ضخ بنك الشعب الصيني سيولة قصيرة المدى في النظام المالي، في إشارة إلى سعي البنك لتهدئة المخاوف التي تهيمن على السوق بشأن أزمة ديون "تشاينا إيفرغراند".
وقرّر البنك الجمعة ضخّ 90 مليار يوان (14 مليار دولار) من خلال اتفاقيات إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام و14 يوماً، في أكبر وتيرة منذ فبراير، وهي المرة الأولى هذا الشهر التي يضيف فيها البنك أكثر من 10 مليارات يوان من السيولة قصيرة المدى في النظام المصرفي في يوم واحد.
تأتي تلك الخطوة في ظلّ تعزيز أزمة "إيفرغراند"، شركة التطوير العقاري الأكثر مديونية في العالم، المخاوف بشأن سلامة أسواق العقارات والائتمان في البلاد.
وساهم الطلب الموسمي على النقد في زيادة الضغوط التي تتعرض لها البنوك، إذ تصبح أقلّ استعداداً للإقراض بنهاية الربع استعداداً للتدقيق الدوري من الجهات التنظيمية. كذلك تتجه السيولة إلى الانخفاض في هذا الوقت من العام في الفترة التي تسبق العطلة، وتمتد لأسبوع بداية شهر أكتوبر.
كتب الاقتصاديون في "سوسيتيه جنرال" بقيادة وي ياو في مذكرة بحثية: "يمثل تجنُّب الضغط على السيولة النظامية أولوية مطلقة لبنك الشعب الصيني، ولديه أدوات ذلك. فانهيار السوق المالية على غرار بنك (ليمان) ليس مصدر قلقنا الرئيسي، بل التباطؤ الاقتصادي الشديد والممتدّ يبدو الأكثر احتمالاً".
اقرأ أيضاً: الأصدقاء الأثرياء الذين ساعدوا مالك "إيفرغراند" يحصون خسائرهم
يأتي القلق بشأن "إيفرغراند" في الوقت الذي يتباطأ فيه نموّ الاقتصاد الصيني بالفعل، إذ أثّرَت القيود الصارمة على الحركة في الحدّ من تفشّي كوفيد-19، فيما أضرّت بالإنفاق على قطاعَي التجزئة والسفر وكذلك الإجراءات التي دفعت إلى خفض أسعار العقارات.
كانت الصين أعلنت الأربعاء الماضي تباطؤ مبيعات التجزئة خلال أغسطس، إلى جانب ضعف نموّ الإنتاج الصناعي والاستثمار في الأصول الثابتة.
يسعى "بنك الشعب" لتحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد والتأكد من أن عمليات ضخ السيولة لن تؤدّي إلى فقاعات في أسعار الأصول، إذ امتنع البنك منذ يوليو عن ضخّ سيولة إضافية متوسطة الأجل في النظام المالي بالتزامن مع استحقاق القروض بضمان إصدارات البنك.
تداعيات واسعة
ضخّ "بنك الشعب" 50 مليار يوان اليوم، من خلال اتفاقيات إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، و50 مليار يوان أخرى عبر عقود لمدة 14 يوماً لم تُستخدم منذ فبراير، فيما استحقّ يوم الجمعة سداد نحو 10 مليارات يوان.
قال ألفين تان رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي بآسيا في "رويال بنك أوف كندا" بهونغ كونغ: "يجب أن نقول إن وضع (إيفرغراند) وتداعياته الواسعة على سوق العقارات سيكون له تأثير مباشر في نمو الاقتصاد الصيني، أكبر بكثير من أي إجراءات تنظيمية صارمة أخرى. ولن أفاجأ من سعي بنك الشعب لاحتواء التداعيات على أسواق المال".
تدفع حالة عدم اليقين التي تثيرها أزمة "إيفرغراند" الجهات التنظيمية في الصين إلى اللجوء إلى السيناريو الأسوأ من التدخل، في ظلّ التفكير في مدى المعاناة التي يمكن أن يتحملها "الحزب الشيوعي"، وسط تزايد الضغوط من أجل التدخُّل خوفاً من انتشار العدوى في النظام المالي.
اقرأ أيضاً: 3 مسارات لتعثُّر العملاق الصيني "إيفرغراند"
ورغم ذلك لا يزال على "بنك الشعب" التدخل لدفع معدلات الفائدة في أسواق النقد نحو الانخفاض، بعدما قفز سعر إعادة الشراء لمدة 7 أيام، الذي يُعَدّ مؤشراً لتكاليف الاقتراض بين البنوك، 12 نقطة أساس اليوم، ليصل إلى 2.39% ليسجّل بذلك أعلى مستوى منذ يوليو.
قال فرانسيس تشيونغ محلّل الأسعار في "أوفرسيز تشاينيز بانكينغ" في سنغافورة: "يثبت بنك الشعب الصيني مرة أخرى للسوق أنه سيكون داعماً، ولكن فقط إذا اقتضت الحاجة".