في ضوء الثورة التي تعيد تشكيل صناعة السيارات العالمية تأتي أولى نشرات "هايبر درايف" من "بلومبرغ" لتتناول، تقارير من مناطق مختلفة حول العالم نطرح لكم من خلالها كل ما يخص مستقبل السيارات، بداية من السيارات الكهربائية إلى البطاريات، والسيارات ذاتية القيادة إلى سيارات الأجرة الطائرة.
والبداية في تلك النشرة تأتي من كاليفورنيا والتي طالما قادت الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالسيارات الكهربائية، خاصة أنها تُعرف بانتشار الطرق السريعة في كل مكان والثقافة الأسطورية للسيارات بها. وارتفاع معدلات المشاكل التنفسية التي تشجّع نحو هذا التحول بعيداً عن السيارات الملوثة. كما أن الولاية لا تزال تقدم حسومات ضريبية على السيارات النظيفة، وذلك بجانب وجود برنامج يفرض الالتزام بالمركبات ذات الانبعاثات الصفرية على المصنعين.
وكانت أزمة المناخ وموسم حرائق الغابات المروع في كاليفورنيا من العوامل المساهمة في تسريع الانتقال إلى السيارات الكهربائية. وفي سبتمبر الماضي، أعلن الحاكم غافن نيوسوم أن كاليفورنيا سوف تحظر بيع السيارات الجديدة العاملة بالوقود الأحفوري ابتداءً من عام 2035.
سيارات ذاتية القيادة
قاد وادي السيليكون الطريق نحو تكنولوجيا السيارات النظيفة على مدى سنوات، وذلك فيما يتعلق بالعديد من التطورات في مجال الروبوتات والحوسبة. فبعد "تحدي داربا المدني" في عام 2007، تم اتخاذ خطوات جدية لتطوير المركبات ذاتية القيادة من خلال مشروع "غوغل" للسيارة ذاتية القيادة، والذي عملت عليه شركة "وايمو" (Waymo) المدعومة من قبل عملاق التكنولوجيا "غوغل".
وبينما كانت "وايمو" وحيدة في هذا المجال في وقت ما، أصبحت الآن عشرات الشركات تمتلك تصاريح حكومية لإجراء الاختبارات على سيارات بوجود سائقين، كما تقدمت ست شركات للحصول على تصاريح لاختبار السيارات ذاتية القيادة.
ومن الجدير بالذكر أن المقر الرئيسي لشركتي "أوبر" و"ليفت" لخدمات النقل التشاركي يقعان في سان فرانسيسكو. ويدور سؤال حول ما إذا كان سائقو الشركتين موظفين ثابتين أم متعاقدين، حيث تكمن في هذا الموضوع واحدة من أصعب المعارك في نضال التحول نحو السيارات ذاتية القيادة.
وفي الوقت نفسه، تعج المنطقة بالإشاعات حول ما تفعله "آبل" بالضبط، أو ما لا تفعله، عندما يتعلق الأمر بصنع سيارتها ذاتية القيادة. كما أن شركات السيارات الكهربائية التي تتواجد مقراتها الرئيسية في الصين، مثل "نيو" و"أكس بانغ" (XPeng)، لديها مراكز خارجية كذلك في وادي السيليكون.
تمويل الشركات الناشئة
جمعت الشركات الناشئة الواعدة مثل "أورورا" و"ريفيان" ملايين الدولارات- تمول "أمازون" كلاهما- بينما أبرمت "كانو" و"لوسد موتورز" و"فاراداي فيوتشر" صفقات لطرح أسهمها للاكتتاب العام عن طريق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة.
وفي عام 2020، استطاع صانع السيارات الكهربائية "تسلا"- الذي كان على وشك الإفلاس خلال إطلاق "موديل 3"- تسليم ما يقرب من نصف مليون سيارة، كما أنه يعمل على بناء مصنعين جديدين في كلٍ من أوستن وبرلين.
ولا تزال كاليفورنيا هي موطن "تسلا" الأصلي، على الأقل في الوقت الراهن، إذ يقع المقر الرئيسي للشركة في بالو ألتو، ويقع المصنع الذي ينتج نماذج "إس" و"إكس" و"3" و"واي" في خليج سان فرانسيسكو في مدينة فريمونت.
وكانت فكرة وجود سيارة "تسلا" على الطريق السريع حدثاً نادراً، لكنها أصبحت الآن في كل مكان. وفي عام 2015، كانت كاليفورنيا تستحوذ على 43% من تسجيلات سيارات "تسلا" الجديدة، وذلك بفضل البيانات الواردة من مؤسسة "آي إتش إس ماركيت" وهذا الأمر ليس مفاجئاً، فلطالما ارتبطت علامة "تسلا" التجارية بأول المتبنين للتكنولوجيا في وادي السيليكون، والأثرياء في لوس أنجلوس. بينما تحتل الولايات الأمريكية الأخرى التي تتسم بطقس دافئ، مثل فلوريدا وتكساس، في المرتبة الثانية.
وفي عام 2020، ومع تفشي الوباء، انقلبت حياتنا رأساً على عقب. وانخفضت نسبة استحواذ كاليفورنيا على تسجيلات سيارات "تسلا" إلى 37%. ومع ذلك، شهدت الولاية الأمريكية تسجيل ما يصل إلى 73 ألف وثمانمائة سيارة "تسلا" جديدة، وهو ما يمثل 15% تقريباً من مبيعات الشركة العالمية خلال العام الماضي.
كاليفورنيا والسيارات الكهربائية
ما يقوله ذلك هو أن ولاية كاليفورنيا، التي يسكنها 40 مليون شخص تقريباً، تتفوق على الولايات الأخرى عندما يتعلق الأمر بالاعتماد على "تسلا" كعلامة تجارية.
وفي الوقت نفسه، تستحوذ الولايات الأخرى الآن على 63% من مبيعات صانع السيارات الكهربائية، حيث تتيح تلك الولايات مجالاً كبيراً للنمو.
ولم يكن السبب الكامن خلف قرار "تسلا" بناء مصنعها التالي في مدينة أوستن، هو أنها الموطن الرئيسي للشاحنات الصغيرة فقط، بل إنها تتمتع أيضاً بالكثير من العملاء في تكساس.
وأخيراً، لا تزال الكثير من الأمور تحدث حولنا وتتسارع في صناعة السيارات. وسنستمر في تقديم مشاهد من الصناعة. بدءا من الجديد والمثير للاهتمام والغريب وما يستحق التفكير، وحتى تأثير الوباء على تغيير أنماط التنقل ودفعنا لممارسة أنشطتنا في الهواء الطلق، وزيادته من وجود ممرات الدراجات الجديدة وتطبيق أنظمة الشوارع البطيئة وغيرها.