أصبح الذكاء الاصطناعي عبارة تنتشر بسرعة بين العاملين في بنوك الاستثمار وصناديق الاستثمار المباشر التي تبحث عن صفقات، غير أن أي موجة من الاكتتابات الأولية العامة القائمة فقط على شركات الذكاء الاصطناعي قد لا تنتظر حتى العام المقبل.
تنطلق موجة الذكاء الاصطناعي بكامل قوتها، دافعةً "إنفيديا كورب" (Nvidia Corp) لتكون أول شركة لتصنيع الرقائق في العالم وسادس شركة أميركية تبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار بفضل توقعات أرباحها الطموحة القائمة على الطلب المتزايد على الرقائق لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، فإن نجاح "إنفيديا" يقف على النقيض من شركات ذكاء اصطناعي عديدة في مرحلة التطوير، والتي لا تعد نماذجها المالية قوية بما يكفي لإجراء طرح عام أولي، حسب تيد سميث، المؤسس المشترك ورئيس بنك الاستثمار "يونيون سكوير أدفايزرز" (Union Square Advisors) الذي يركز على شركات التكنولوجيا.
قال سميث: "تقوم الشركات في هذا المجال بأمور رائعة ومثيرة للاهتمام وقيمة حقاً، لكن مازالت إيراداتها إما أحادية الرقم أو من في خانة العشرات بأرقام منخفضة"، متوقعاً أن تبدأ الطروح الأولية للاكتتاب العام في شركات الذكاء الاصطناعي في الظهور "كحدث في 2024".
"مايكروسوفت" تدعو لتأسيس وكالة أميركية لتنظيم الذكاء الاصطناعي
في غضون ذلك، يرى العاملون في بنوك الاستثمار نشاطاً كثيفاً في مجال الذكاء الاصطناعي. وأصبح التفكير الذي يسيطر على قرارات إبرام الصفقات حالياً هو "أي من شركات المحفظة يمكنني استخدامها للاستحواذ على أصول الذكاء الاصطناعي من أجل تعزيز شركات هذه المحفظة، عوضاً عن ما هي شركات الذكاء الاصطناعي المثيرة للاهتمام من المرحلة الأولى إلى المتوسطة والتي يمكنني الاستحواذ عليها بشكل مستقل عن محفظتي اليوم".
دفعة ضرورية
منذ بداية 2023، جمعت الشركات المدرجة في الولايات المتحدة 10 مليارات دولار عبر الطروحات العامة الأولية، بانخفاض 94% عن نفس الفترة من عام 2021 وحوالي 50% عن العام الماضي، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ".
شهدت سوق الاكتتابات العامة الجديدة تراجعاً كبيراً منذ أواخر عام 2021 مع التخارج الجزئي من الشركات والأسهم ذات القيمة المنخفضة التي تمثل الجزء الأكبر من الشركات الجديدة الوافدة إلى السوق هذا العام.
تطورت سوق الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن للشركات الاستفادة من التكنولوجيا بشكل سريع خلال الأشهر الستة الماضية.
تعمل شركات البرمجيات، على سبيل المثال، بشكل متزايد على دمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها وخدماتها.
تعمل "سيلز فورس" (Salesforce Inc) و"مايكروسوفت" (Microsoft Corp) على دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها.
في الوقت نفسه، تتحدث "أمازون" عن تطبيق الذكاء الاصطناعي في إعلاناتها، وتدرس شركة "ألفابيت" كيفية استخدامه في أدوات البحث والإنتاجية.
في الوقت الحالي، تعد الشركات الكبرى هي المجموعة الأكثر جرأة في فهم الذكاء الاصطناعي. لكن المحللين يقولون إن التكنولوجيا لها استخدامات محتملة في العديد من الصناعات الأخرى.
قال فريد هافيميير، كبير محللي برامج المؤسسات لدى "ماكواري" (Macquarie): "نحن في مرحلة تشهد ابتكاراً فائقاً، حيث تحاول كل شركة تقريباً فهم كيف يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي التوليدي عاملاً مفيداً ومكملاً لنماذج أعمالها".
أوضح هافيميير أن الوضع سيشهد اختلافاً كبيراً في الأشهر الستة المقبلة، حيث تتحرك الشركات بسرعة "لإنتاج" هذه التكنولوجيا وتتحول تجارب الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى منتجات متاحة للمستخدمين.
مؤسس "إنفيديا" الملياردير يجني ثمار هوس الذكاء الاصطناعي
بالطبع، هذه كلها أمور نظرية بالنسبة للمستثمرين. سوف يستغرق الأمر أكثر من ذلك لطرح شركات الذكاء الاصطناعي في سوق الأوراق المالية. من أجل ذلك، ستحتاج الشركات إلى اكتساب مركز مرموق في الذكاء الاصطناعي، لكنها بحاجة أيضاً إلى نماذج مالية وربحية حقيقية، كما قالت آن بيري، المؤسسة والمديرة لدى "ثريدنيدل فنتشرز" (Threadneedle Ventures).
أوضحت بيري أن "أي شركة تخطط للاكتتاب العام تحتاج إلى معرفة ما إذا كانت لها صلة بمجال الذكاء الاصطناعي.. بخلاف ذلك، فإن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي قد يحل محل بعض ما تطرحه من مزايا منتجاتها على العملاء".