تذهب أزمة نقص الرقائق من سيء إلى أسوأ في ظل انضمام صناع السيارات على القارات الثلاث إلى عمالقة التكنولوجيا "أبل إنك"، و"سامسونغ إلكترونيكس كو" في رفع راية خفض الإنتاج وفقدان الإيرادات.
وخلال 12 ساعة مربكة، قالت "هوندا موتورز كو" إنها ستوقف الإنتاج في ثلاثة مصانع في اليابان لمدة خمسة إلى ستة أيام الشهر المقبل، وأشارت "بي إم دبليو" أنها ستوقف مؤقتاً إنتاج سيارات "ميني" في مصنعها في أوكسفورد بإنجلترا لمدة ثلاثة أيام، وقلصت "فورد موتور كو" توقعات الأرباح للعام بأكلمه بسبب النقص المضر في الرقاقات، والتي تراه يمتد حتى العام المقبل.
والآن، بدأت نفس الشركات التي استفادت من ارتفاع الطلب، الذي تسبب في نقص الرقاقات، على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والإلكترونيات خلال الوباء، تشعر بوطأة الأزمة، وبعد ربع ثاني قياسي، حذّر المدير المالي لشركة "أبل"، لوكا مايستري، من أن قيود المعروض تعوق مبيعات أجهزة "آيباد"، و"ماك"، وهما منتجان كان أداؤهما جيدا ًبشكل خاص أثناء عمليات الإغلاق، وقال مايستري، إن هذا قد يقلص ما بين 3 مليارات دولار، إلى 4 مليارات دولار من الإيرادات خلال الربع الثالث من السنة المالية، كما أعلنت شركة "كاتربيلر إنك" لاحقاً أنها قد لا تتمكن من تلبية الطلب على الآلات المستخدمة في صناعات البناء والتعدين.
وقال المدير التنفيذي لشركة "نوكيا"، بيكا لوندمارك، يوم الخميس على تلفزيون "بلومبرغ": "هناك معركة جارية، ويجب عليك التواصل يومياً مع مورديك للتأكد من أنك عميل مهم لديهم.. وعندما يكون هناك نقص في المعروض في السوق، ما يهم حقاً هو مدى أهميتك في الصورة الأكبر ومدى قوة علاقاتك وكيفية إدارتك للتوقعات".
ارتفاع المبيعات
وفي نفس الوقت، تعلن الشركات التي تورد الرقاقات عن ارتفاع المبيعات، وتتعهد باستثمار مليارات لتوسيع قدرتها الإنتاجية في ظل معاناتها لمواكبة الطلب، وقالت "كوالكوم إنك"، أكبر مورد في العالم لرقاقات الهواتف الذكية، إن الطلب على الهواتف يعاود الارتفاع مع عودة الحياة إلى طبيعتها في بعض الأسواق التي كانت مغلقة جراء وباء كوفيد 19.
وقالت "إس تي ميكرو إلكترونيكس"، مورد رئيسي لرقاقات السيارات، إن أرباح وحدة السيارات والطاقة قفزت 280% في الربع الأول، وعزى المدير التنفيذي، جان-مارك تشيري، الفضل في ذلك إلى انتعاش الطلب وكذلك تبني القطاع لخاصيات جديدة ورقمية التي تتطلب المزيد من الرقاقات.
وقالت شركة "سامسونغ"، وهي منتجة ومستخدمة للرقاقات، يوم الخميس، إن الإيرادات والأرباح في قسم الهاتف المحمول، الذي ينتج هواتف "غالاكسي" الرائجة، ستنخفض الربع الجاري بسبب نقص المكونات وضعف الطلب على الطرازات الرئيسية.
وأجبر النقص في أشباه الموصلات الحيوية صناعة السيارات بأكملها على خفض الإنتاج، وترك مخزونات هزيلة تماما لدى الوكلاء في الوقت الذي يخرج فيه المستهلكون من إغلاق كوفيد 19، وفي الأسبوع الماضي وحده، انضمت "جاغوار لاند روفر أوتوموتيف"، و"فولفو غروب"، و"ميتسوبيشي موتور كورب" إلى قائمة المصانع التي تعطل العمل في مصانعها.
وقال سونغ سون-جاي، محلل في "هانا دايتو سيكيوريتيز كو" في سيول: "إن الربع الثاني سيكون أسوأ من الربع الأول بالنسبة لصناع السيارات.. وقد تمتد أزمة نقص الرقاقات لوقت أطول وربما حتى العام المقبل".
وبخلاف "أبل"، التي تضعها أجهزة "آيفون" عالية المواصفات ومتطلباتها القوية عادةً في مقدمة صف طالبي الرقاقات، تهدد ندرة الرقاقات بإخماد انتعاش ناشئ في سوق الهواتف الذكية بأكمله، وارتفعت شحنات الهواتف عالمياً بحوالي 27% لتصل إلى 347 مليون جهاز في الربع الأول، وهو ما يعود إلى المجموعة الكبيرة من الطرازات الجديدة والتعافي السريع للصين بعد الوباء، ولكن يمكن أن يؤدي نقص المكونات مثل معالجات التطبيقات إلى إحباط هذا الزخم خلال بقية 2021.
وكتب بين ستانتون، مدير "كاناليس ريسيرش" يوم الخميس: "لا يزال كوفيد 19 عاملاً كبيراً في النقص، ولكنه ليس العقبة الرئيسية، وأصبح توريد المكونات الحساسة مثل الرقاقات مصدر قلق كبير، وقد يعيق شحنات الهواتف الذكية في الأرباع المقبلة".
وفي "فورد"، من المرجح أن يقلص النقص الإنتاج بمقدار 1.1 مليون سيارة العام الجاري، حسبما قال المدير المالي، جون لولر، في مكالمة مع الصحفيين، وتتوقع شركة السيارات ضربة بقيمة 2.5 مليار دولار للأرباح بسبب ندرة الرقاقات.
ووصف المدير التنفيذي لشركة "تسلا إنك"، إيلون ماسك، نقص الرقاقات بـ"المشكلة الضخمة، وقالت "إن إكس بي سيميكونداكتورز" إنها تتوقع أن يظل المعروض منخفضاً خلال العام، وحذرت من أن قيود الإنتاج في شركات السيارات قد تستمر حتى 2022.
وقال لي هان- جون، محلل في "كي تي بي إنفستمنت آند سيكيوريتيز كو" في سول: "هناك الكثير جداً من أوجه عدم اليقين بشأن موعد تحسن إمدادات الرقاقات، وهو ما يجعله أمراً صعباً على صناع السيارات.. ولا ترى شركات صناعة أشباه الموصلات قطاع السيارات كعميل رئيسي، وهو ما يضعها في وضع أصعب بكثير فيما يخص تأمين الواردات".