من المرجح أن تكون أوروبا قد بلغت ذروة استهلاكها من الغاز الطبيعي المسال، رغم استمرارها في بناء محطات الاستيراد والبنية التحتية ذات الصلة، مما يزيد من خطر بقاء هذه المنشآت غير مستغلة وتحولها إلى أصول عالقة، وفقاً لمؤسسة بحثية في مجال الطاقة.
أفاد معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA) في تقرير حديث أن واردات الغاز الطبيعي المسال تتجه نحو الانخفاض بنسبة 11% هذا العام، مع توقعات بأن يتسارع هذا التراجع ليصل إلى 37% بحلول نهاية العقد. وفي ظل استمرار بعض الدول في التخطيط لإنشاء مزيد من المحطات، فإن ثلاثة أرباع قدرة الاستيراد في أوروبا قد تكون غير مستغلة بحلول عام 2030.
على مدى العامين الماضيين، استثمرت أوروبا مليارات الدولارات في الغاز الطبيعي المسال لتعويض إمدادات الغاز الروسي التي كانت تهيمن على السوق، خاصة عقب اندلاع حرب الكرملين في أوكرانيا. ومع ذلك، سجلت نصف محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي نسب تشغيل أقل من 50% في النصف الأول من العام الحالي.
ألمانيا مثالاً واضحاً
تعد ألمانيا مثالاً بارزاً على هذا الاتجاه، إذ استأجرت محطات عائمة لاستيراد الغاز من دول مثل الولايات المتحدة، وهي الآن تبني منشآت برية للغاز الطبيعي المسال. غير أن التوسع السريع في استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية يهدد الطلب على هذا النوع من الوقود.
وفي هذا السياق، قالت آنا ماريا جالر ماكاريفيتش، المحللة الرئيسية لشؤون الطاقة في أوروبا لدى معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، عبر البريد الإلكتروني، إن "قدرة ألمانيا على إعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز ستزداد بنحو ثلاثة أضعاف بحلول نهاية العقد". وأضافت أنه "مع زيادة استخدام الكهرباء والطاقة المتجددة سيساهم في تقليص استهلاك الغاز، مما يثير شكوكاً حول حاجة البلاد إلى هذه القدرات الكبيرة".
وأوضحت أن الطلب على الغاز في ألمانيا انخفض بنسبة 4% في النصف الأول من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما أن التوقعات للطلب الصناعي تبدو قاتمة، حيث أدت أزمة الطاقة إلى تعطيل العمليات وإجبار بعض المصانع على الإغلاق أو الانتقال إلى مناطق يكون الوقود فيها أرخص.
يعتقد الساسة الألمان أن التوسع في البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال ضروري لضمان أمن الطاقة وتجنب الاعتماد الخطير على الغاز الروسي.
وقال مركز الأبحاث، ومقره كليفلاند، إن متوسط معدل استخدام محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي انخفض إلى 47% في النصف الأول من العام مقارنة بـ63% في نفس الفترة من العام الماضي. كما تراجعت حصة الغاز الطبيعي المسال من إجمالي الطلب على الغاز في أوروبا من 37% إلى 31%.
توقعات استهلاك الغاز
بحلول عام 2030، من المتوقع أن ترتفع قدرة استيراد الغاز الطبيعي المسال في أوروبا بنسبة 21% لتصل إلى 414 مليار متر مكعب، مما يعني أن هناك أكثر من 300 مليار متر مكعب من القدرة غير المستغلة، بحسب تقديرات المؤسسة.
ومع ذلك، تلعب محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا دوراً مهماً في ضمان إمدادات الغاز، حيث يختلف معدل استخدامها على مدار العام بناءً على عوامل مثل حالة الطقس وتوافر الغاز عبر خطوط الأنابيب والتحولات في الطلب العالمي.
ومع انتهاء الصفقة الروسية لنقل الغاز عبر أوكرانيا في ديسمبر المقبل، قد يزيد اعتماد دول شرق ووسط أوروبا على الغاز الطبيعي المسال لتلبية احتياجاتها من الطاقة.