في خطوة نادرة، أوقفت شركة "أبل" مؤقتاً تطوير تحديثات برامج أجهزة "أيفون" و"أيباد" و"ماك" وغيرها من الأجهزة في العام المقبل حتى تتمكن من القضاء على مواطن الخلل في التعليمات البرمجية.
كان الغرض من التعليق المؤقت، الذي أُعلن عنه داخلياً للموظفين الأسبوع الماضي، المساعدة في الحفاظ على مراقبة الجودة بعد انتشار الأخطاء في الإصدارات المبكرة، وفقاً لأشخاص مطلعين على القرار. فبدلاً من إضافة ميزات جديدة، كُلف مهندسي الشركة بإصلاح العيوب وتحسين أداء النظام، حسبما قال أشخاص طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لخصوصية الأمر.
من جهتها، رفضت متحدثة باسم الشركة التي يقع مقرها في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا التعليق.
نهج جديد
تعد برامج "أبل"-المعروفة بواجهاتها الواضحة وعناصر التحكم سهلة الاستخدام والتركيز على الخصوصية— واحدة من أكبر المنتجات مبيعاً. هذا الأمر يجعل مراقبة الجودة حتمية. لكن يتعين على الشركة موازنة الرغبة في إضافة ميزات جديدة مع التأكد من تشغيل أنظمتها بسلاسة قدر الإمكان.
في السنوات الأخيرة، وضعت "أبل" المزيد من التركيز على الجودة—حتى عندما يعني ذلك تأخير إصدار قدرات جديدة. ففي 2018، انتقد رئيس هندسة البرمجيات كريغ فيديريغي العديد من ميزات "أيفون" التي لم يتم إصدارها حتى العام التالي وسط مخاوف من أن البرنامج كان مليئاً بالأخطاء.
في عام 2019، تمكن من إصلاح الطريقة التي تُطوِّر بها "أبل" البرمجيات في محاولة أخرى لدرء المشاكل. بموجب هذا النهج، يجب تمكين كل ميزة يدوياً -عبر عملية يطلق عليها اسم "رايات الوظائف"— مما يتيح للموظفين القائمين على عمليات الاختبارات عزل التأثير على النظام العام قبل إضافته.
في ذلك العام، تبنّى فيديريغي أيضاً ما يعرف داخل "أبل" باسم "الميثاق". وهو اتفاقية تحث الموظفين على عدم السماح أبداً بشكل عمدي بـ"التدهور" —وهي الحالة التي عندما تتوقف فيها البرامج التي كانت تعمل سابقاً عن العمل بشكل صحيح— وإصلاح الأخطاء بسرعة. السياسات التي انتهجها فيديريغي كانت مفيدة، فقد كانت إصدارات برامج "أبل" أقل خللاً في السنوات الأخيرة، وكان لا بد من إرجاء إصدار عدد أقل من الميزات.
تسلل الأخطاء
مع ذلك، لم تمر الجولة الأخيرة من التطوير بسلاسة. فعند فحص أنظمة التشغيل الجديدة المقرر إصدارها العام المقبل، اكتشف فريق إدارة هندسة البرمجيات الكثير من "التسلل"—وهو مصطلح تستخدمه صناعة البرمجيات تصف به الأخطاء التي تسربت أثناء عملية الاختبار الداخلي. لذلك اتخذ القسم خطوة غير عادية تتمثل في إيقاف جميع أعمال تطوير الميزات الجديدة لمدة أسبوع واحد للعمل على إصلاح الأخطاء.
يعمل الآلاف من الموظفين في "أبل" على مجموعة متنوعة من أنظمة التشغيل والأجهزة -التي تحتاج إلى العمل الجماعي السلس- ما يسهل تسرب العيوب بشكل غير متوقع. قال أحد المطلعين على الأمر: "إنها مشكلة تتعلق بمشاركة 10 آلاف شخص في كتابة التعليمات البرمجية، وفك نظام التشغيل تماماً".
أتمت الشركة في الشهر الماضي النسخة الأولى من أنظمة التشغيل المقبلة بالنسبة لأجهزة "أيفون" و"أي باد" و"ماك". يعرف هذا التكرار باسم "إم 1" لأنه أول إنجاز رئيسي. داخلياً، يُطلق اسم "كريستال" (Crystal) على برنامجي التشغيل الخاصين بـ"أيفون" و"أي باد"، واللذين يُسميان بـ" iOS 18" و"iPadOS 18". أما برنامج التشغيل الخاص بأجهزة "ماك" فيطلق عليه اسم "غلو" (Glow).
أرجأت "أبل" إطلاق برنامجها التالي والمعروف باسم "إم 2". ينطبق ذلك أيضاً على نظام التشغيل الخاص بالساعة "أبل ووتش" المقبلة-وهو "watchOS 11"، الذي يطلق عليه داخلياً اسم "مونستون"—وكذلك تحديث نظام التشغيل الحالي "iOS 17" المعروف باسم "iOS 17.4". يتوقع أن يتم إصدار هذا البرنامج، المستخدم في أجهزة "أيفون" و"أيباد"، في شهر مارس المقبل.
أثّرت هذه الخطوة أيضاً على الإصدارات المستقبلية من برنامج "visionOS"، الخاصة بسماعة الرأس "Vision Pro" من "أبل"، والذي من المقرر إطلاقه مطلع العام المقبل. إلا أنه من غير المرجح في هذه المرحلة أن ترجئ هذه التأخيرات الإصدارات الاستهلاكية الفعلية. من المقرر أن ترفع "أبل" هذا التوقف المؤقت خلال الأسبوع الجاري.
عادة ما تطلق شركة "أبل" عمليات التحديث الرئيسية للبرامج في سبتمبر من كل عام، بعد طرحها للمعاينة من قبل المطورين والمستهلكين في مؤتمرها في يونيو. بالنسبة إلى العام المقبل، تخطط الشركة للتركيز على دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها.