في "ميتافيرس" أيضاً.. المرأة قد تتعرض لمضايقات

التسكع مع الآخرين في الـ"ميتافيرس" - المصدر: بلومبرغ
التسكع مع الآخرين في الـ"ميتافيرس" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قال مارك زوكربيرغ إن "ميتافيرس" هو المكان الذي سنتواصل فيه مع العائلة والأصدقاء، حيث يراهن الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا بلاتفورمز"، والمعروفة أيضاً باسم "فيسبوك"، على تمكيننا من التعبير عن أنفسنا "بطرق جديدة ومبهجة تماماً". إنه يرهن مستقبل شركته بنجاح هذا الأمر.

اقرأ أيضاً: داخل الـ"ميتافيرس".. حيث تتصادم الألعاب والعملات المشفرة والرأسمالية

على مدار أسبوعين، غامرت شخصياً في منصة زوكربيرغ الافتراضية وغيرها من المنصات، حيث قمت باستعارة نظارة واقع افتراضي "أوكلوس كويست 2" (Oculus Quest 2) على سبيل الإعارة من "ميتا"، وقابلت أشخاصاً في مجموعة من الفعاليات الافتراضية، من بينها حفلة موسيقية وخدمة كنسية ومؤتمر وحدث مواعدة سريعة. واستنتجت أن رؤية زوكربيرغ لم تكن سوى جزء من القصة. فالتواصل مع الأشخاص في الواقع الافتراضي أمر ممتع ومثير، لكنه مكثف ومرهق ومربك في كثير من الأحيان. كما إن دخولي كامرأة كان مزعجاً للغاية في بعض الأحيان.

اقرأ المزيد: "مورغان ستانلي": "ميتافيرس" يصبح حقيقياً فقط بعد انضمام "أبل"

أطفال ومضايقات

زُرْتُ تطبيقات الواقع الافتراضي الاجتماعي التي تستضيف مئات، وأحياناً آلاف الأشخاص كل يوم، وقمت بفتح "ميتا" يوم الخميس الماضي من أجل الوصول إلى منصتها الاجتماعية للواقع الافتراضي "هوريزون وورلدز" (Horizon Worlds) والتي يمكن لأي شخص في الولايات المتحدة أو كندا يزيد عمره على 18 عاماً زيارتها. وقد كانت منصة "هوريزون فينيوز" (Horizon Venues) مليئة بالأطفال قبل ذلك. توصّلت إلى أن التحديات التي واجهها زوكربيرغ على وسائل التواصل الاجتماعي من منع الأطفال ومراقبة المضايقات، قد تطارده هنا أيضاً.

اقرأ أيضاً: باربادوس تفتح سفارة دبلوماسية افتراضية في "ميتافيرس"

إذن ما هو شكل المنصات الاجتماعية للواقع الافتراضي؟

تخيّل اندماج الألعاب مع غرف الدردشة على الإنترنت قديمة الطراز، وستجد تجربة فوضوية، غالباً ما يهيمن عليها الرجال. وستجد كذلك المتصيّدون والأطفال البغيضون. ورغم أن معظم الأشخاص متحمسون للوسيلة الجديدة ويتصرفون بشكل جيد بشكل عام، إلا أن هناك القليل من الإجراءات المعمول بها لمنع السلوك السيئ، بخلاف بعض الإرشادات السريعة عند إدخال مساحة وميزات تتيح لك حظر المستخدمين الذين يعانون من مشكلات وكتم صوتهم.

في أول تجربة اختلاط لي أثناء زيارتي لـ"هوريزون فييوز"، اخترت صورة رمزية لـ"أفاتار" تشبه صورتي في الواقع بشعر بني أملس وسترة جينز. لكن هذا يعني أنه عندما تم نقلي إلى الردهة الرئيسية -غرفة واسعة بها شجرة في المنتصف- كنت المرأة الوحيدة هناك بين نحو عشرات الرجال. وكنا جميعاً شخصيات رمزية ذات مظهر كرتوني تطفو بدون أرجل، وعدد غير قليل منا كانوا يرتدون سترات جلدية.

تصوير: بارمي أولسون
تصوير: بارمي أولسون

المصيدة

لم تمرّ لحظات حتى تفاجأت بصوت عميق في أذني كما لو كان شخص ما يهمس به، قائلاً: "مهلاً كيف حالك؟" مع اقتراب إحدى الصور الرمزية على شكل أفاتار لمسافة قريبة مني ثم اختفى بشكل مذهل. ثم التفّت حولي مجموعة من الرجال في صور أفاتار والتزموا الصمت. وبينما كنت أتحدث إلى رجل يدعى عيران من إسرائيل، والذي كان يريني كيفية القفز (تحتاج إلى معرفة كيفية تنشيطه من خلال إعداداتك) بدأ العديد من الحشد المحيط بي بإمساك أصابعهم وصنع إطار محيط بي، وظهرت بين أيديهم صورة أفاتار الرقمية الخاصة بي وكانت تبدو مرتبكة، بينما بدؤوا في تبادل الصور واحداً تلو الآخر، وقد كانت تجربة محرجة بالنسبة إليّ شعرت خلالها وكأنني عينة تجارب.

اقترب رجل يرتدي حلة زرقاء زاهية، وقال لي بلهجة بريطانية "تخلصي منهم"، ورغم محاولاتي العديدة للتخلص منهم، لكنهم ظلوا متمسكين بيدي الرقمية مثل مصيدة الذباب.

تحذر "ميتا" جميع زوار "هوريزون فينيوز" من تسجيل "متخصصي السلامة المدربين" لأي حادث كما يمكن للمستخدمين تنشيط المنطقة الآمنة من حولهم عن طريق الضغط على زر على معصمهم الافتراضي، وكذلك وإسكات الأشخاص من حولهم.

الرجال أكثر من النساء

لم يصل الأمر إلى حد شعوري بعدم الأمان، لكنني كنت غير مرتاحة، ولم تكن هناك قواعد واضحة حول آداب السلوك والمساحة الشخصية.

قمت بسؤال مجموعة من الرجال من حولي: "هل يوجد رجال هنا أكثر من النساء؟ هل وجدتم ذلك؟". رد عيران: "ربما".

أشاد عيران وآخرون بتجربة المنصة الاجتماعية للواقع الافتراضي. كما قال رجل من بلغاريا: "هذا المكان الوحيد الذي يمكنك أن تلتقي فيه وتسمع أشخاصاً آخرين من كل أنحاء العالم". كان أكثر شخص يقترب ويختلط بالآخرين أحد المصابين بكوفيد، والمعزول في منزله في أسكتلندا.

قال عيران: "دعونا نقفز"، وبعدها بدأ العديد منا القفز في "ميتافيرس".

كان الأمر ممتعاً، ولكن الازعاج جعل استمرار المحادثات أمراً صعباً، حيث ظهر على يساري رجل بالغ بصوت طفل دون سن العاشرة يصرخ بشكل متكرر ومزعج. كما بدأ في الاقتراب منا شخص من مجموعة من المتحدثين باللغة الإسبانية واستمر في السعال، وقال قبل أن يبدأ في الابتعاد ضاحكاً: "آسف فأنا مصاب بكوفيد". كذلك أصدر رجل أشقر عملاق ذو وجه طفولي أصوات حيوانات مزعجة.

يصف مصطلح "غريفرز" (griefers) في عالم الألعاب الأشخاص الذين يتعمدون إزعاج الآخرين لمجرد إزعاجهم. وقد قال العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم في "ميتافيرس" إن هؤلاء الأشخاص يمثلون مشكلة مستمرة على منصات التواصل الاجتماعي.

صعوبة رصد المحتوى

هناك الآلاف على "فيسبوك" يراقبون المحتوى على مدار الساعة ويستخدمون البرامج التي يمكنها تتبع النصوص ورصد المنشورات التي تحتوي على كلام يحضّ على الكراهية والمعلومات المضللة وغير ذلك. ولكن رصد السلوك في الواقع الافتراضي، أصعب بكثير يدوياً أو باستخدام البرامج. فالأمر لا يحتاج إلى مجرد مراقبة النصوص، ولكن عليك معالجة اللغة المنطوقة والإيماءات المرئية وكيف يتنقل الأشخاص بين بعضهم البعض وأكثر.

تصوير: بارمي أولسون
تصوير: بارمي أولسون

بحسب نظرية الاتصال، يكون الناس أكثر تسامحاً عندما يجتمعون وجهاً لوجه معاً ويمكنهم الاتصال بالعين أو سماع صوت شخص ما. ولكن هل من الممكن أن يكون الناس أكثر لطفاً مع بعضهم البعض في "ميتافيرس"؟

الغرب المتوحّش

يقول جيريمي بيلنسون، أستاذ الاتصالات في "جامعة ستانفورد" الذي أجرى دراسة على طريقة تغير مستويات راحة الناس في الواقع الافتراضي اعتماداً على مكان وجودهم لمدة 20 عاماً، ركز خلالها على السلوكيات، إن هناك احتفاظاً بمساحة مقبولة عند اللقاء للمرة الأولى في غرفة اجتماعات افتراضية، قبل المضي في "المصافحة" باليد الرقمية.

تصوير: بارمي أولسون
تصوير: بارمي أولسون

أضاف بيلنسون: "إذا نظرت في عينيك واقتربت قليلاً، فمن الصعب حقاً أن أقول شيئاً يعكس ذلك". لكنه اعترف بأن بعض تطبيقات الواقع الافتراضي الاجتماعية الحديثة تشبه "الغرب المتوحش".

يعتمد بيلنسون على الواقع الافتراضي في تقديم فصوله الدراسية بانتظام، لكنه لن يأخذ طلابه إلى المنصة الاجتماعية "في آر تشات" (VRChat) المعروفة بتواجد أشخاص مزعجين فيها.

يقول المتحدث باسم المنصة، إن نحو 50 ألف شخص يزورون النوادي والمساحات الافتراضية في "في آر تشات" يومياً. وأضاف المتحدث: "لدينا فريق متخصص يركز فقط على سلامة المستخدم وأمنه"، حيث يمكن للزوار كتم صوت الآخرين أو حظرهم لحماية أنفسهم من الـ"غريفرز".

لم أقابل أي "غريفر" على "في آر تشات"، لكنه مكان أحمق ومربك، حيث يستبدل الزوار الصور الرمزية البشرية بأشكال طيور البطريق الصغيرة والجنيات والهياكل العظمية التي تتمايل وتتجول في حانة افتراضية. فمثلاً، قامت قطة عملاقة ترتدي فستاناً بتقديم فطائر لي، بينما تحدث فارس من العصور الوسطى عن قدرة محرك سيارة "رودستار" من شركة "تسلا"، فيما كان هناك صبار يشير برأسه إلى موافقته الرأي.

تصوير: بارمي أولسون
تصوير: بارمي أولسون

منصة "مايكروسوفت"

بدت منصة "ألتسبيس في آر" (Altspace VR) الاجتماعية التي تديرها "مايكروسوفت" أكثر تحضراً، رغم المواعدة السريعة وظهور مضيف تدخل بسرعة. كما بدأ رجل رمزي آخر يحوم حولي أنا وامرأة أخرى. ولكن لدى "ألتسبيس" أيضاً متصيدون.

قال أحد أعضاء اللجنة المنظمة لمؤتمر افتراضي قمت بزيارته: "يندمج الناس في الحدث ويقفزون على خشبة المسرح أو يكون لديهم مايكروفون ويلعبون أشياء غير لائقة".

بمجرد دخولي مساحة دردشة على المنصة وبدء المحادثة مع امرأة التقيت بها هناك، بدأ رجل رمزي يتابعنا ويقول لنا إننا جميلتان، وطلب أن نكون أصدقاء. لكننا كتمنا صوته ومنعناه من الوصول إلينا. يبدو أن "مايكروسوفت" تطبق إجراءات صارمة، حيث كان هناك بين العشرات من الذين حضروا الجلسة 4 من الوسطاء ممن يراقبون سراً سلوك الحضور.

تصوير: بارمي أولسون
تصوير: بارمي أولسون

قال متحدث باسم "مايكروسوفت"، إن عدد الوسطاء يختلف في كل حدث، حيث يمكن للمستخدمين أيضاً منع الجهات المزعجة من خلال تنشيط "فقاعة فضاء" (حول أنفسهم. فيما لم يذكر عدد الزوار الذين يأتون يومياً إلى "ألتسبيس" لكن أحد الأشخاص الذين يقوموا بتنظيم الأحداث هناك بشكل دوري أن الحضور يكون بالمئات.

تصوير: بارمي أولسون
تصوير: بارمي أولسون

أشار بيلنسون من "جامعة ستانفورد" إلى أن الميزة الكبيرة للواقع الافتراضي عندما يتعلق الأمر بالسلوك السيئ على وسائل التواصل الاجتماعي، هي أن المحتوى الضار لا يمكن أن ينتشر بسرعة. لكني لست متأكدة من صحة الأمر إلا بالتسجيل في أي تجربة بالواقع الافتراضي ومشاركتها مع الآخرين، ولكن هذا خارج الموضوع الرئيسي.

لن تتشابه إلى حد كبير التحديات الاجتماعية في "ميتافيرس" مع "فيسبوك"، لكن الأمر على الأرجح سيكون امتداداً لما شاهدته وما أشار إليه آخرون، من انتهاكات لقواعد السلوك الاجتماعي قد تتحول إلى مضايقات أو تنمر. وربما سيؤثر ذلك على الأفراد وليس المجموعات، لكن هذا لن يمنع ضرره أو يقلل من أهمية المراقبة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة