي قدمه كان ضرورياً وغير تضخمي وميسور التكلفة.. من الواضح تماماً من رد فعل السوق أن هذه المخاوف لم تُعالَج بشكل كامل. لذلك في التعليقات اللاحقة قد يحتاج إلى معالجتها".