عززت السعودية تعاونها مع الولايات المتحدة الأميركية في مجال الفضاء، من خلال توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية.
تهدف الاتفاقية الموقعة بين البلدين إلى زيادة الاستثمار المشترك في الأنشطة التجارية المختلفة، وإنشاء إطار قانوني شامل يسهل التعاون بين البلدين لتبادل الخبرات وتطوير برامج مشتركة، وفقاً لبيان نقلته وكالة الأنباء السعودية.
الاتفاقية حددت مجالات العمل المشترك والتي تشمل علوم الفضاء والأرض، والملاحة الجوية، والمهمات الفضائية، والتعليم.
أجرت السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية سلسلة خطوات بهدف بناء هذا القطاع وتعزيز دوره في الاقتصاد، إذ أعلنت في يونيو الماضي عن تحويل "الهيئة السعودية للفضاء" إلى "وكالة الفضاء السعودية"، بهدف "التركيز على صناعة سوق الفضاء وتحفيز البحث والابتكار فيه". كما يخطط "صندوق الاستثمارات العامة" لضخ مبالغ ضخمة في صناعات الفضاء، وفقاً لوزير الاتصالات عبدالله السواحة في تصريحات سابقة لـ"بلومبرغ"، والتي شدّد فيها على أن اقتصاد الفضاء هو "الفرصة المقبلة البالغة قيمتها تريليون دولار".
كما أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي "مجموعة نيو للفضاء" (NSG)، كشركة وطنية متخصصة في قطاع الفضاء وخدمات الأقمار الاصطناعية، وتطوير القدرات بما يسهم بتعزيز مكانة القطاع المحلي في هذا المجال المتنامي عالمياً.
تتوقع السعودية أن يتجاوز نمو قطاع الفضاء محلياً المعدلات العالمية، لتصل الزيادة السنوية المركبة إلى ما بين 11 و13% حتى 2035 مقارنة بـ9% عالمياً، كما أفصح بمقابلة سابقة مع "الشرق" الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء السعودية محمد التميمي، الذي أكد أن قطاع الفضاء "واعد وفيه الكثير من الفرص، ويُعتبر أساسياً في برنامج السعودية لتنويع الاقتصاد".
التميمي لفت في مقابلته مع "الشرق" إلى أن "مشهد قطاع الفضاء عالمياً شهد خلال السنوات الأربع الماضية تغيراً في هيكليته"، إذ زاد حجم الاستثمار في القطاع بأكثر من 30% سنوياً، وتقلصت حواجز الدخول إلى الفضاء بشكل كبير نظراً لانخفاض تكلفة إطلاق الأقمار الاصطناعية، بموازاة انخفاض كلفة تصنيعها بأكثر من 70% خلال السنوات الأخيرة.
وكشف تقرير صادر عن هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية السعودية عن بلوغ حجم سوق الفضاء في المملكة 400 مليون دولار، في حين بلغ حجم الاستثمار العالمي في قطاع الفضاء نحو 100 مليار دولار العام الماضي.
شريك مهم
تعكس هذه الاتفاقية "التزام المملكة الراسخ بالتقدم والابتكار في مجال الفضاء، وسعيها المستمر لتعزيز مكانتها كونها شريكاً مهماً على الساحة العالمية للاستكشاف الفضائي والاستكشاف العلمي"، وفق ما نقلته "واس" عن رئيس مجلس إدارة وكالة الفضاء السعودية عبدالله السواحة، مضيفاً أن "الاتفاقية تمثل نقطة تحول في رحلة المملكة نحو بناء قطاع فضاء قوي ومزدهر".
أما التميمي فأشار في البيان إلى أن "الجانبين سيعملان على تحديد المجالات ذات الاهتمام المشترك، وسيسعيان لتطوير التعاون"، مضيفاً أن هذه الخطوات ستعزز القدرات الوطنية في مجالات الملاحة الجوية واستكشاف الفضاء والتطبيقات الفضائية، وتعزز دور المملكة كلاعب رئيس في هذا المجال على الصعيدين الإقليمي والعالمي".
إمكانات هائلة
بيل نيلسون مدير وكالة الفضاء الأميركية، والذي وقع على الاتفاقية نيابة عن الجانب الأميركي، اعتبر أن الزيارة التي قام بها مؤخراً إلى السعودية، أظهرت "الإمكانات الهائلة للتعاون بيننا، ونحن الآن في العصر الذهبي للاستكشاف، وهو عصر يعتمد على الشراكة"، مضيفاً في البيان، أن الاتفاقية الجديدة "توضح كيف سنعمل ونستكشف معاً لصالح البشرية".
ستعمل الاتفاقية أيضاً على تنفيذ البرامج المتفق عليها في مختلف الاستخدامات، مثل الرحلات الجوية، وحملات المناطيد، وتبادل البيانات العلمية، والمشاركة في ورش العمل والاجتماعات المشتركة.