ارتفعت عائدات "تينسنت هولدينغ" بأبطأ وتيرة لها منذ عام 2019، بعدما ضربت الحملة الصينية الواسعة على قطاع التكنولوجيا شركة ألعاب الهاتف المحمول العملاقة، وأدت إلى حجب الإعلانات السحابية والاجتماعية للشركات الجديدة.
أشعلت حملة بكين المستمرة منذ عدة شهور عمليات بيع بقيمة تريليون دولار للأسهم الصينية، وأنهت قطاع التعليم الإلكتروني، وقيّدت نمو الشركات في قطاعات متعددة بدءاً من الإعلانات إلى الركوب التشاركي. وأعلنت "علي بابا غروب" هذا الشهر عن تدنِّي إيراداتها عن التوّقعات، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من عامين. وارتفعت مبيعات "تينسنت" بنسبة 20% لتصل إلى 138.3 مليار يوان (21.3 مليار دولار) في الشهور الثلاثة المنتهية في يونيو، تماشياً مع متوسط توقُّعاتها البالغ 138.2 مليار يوان.
كما دفع التدقيق المتزايد والمنافسة الشديدة أمثال شركة "بايت دانس" مرتفعة القيمة إلى الانضمام لخصمها اللدود "علي بابا" في موجة إنفاق باذخة، لتستثمر جزءاً أكبر من أرباحها في مجالات تشمل الخدمات السحابية، والألعاب، ومقاطع الفيديو القصيرة. ورغم أن "تينسنت" ليست هدفاً لأي تحقيق، لكن تأثيرها الضخم على الاقتصاد الصيني الحديث يُعرّضها للخطر، مع توسِّع الحملة السريع إلى مكافحة الاحتكار، والتجارة الإلكترونية، وأمن البيانات، والمحتوى الإلكتروني.
بلغ صافي دخل الشركة نحو 42.6 مليار يوان في ربع عام، متجاوزاً المبلغ المتوقَّع بقيمة 30.8 مليار يوان، وهو ما يعود جزئياً إلى مكاسب تزيد عن 20 مليار يوان على استثماراتها العالمية. وارتفعت أسهم شركة "بروسوس"، المساهم الرئيس في "تينسنت"، بأكثر من 4% .
في الشهر الماضي، أمرت الجهات التنظيمية "تينسينت ميوزيك إنترتينمنت غروب" بالتخلّي عن صفقات الترخيص الحصرية مع شركات العلامات التجارية، وأوقفت عملية اندماج بقيادة "تينسنت" بين منصتين متنافستين لبث الألعاب. وقامت وسائل الإعلام الحكومية بعد ذلك بتسليط الضوء على إدمان الشباب الصيني للألعاب، مما دفع شركة "تينسنت" إلى تقديم وسائل حماية أكثر صرامة للأطفال في عناوين الهواتف المحمولة الخاصة بها. وقد تضطر شركات ناشئة مثل "يوان فوداو" Yuanfudao، و"في آي بي كيد" VIPKid، إلى تخفيض تقييماتها بعد أن حظرت بكين شركات التدريس من جني الأرباح عبر المواد الدراسية للأطفال.
في الوقت ذاته، أعادت حملة حديثة، من قبل مشرف صناعة التكنولوجيا، إشعال التدقيق على تطبيق "وي تشات"، التابع لـ"تينسنت"، وسبق لخدمة الرسائل ووسائل التواصل الاجتماعي والمدفوعات أن تعرّضت إلى انتقادات بسبب عزلها مستخدمي خدمات منافسيها من أمثال "علي بابا"، وهي إحدى نقاط الخلاف الرئيسة للجهات الرقابية. كما قامت "وي تشات" بتعليق تسجيلات المستخدمين الجدد مؤقتاً خلال الشهر الماضي، نظراً لقيامها بترقيات أمنية للتطبيق.
"من المرجّح أن تستمر المعوّقات التنظيمية السلبية في العصف بـ "تينسنت" حتى بعد توافق أغلب نتائجها للربع الثاني مع كافة التوقعات. قد تؤدي حملة الحكومة الصينية إلى إبطاء النمو بشكل هيكلي على المدى الطويل وزيادة التكاليف حتى تتكيّف مع الامتثال للقواعد الجديدة. ستكون تعليقات الإدارة حول البيئة التنظيمية مفتاحية في تقدير التأثير". - ماثيو كانتيرمان وتيفاني تام المحللان في "بلومبرغ إنتيليجينس"
وبينما قال رئيس "تينسنت"، مارتن لاو، إن ذراع الشركة للتكنولوجيا المالية لا يزال يُركّز على إدارة المخاطر عند التوّسع في منتجات غير مدفوعة، ويُمكن أن يُصبح تحقيق الدخل محدوداً، خصوصاً إذا أخضعت بكين أحد أقسامها سريعة النمو إلى التدقيق، على غرار شركة "آنت غروب" المملوكة لجاك ما.
زادت مبيعات أعمال الألعاب الأساسية لـ"تينسنت" بنسبة 12%، في أبطأ وتيرة لها منذ الربع الثالث من عام 2019. وتواجه الشركة مقارنة صعبة مع العام السابق عندما ازدهرت بفضل طفرة الإنترنت خلال ذروة جائحة كورونا. ولا تزال هذه الوحدة، التي كانت تُمثل حوالي نصف سوق ألعاب الفيديو الصيني في عام 2020، تدور إلى حد كبير حول الامتيازات القديمة من أمثال "بيسكيبر إليت"Peacekeeper Elite، و"أونير أوف كينغز" Honor of Kings، في الوقت الذي حققت فيه الشركات الصاعدة من أمثال "ميهو يو" MiHoYo نجاحات جديدة.
ووفقاً للبيانات التي تتبّعها الباحث نيكو بارتنر، حاولت "تينسنت" دعم قائمتها من الشركات هذا العام، لتستثمر بحصص في 76 شركة ألعاب حتى الآن، أغلبها استوديوهات تطوير مستقلة أقل شهرة، وذلك مقارنة مع 31 استثماراً فقط خلال العام الماضي.
أما محللو "نومورا"، ومن بينهم جيالونغ شي، فقد كتبوا في مذكرة قبل إعلان النتائج: "تشهد ساحة ألعاب الهاتف المحمول الصينية تغييراً هيكلياً لأن مطوّري الألعاب أصبحوا يميلون بشكل أكبر إلى نشر الألعاب بأنفسهم بدلاً من ترخيص عناوينهم لناشري الطرف الثالث من أمثال (تينسنت). من المحتمل أن يكون النجاح الهائل الذي حققه بعض مطوّري الألعاب المستقلين مثل (ليليث غيمز) Lilith Games و"ميهو يو" في نشر عناوينها الذاتية، قد ألهم المطوّرين الصغار الآخرين لاتخاذ نفس الخطوة".
من ناحية أخرى، زادت عائدات الإعلانات الإلكترونية بنسبة 23%، بعدما تفوقت خدمات الإنترنت وعملاء السلع الاستهلاكية على الانخفاض في الإنفاق المرتبط بالتعليم، وقالت الشركة إن التكنولوجيا المالية وخدمات الأعمال الأخرى قفزت بنسبة 40%، مما يعكس زيادة معاملات المدفوعات الرقمية.