تقاوم البنوك التركية مطالب تنظيمية للحد من نمو الائتمان الاستهلاكي، الذي تنسب له السلطات إذكاء التضخم وعجز الحساب الجاري.
شهد اجتماع بين مسؤولي كبريات البنوك التركية التنفيذيين مجابهة مع محمد علي أكبين رئيس الوكالة التركية للرقابة المصرفية والتنظيمية الخميس الماضي، وفقا لمحضر اجتماعهم الذي اطلعت بلومبرغ على نسخة منه. تمحور الخلاف الرئيسي خلال النقاش حول ارتفاع القروض المقدمة للمستهلكين أخيراً.
أرجع أكبين الطلب على قروض التجزئة إلى انخفاض تكلفتها بالنسبة إلى القروض المقدمة للشركات باعتبار أن فجوة أسعار الفائدة بينهما أصبحت ضيقة للغاية. ردت البنوك بأن نمو القروض للمستهلكين لا يزال أقل من التضخم، وأن المخاطر التي تمثلها عند مستويات "معقولة".
عُقد الاجتماع في إطار مناقشات منتظمة مع البنوك وضم ألباسلان تشاكار رئيس جمعية البنوك التركية والرئيس التنفيذي لأكبر بنك تديره الدولة في البلاد، "زراعات بانكاسي". رفضت الجهة التنظيمية وجمعية البنوك التعليق.
قد تؤثر نتائج النقاش بأبعد من الصناعة المصرفية وتساعد في تشكيل أجندة السياسات التركية لبقية العام. حيث بلغ معدل التضخم بالفعل ما يناهز 20% مع توقعات نمو الأسعار في تركيا خلال نهاية 2021 وفق البرنامج الاقتصادي للحكومة المنشور يوم الأحد.
يشكل حدوث صدمة أخرى بسبب التوسع المدفوع بالائتمان خطورة تتمثل بزيادة الواردات وتغذية الاختلالات الاقتصادية التي أدت مراراً وتكراراً لعدم استقرار سعر صرف الليرة وتنفير المستثمرين.
مقاربات مختلفة
قد يشير الصدام مع البنوك أيضاً إلى اختلافات في الرأي بين صانعي القرار في تركيا، خاصة أن البنك المركزي يحاول بشكل غير مباشر صد دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان لخفض سعر الفائدة بأبكر ما يمكن، وقد يكون في الشهر الجاري. في غضون ذلك، قال وزير الخزانة والمالية التركي لطفي ألوان أن الحكومة تبحث عن وسائل للحد من زيادة قروض التجزئة.
في حين لم يدانِ نمو الائتمان بأي حال من الأحوال مستويات الازدهار المسجلة إبان الوباء العام الماضي، ظهرت علامات على انتعاشه خلال فترة توقف مؤقت أعقبت دورة تيسير نقدي وقرار في نوفمبر لإزالة قاعدة ضغطت على البنوك لتمديد الائتمان.
نمت القروض المقومة بالليرة للمستهلكين بنسبة 10% منذ بداية 2021، ويرجع الفضل في ذلك بشكل كبير إلى زيادة بنسبة 23% في ديون بطاقات الائتمان. ارتفعت القروض التجارية بنسبة 6.3%، وفقا لبيانات الوكالة التركية للرقابة المصرفية والتنظيمية.
يأتي تباين المقاربات بعد فترة مرت خلال العامين الماضيين حين ضغطت الحكومة بشدة على البنوك، خاصة تلك المملوكة للدولة، لتسريع الإقراض دعماً للاقتصاد بعد تفشي جائحة فيروس كورونا. بدأت البنوك الحكومية في إبطاء وتيرة نمو منح القروض مع ارتفاع القروض الرخيصة في ميزانياتها العمومية.
تسارع تضخم مفاجئ
ساعد إحجام البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة إبان ذلك بالحفاظ على الطلب على القروض من جانب المستهلكين في اقتصاد نما بمعدل سنوي قياسي بلغ 21.7% في الربع الثاني.
أدى التسارع المفاجئ في معدل التضخم خلال أغسطس إلى 19.25% على أساس سنوي، إلى دفع سعر الفائدة القياسية المعدل احتساباً لنمو الأسعار في تركيا إلى المنطقة السلبية للمرة الأولى منذ أكتوبر. يبلغ متوسط سعر الفائدة المرجح للقروض الاستهلاكية والتجارية 22% و20.7% على التوالي، وفقا لبيانات جمعتها بلومبرغ.
قالت الوكالة التركية للرقابة المصرفية والتنظيمية للبنوك إنه في حين أن الإجراءات التيسيرية التي تم طرحها خلال الوباء لن تمدد لما بعد سبتمبر، فإن وقف العمل بها سيكون له تأثير محدود على القروض المعدومة، وفقا لمحضر الاجتماع.
قال أكبن وفق محضر الاجتماع الذي أعدته الوكالة التركية للرقابة المصرفية والتنظيمية ونشرته بين أعضائها، إن الإجراءات المحتملة التي يتم النظر فيها رداً على ذلك تشمل زيادة الرسوم والعمولات، بالإضافة إلى قيود على مبالغ قروض التجزئة.
هناك خيار آخر هو أن يفرض البنك المركزي متطلبات إضافية للاحتياطي الإلزامي لتقديم قروض تجزئة تفوق مستوى معين.
أشار المصرفيون إلى أنهم يرون عدم الحاجة إلى مثل هذه الخطوات.