قمع ألعاب الفيديو في الصين يمنح أطفال أمريكا الأفضلية لهذه الأسباب

ألعاب الفيديو أكبر من مجرد ألعاب - المصدر: بلومبرغ
ألعاب الفيديو أكبر من مجرد ألعاب - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

الصين ليست من هواة ألعاب الفيديو. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع أعلنت وكالة حكومية عن قواعد جديدة من شأنها تقييد الوقت الذي يمكن للقاصرين قضاؤه على الإنترنت في ألعاب الفيديو إلى حوالي ثلاث ساعات أسبوعياً، وهو أقل بكثير من الحد السابق البالغ عشر ساعات تقريباً. قالت بكين إن القيود فُرضت بهدف حماية شبابها من إدمان ألعاب الفيديو وتشتيت انتباههم عن دراستهم. لكن السؤال هنا، هل ألعاب الفيديو حقا خطيرة على عقول الصغار؟ لا أعتقد ذلك.

لعقود من الزمن، صنف النقاد ألعاب الفيديو بأنها ضارة بالمجتمع دون دليل قاطع. هذه النظرة السلبية عفا عليها الزمن، فهي لا تتطابق مع الواقع، فهناك أدلة متزايدة على أنها يمكن أن تكون مفيدة في مجالات عدة. بدايةً، كثير من الآباء يعلمون أن ألعاب الفيديو مثل منصة "ماينكرافت" التابعة لشركة "مايكروسوفت" ومنصة شركة "روبلوكس" يمكن أن تنشط التفكير وتحفز الإبداع، إضافة إلى أنها قد تساعد في تطوير مهارات حل المشكلات.

لكن هذه مجرد مقدمة، فقد عزي رواد عمالقة التكنولوجيا الفضل في وضعهم على طريق النجاح إلى ألعاب الفيديو. ففي عام 2015 قال الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ، إنه ما كان ليدخل عالم البرمجة أبدا لو لم يكن قد لعب ألعاب الفيديو عندما كان صغيرا، مضيفا أن شغفه بصناعة الألعاب طور مهاراته التقنية، والتي لا تقتصر فقط على التشفير. يمكن أن تساعد ألعاب الفيديو الناس على التقدم في حياتهم المهنية.

ألعاب استراتيجية

يقول الرئيس التنفيذي لشركة "شوبيفاي" (Shopify Inc) توبي لوتكي، إنه تعلم الكثير من مهارات إدارة الأعمال بفعالية من لعب "ستاركرافت"، وهي عبارة عن نسخة حديثة من الشطرنج حيث يقوم اللاعبون بتخصيص الموارد رغم نقص المعلومات، أكثر مما حصل عليه من قراءة الكتب. وقد نشر على وسائل التواصل الاجتماعي " تبدو الألعاب الاستراتيجية بسيطة، لكنها تعلمك عملية صنع القرار المعقد بطريقة لا يمكنك اكتسابها من أي طريقة أخرى". وقد دعم الباحثون هذا الادعاء، فوفقا لدراسة أكاديمية، يمكن أن يكون مستوى الأداء في الألعاب الاستراتيجية إشارة إلى الكفاءة الإدارية بين المتقدمين للوظائف.

بطريقة أو أخرى، قصص "زوكربيرغ ولوتكي" تتشابه مع قصتي. فقد لعبَتْ ألعاب الفيديو دورا أساسيا في إثارة اهتمامي المستمر بالتكنولوجيا. عندما كنت صغيرا، كنت أقوم ببناء جهاز كومبيوتر جديد كل عام تقريبا، ومن هنا وبشكل كبير تمكنت من معرفة كيفية استخدام أحدث الشرائح تطورا للحصول على أفضل أداء في ألعاب "دووم" (Doom) أو "كويك" (Quake). لم أكن لأصل إلى ما وصلت إليه اليوم دون اهتمامي بألعاب الفيديو.

فوائد الألعاب

يبدو أن الكثيرين اليوم لا يدركون تبعات ألعاب الفيديو، فبالمقارنة مع تضييع الوقت في مشاهدة التليفزيون، تعد ألعاب الفيديو تجربة عملية تكسب اللاعبين كيفية اتخاذ قرارات ذكية تحت الضغوط. لقد قضيت مئات الساعات في لعبة تسمى "كاونتر سترايك"، حيث تتطلب كل جولة ثباتا في التفكير لتوقع ما سيفعله الخصم لاحقا، جنبا إلى جنب مع التفاعل اللغوي الحقيقي مع أعضاء الفريق لوضع التكتيكات من أجل تحقيق الفوز. الأمر ليس مجرد لعبة، بل مهارات مفيدة في الحياة. وألعاب اليوم التي يتشارك فيها اللاعبون يمكن أن تكون وسيلة للشباب لملاقاة أصدقائهم. في الماضي كانت لعبة البوكر الأسبوعية فرصة لمقابلة الأصدقاء، أما اليوم فيمكنهم فعل ذلك من خلال مشاركة لعبة "فورتنايت" من إنتاج شركة "إيبك غيمز".

وأبعد من ذلك، فالمستقبل يشير إلى أن الحملة التي تشنها الصين تعني أن أطفالها يواجهون احتمالية متزايدة في التخلف عن نظرائهم الأمريكيين في التعرف على مجالات الابتكار الحاسمة. فلطالما كانت الألعاب هي القوة الدافعة وراء العديد من التقنيات، بما في ذلك أشباه موصلات الرسومات والذكاء الاصطناعي والفن الرقمي والرسوم المتحركة. الصناعة أصبحت بالفعل سوقا ضخما سيزداد حجمه، فوفقا لشركة الأبحاث "نيوزو" سيصل إنفاق ما يقرب من ثلاثة مليارات شخص على ألعاب الفيديو حوالي 176 مليار دولار هذا العام، وسيرتفع إلى 219 مليارا بحلول عام 2024. وعندما يتم طرح لعبة "ميتافيرس" ذات الاقتصاد الرقمي المتكامل، فيمكنك المراهنة على أن اللاعبين سيتمكنون من الانطلاق داخل العوالم الافتراضية.

ليس معنى هذا أن ألعاب الفيديو لا تنضوي على مشاكل، فالإدمان يعتبر مشكلة حقيقية لبعض اللاعبين الذين لا يستطيعون تحقيق التوازن في ممارستها. كما أن على المنظمين التدقيق في بعض الممارسات العدوانية في الألعاب. غير أنه لا ينبغي التقليل من الفوائد الإجمالية، فألعاب الفيديو وسيلة ترفيهية نابضة بالحياة تجلب البهجة وتقدم مساهمات إيجابية في الحياة المهنية والاجتماعية.

إذا كنت ترغب أن يصبح أطفالك زوكربيرغ أو لوتكي التاليين، فلا تمنع ألعاب الفيديو عنهم. ربما تشجعهم على ممارستها أكثر بدلا من ذلك.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك