بينما كانت أسعار النفط تحوم حول 72 دولاراً للبرميل حتى بعد تصاعد الاضطرابات في المنطقة، كان دخول إيران على خط المواجهة عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله مطلع هذا الأسبوع، عاملاً حاسماً في تحريك اتجاهات السوق الراكدة.
منذ بداية هذا الأسبوع، تجاوز صعود أسعار النفط 5%، وارتفع خام برنت اليوم الأربعاء فوق 75 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ مطلع سبتمبر الماضي، وصعد منذ أدنى مستوى وصل له هذا العام في 10 سبتمبر بنسبة قاربت 10%.
لم يستبعد خبراء وصول أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، لكن هل يستطيع التماسك عند هذا المستوى؟
سيناريوهات أسعار النفط وسط الاضطرابات
هناك ثلاثة سيناريوهات قد تتبلور في أعقاب ما حدث ليلة أمس. الأول هو إمكانية أن يكون هذا حدثاً قصير الأمد مع ارتفاع مؤقت في أسعار النفط قد تصل إلى 80 دولاراً كحد أقصى فقط ليعود لاحقاً، وفق أسامة رزفي محلل اقتصاد وطاقة في "برايماري فيجن نتورك" (Primary Vision Network).
وقال إن علاوة المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط قد تساعد في تحويل المعنويات الهبوطية لدى المستثمرين إلى مزاج صعودي. "يمكن أن يكون هناك بناء لمراكز طويلة الأجل من شأنها أن توفر أرضية أعلى للأسعار. قد تتأرجح الأسعار بين 75 دولاراً و80 دولاراً".
السيناريو الثاني، قد يتحقق إذا لم تبد إسرائيل رداً مدروساً، فقد يكون هناك تصعيد مطول من شأنه أن يبقي الأسعار مرتفعة، أما السيناريو الأسوأ هو حرب شاملة وكل ذلك يعتمد على كيفية استجابة إسرائيل، وفق زرفي.
الوضع الأخطر يتمثل في تعطل إنتاج النفط الإيراني أو صادراته، فقد يؤدي ذلك إلى تقليص العرض العالمي، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار على نحو مستدام، بحسب الدكتور أومود شوكري عضو هيئة تدريس في جامعة جورج ماسون.
النتيجة الأكثر خطورة تتمثل في قيام إيران بتعطيل حركة المرور عبر مضيق هرمز، الذي يتعامل مع حوالي 20% من تجارة النفط العالمية. وقد تتسبب مثل هذه الخطوة في ارتفاع كبير في الأسعار، وفق شوكري.
متى تصل الأسعار إلى 100 دولار؟
قال شوكري إن التوترات الجيوسياسية المتزايدة قد تؤدي أيضاً إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على صادرات النفط الإيرانية، مما يؤدي إلى تقليص العرض العالمي ودفع الأسعار إلى الارتفاع. وإذا تصاعد الصراع وانتشر إلى دول أخرى منتجة للنفط في الشرق الأوسط، فقد يدفع ذلك أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل أو أعلى.
كيف تؤثر الانتخابات الرئاسية في اتجاهات السوق؟
يقول رزفي إن الانتخابات الأميركية الجارية الآن قد تجعل الولايات المتحدة تتدخل بقوة حتى لا يتحول الأمر إلى حرب شاملة. وتابع: "نظراً لأن الانتخابات الأميركية تجري الآن، ومن بين العواقب المترتبة على ارتفاع أسعار النفط، وهو تأثيره سلباً على الدخل المتناقص بالفعل للمستهلكين الأميركيين، ما سيؤدي إلى تآكل رأس المال السياسي لأي من الحزبين، فسيكون من مصلحتهما التدخل ومنع تحول الأمر إلى حرب شاملة".
مؤشرات على صعود الأسعار
تشير مراكز الأموال المدارة عبر صناديق التحوط في العقود الآجلة لخام برنت إلى إمكانية قفزة في الأسعار، وفق مذكرة بحثية لـ"بلومبرغ إنتليجنس". و"قد تكون التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وخاصة في الشرق الأوسط، بمثابة شرارة لهذه القفزة وارتفاع محتمل إلى مستوى مقاومة يبلغ حوالي 80 دولاراً للبرميل".
ومع ذلك، فإن الارتفاع المستدام قد يتطلب إلى انقطاعات مستمرة في الإمدادات. حتى إذا تضررت صادرات إيران من الخام التي تبلغ حوالي 1.7 مليون برميل يومياً، فإنها تُعتبر ضئيلة عند مقارنتها بالإمدادات الإضافية من الولايات المتحدة وكندا، والقدرة الاحتياطية لمنظمة أوبك، وفق "بلومبرغ إنتليجنس" التي أشارت إلى أن الكثير من نفط إيران يذهب إلى الصين، التي كانت تقلص بالفعل من الواردات.
مستوى 80 دولاراً للبرميل، توقعه أيضاً جيمي إنجرام محلل أول لدى "مييس" (MEES)، وقال إن المسار المستقبلي لأسعار النفط تعتمد على نطاق وحجم رد إسرائيل على هجوم إيران. وتابع: "إذا نظرنا إلى التحرك الإسرائيلي باعتباره تحركاً مدروساً نسبياً يهدف إلى عدم إثارة المزيد من التصعيد، فإن أسعار النفط سوف تهبط مرة أخرى وقد تعود إلى اختبار مستوى أقل من 70 دولاراً للبرميل بسرعة كبيرة. ولكن أي هجوم على البنية الأساسية للنفط والغاز في إيران من المرجح أن يتسبب في ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 80 دولاراً للبرميل".
ساهم في هذا التقرير: رهام الشايب
riham.elchayeb@asharq.com