حذرت شركة "أو إم في" (OMV) من احتمال تعطيل إمدادات الغاز الطبيعي الروسي، إذ تعتزم وقف دفع ثمن الواردات من شركة "غازبروم" مقابل التعويضات التي حصلت عليها بموجب قرار من لجنة تحكيم دولية نتيجة للأضرار التي لحقت بها.
تسبب ذلك في بلوغ العقود المستقبلية للغاز في أوروبا أعلى مستوياتها خلال عام. ومن المتوقع أن تتوقف تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا بحلول 31 ديسمبر المقبل، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بديل مع كييف. رغم ذلك، فإن قرار التحكيم البالغة قيمته 230 مليون يورو (242 مليون دولار) ربما يسفر عن وقف مبكر لعمليات الشراء من الشركة التي تسيطر عليها حكومة روسيا، ما قد يزيد من الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال عالي التكلفة.
قطع إمدادات الغاز الروسي
تأثرت أسواق الغاز الأوروبية بشكل خاص بالاضطرابات التي نشبت منذ أزمة الطاقة خلال 2022، حيث ترتفع الأسعار مع أي انقطاعات في الإمدادات. وقفزت العقود المستقبلية خلال الأشهر الأخيرة جراء المخاطر المتزايدة على الإمدادات، والتهديد بانقطاع وشيك للإمدادات الروسية من الضغط، لا سيما مع بداية موسم التدفئة.
خلال السنوات الأخيرة، خفضت غالبية دول المنطقة اعتمادها على الإمدادات الروسية، باستثناء النمسا -السوق المحلية لشركة "أو إم في"- وسلوفاكيا، اللتين ما تزالان تستوردان الغاز عبر خطوط الأنابيب الأوكرانية. ورغم أن شركة "غازبروم" خاضت نزاعات تحكيمية مع عملاء أوروبيين آخرين مثل "يونيبير" (Uniper) و"إيني"، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها شركة عن إمكانية وقف مدفوعاتها لاسترداد تعويضات لجنة التحكيم.
من المتوقع أن تكون مدفوعات الإمدادات مستحقة بحلول 20 من الشهر الحالي، اذا اعتبرنا المواعيد النهائية السابقة دليلاً استرشادياً.
ذكر توم مارزيك مانسر، رئيس تحليلات قطاع الغاز في شركة "آي سي آي إس" (ICIS): "نظراً لإعلان شركة (أو إم في) نيتها استرداد التعويضات فوراً، فمن المحتمل أن تحجب دفعة سدادها عن (غازبروم) مقابل عمليات تسليم أكتوبر الماضي". وأضاف: "إنها فترة متوترة".
'OMV' تلتزم بعقود التوريد
أكدت "أو إم في" أنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها الخاصة بعمليات التوريد من خلال مصادر بديلة في حالة تعطل الإمدادات الروسية بموجب عقدها طويل الأجل. ورفضت "غازبروم" من جهتها التعليق على الموضوع.
كتبت وزيرة الطاقة النمساوية ليونور غيفسلر على منصة "إكس": "النمسا تستطيع وستدبر أمورها بدون الغاز الروسي. رغم ذلك، من الواضح أن الانقطاع المفاجئ للإمدادات ربما يثير توتراً في أسواق الغاز".
ارتفعت العقود المستقبلية القياسية 5.4%، في أعلى زيادة منذ نوفمبر من العام الماضي، وبلغت 45.27 يورو لكل ميغاواط في الساعة عند 10:51 صباحاً بتوقيت أمستردام، بزيادة 3.7%.
قالت شركة "أو إم في" إن الإمدادات التي تبلغ 5 تيراواط في الساعة شهرياً ربما تتأثر سلبياً. ويمثل ذلك نحو 1% من إجمالي احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز خلال موسم الذروة في بداية العام الحالي، وهو رقم كاف لإثارة قلق التجار نظراً لهشاشة ميزان العرض والطلب في السوق. ويُذكر أن سبتمبر الماضي كان عاشر شهر على التوالي تلبي فيه روسيا أكثر من 80% من الطلب النمساوي على الغاز.
تحتفظ النمسا بواحدة من أقدم وأعمق العلاقات في أوروبا مع قطاع الطاقة الروسي، كما مددت خلال 2018 عقد الغاز طويل الأجل حتى 2040. وتأسست "أو إم في"، المملوكة للدولة والتي تُعد أكبر شركة للوقود الأحفوري في النمسا، في أعقاب توقيع معاهدة استقلال البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تسلمت بموجبها الأصول التي كانت خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي السابق مقابل التزام النمسا بالحياد.
سلوفاكيا تبحث عن بديل لغاز روسيا
أعلنت "سلوفنسكي بلينارينسكي بريميسل" (Slovensky Plynarensky Priemysel) أكبر شركة طاقة في سلوفاكيا، يوم الأربعاء، عن مسارات بديلة لتوفير إمدادات الغاز في حال فشل التوصل إلى اتفاق لضمان التدفقات المستقبلية عبر أوكرانيا. خلال يونيو الماضي، كما حصلت شركة "يونيبير" الألمانية على تعويضات تزيد عن 13 مليار يورو بسبب كميات غاز لم تتسلمها من "غازبروم".
رغم أن الدول غير الساحلية في وسط أوروبا، بما فيه النمسا وسلوفاكيا، تملك إمكانية الوصول إلى الغاز الطبيعي المسال عبر محطات جديدة أُنشئت بسرعة في ألمانيا وهولندا خلال أزمة الطاقة، إلا أن هذا الخيار مكلف. ويتضمن ذلك تكاليف أعلى لشراء الوقود وإعادة تحويله إلى غاز ورسوم النقل.
وبالنسبة لسلوفاكيا، فقد تزيد تكلفة استبدال الغاز الطبيعي المسال بالإمدادات الروسية بمقدار 220 مليون يورو سنوياً بسبب رسوم النقل وحدها.