ستتولى شركة "أبل" (Apple) شئون الإقراض في خدمتها الجديدة "اشترِ الآن، وادفع لاحقاً"، متجنبة بذلك الشركاء، وذلك في ظل اندفاع شركة التكنولوجيا العملاقة بشكل أعمق نحو صناعة الخدمات المالية.
ستُشرف شركة تابعة مملوكة بالكامل على عمليات التحقق من الائتمان، واتخاذ القرارات بشأن قروض الخدمة التي تسمى "أبل باي ليتر" (Apple Pay Later). وقالت الشركة رداً على أسئلة "بلومبرغ" إن لدى شركة "أبل فاينانسينغ" (Apple Financing) تراخيص حكومية للإقراض، والتي تُعدُّ ضرورية لتقديم الخدمة الجديدة، مع التأكيد بأن الشركة تعمل بشكل منفصل عن شركة "أبل" الرئيسية.
تعد تلك هي المرة الأولى التي تتعامل فيها "أبل" مع المهام المالية الرئيسية مثل القروض وإدارة المخاطر وتقييمات الائتمان، وهو تحول كبير بالنسبة لشركة بدأت في بيع أجهزة الكمبيوتر. وحتى الآن، كانت الخدمات المالية لشركة "أبل" مدعومة من قبل مصارف وجهات خارجية لمعالجة الائتمان، حيث تعتمد بطاقة "أبل كارد" الائتمانية (Apple Card)، على سبيل المثال، على مصرف "غولدمان ساكس" للإقراض وتقييم الائتمان.
في الخدمة الجديدة سيكون دور "غولدمان ساكس" أصغر، وستكون الشركة المالية هي الجهة المُصدرة لبيانات اعتماد الدفع من "ماستركارد"، والتي تُستخدم لإكمال مشتريات "أبل باي" لاحقاً. يُشار إلى أن شركة "أبل فاينانسينغ" لا تمتلك ميثاقاً مصرفياً خاصاً بها.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل "أبل" على نقل العديد من عناصر خدماتها المالية إلى داخل الشركة كجزء من مبادرة سرية أُطلق عليها اسم "بريك أوت" (Breakout)، وبجانب تولي عمليات الإقراض والشيكات الائتمانية واتخاذ القرار، تعمل "أبل" على محرك معالجة الدفع الخاص بها، والذي قد يحل في النهاية محل شركة "كوركادر كورب" (CoreCard Corp)، حسبما ذكرت "بلومبرغ" في مارس، كذلك تعمل على وظائف خدمة العملاء الجديدة، وتحليل ممارسات الاحتيال، وأدوات حساب الفائدة والمكافآت للخدمات الأخرى.
يمكن لعدد قليل من الشركات مضاهاة الموارد المالية لشركة "أبل". حيث كان لديها ما يقرب من 200 مليار دولار نقداً وعلى شكل أوراق مالية قابلة للتداول في نهاية الربع الأخير، كما حققت ما يقرب من 95 مليار دولار من الأرباح خلال السنة المالية الأخيرة. ومع ذلك، لن تتحمل "أبل" الكثير من المخاطر من خلال أحدث مساعيها، حيث سيتم تقييد معاملات "أبل باي ليتر" "Apple Pay Later" اعتماداً على السجل الائتماني للمستخدم.
تساعد الخدمات المالية في إبقاء المستخدمين ملتصقين بأجهزة "أيفون" الخاصة بهم. لهذا السبب تريد الشركة قدراً أكبر من التحكم في العملية، مما يسمح لها بطرح خيارات جديدة بسرعة أكبر وربما تحصيل المزيد من الإيرادات.
وستُتيح خدمة "أبل باي ليتر" - التي جرى تقديمها يوم الاثنين الماضي في مؤتمر المطورين العالميين للشركة كجزء من نظام التشغيل "أي أو إس 16" (iOS 16) - للعملاء تقسيم تكلفة أية معاملة على "أبل باي" على أربعة أقساط على مدار ستة أسابيع. وسيبدأ البرنامج في الولايات المتحدة، على الرغم من أن شركة "أبل" تُخطط لتوسيع خدماتها المالية الجديدة في نهاية المطاف إلى المزيد من المناطق.
فضلاً عن ذلك، أفادت "بلومبرغ" بأن الشركة تعمل أيضاً على برنامج طويل الأجل لخدمة "اشتر الآن، وادفع لاحقاً" يسمى "أبل باي مونثلي إنستولمنتس" (Apple Pay Monthly Installments) . وفي حين أن عرض "أبل باي ليتر" قصير الأجل لا يستخدم خدمات "غولدمان ساكس" أو شركاء رئيسيين آخرين، فمن المرجح أن تعتمد الخطة طويلة الأجل على مجموعة من الشركات الأخرى - بما في ذلك بنك "غولدمان ساكس" - التي يمكن أن تُقدم خططاً وأسعار فائدة مختلفة. وفي أبريل، قال الرئيس التنفيذي لشركة "غولدمان ساكس"، ديفيد سولومون، إن بنكه "مرتاح جداً" لشراكة "أبل".
في وقت سابق من هذا العام، استحوذت "أبل" على شركة "كريدت كودوس" (Credit Kudos) ومقرها المملكة المتحدة، والتي تستخدم البيانات المصرفية لاتخاذ قرارات الإقراض. حيث أفادت "بلومبرغ" في مارس أن محرك تقييم المخاطر الداخلي للشركة الصانعة لأجهزة "أيفون" سيأخذ بعين الاعتبار تاريخ المستهلكين بوصفهم عملاء لشركة "أبل"، حيث سينظر على سبيل المثال فيما إذا كانوا قد سددوا مشترياتهم بشكل روتيني أو ما إذا ارتبطت بطاقاتهم الائتمانية بخدمات "أي تيونز" أو "أب ستور".
بالإضافة إلى خدمة الدفع لاحقاً، تُخطط "أبل" لاستخدام الإقراض الداخلي والتقنيات الخاصة بها لبرنامج الاشتراك القادم في أجهزة "أيفون"، ومع ذلك فإن الشركة ليس لديها خطط فورية للتخلي عن "غولدمان ساكس" من أجل "أبل كارد"، أو شركاء مصرفيين آخرين لمعاملات "أبل باي" العادية.
فعليا، يُنظر إلى اندفاع شركة "أبل" إلى مجال "اشتر الآن، وادفع لاحقاً" على أنه تهديد لمؤسسات مثل "أفيرم هولدينغز" (Affirm Holdings) و"كلارنا بنك" (Klarna Bank)، واللتين تقدمان خدمات مماثلة. حيث قال ماكس ليفشين، الرئيس التنفيذي لـ"أفيرم"، يوم الثلاثاء الماضي، إنه غير قلق بشأن عرض "أبل". وأضاف: "هناك مجال كبير للنمو لجميع المعنيين".