بعد شهور من فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ناقلات نفط روسية، مازالت عشرات السفن عالقة في المياه بلا حراك، في إشارة إلى قدرة الولايات المتحدة على تعطيل سلسلة توريد المواد البترولية الخاصة بموسكو إذا أرادت ذلك.
منذ أكتوبر الماضي، أضافت وزارة الخزانة الأميركية 40 سفينة تعمل في تجارة النفط الروسي إلى قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات، معظمها بسبب خرق الحد الأقصى للأسعار الذي فرض بهدف تحجيم فرص الكرملين في الحصول على الإيرادات النفطية.
لم تستطع إلا ناقلة واحدة فقط، هي "إس سي إف بريموريه" (SCF Primorye)، أن تلتقط شحنة لتنقلها بعد إضافتها لقائمة العقوبات.
تتجه هذه الناقلة إلى آسيا، فإذا استطاعت تفريغ حمولتها من النفط دون مشاكل، ربما يشجع ذلك روسيا على استخدام مزيد من تلك السفن العالقة مرة أخرى.
لاقت العقوبات التي فُرضت على روسيا، ومن بينها الحد الأقصى لأسعار النفط، انتقادات بسبب سهولة الالتفاف عليها في ضوء مدى ضخامة صادرات النفط الروسية التي مازالت مستمرة.
غير أن توقف أسطول النقل عن الحركة يكشف أن تلك العقوبات قد تصبح فعالةً إذا طُبقت الإجراءات ضد كل سفينة على حدة.
ناقلات روسية وإماراتية
هناك واحد وعشرون ناقلة من تلك السفن الأربعين تابعة لشركة "سوفكومفلوت" (Sovcomflot) الروسية للملاحة البحرية المملوكة للدولة، وتبقى تسع عشرة ناقلة تسيطر على معظمها شركة "هنسي هولدينغز" (Hennesea Holdings)، ومقرها في الإمارات العربية المتحدة.
تشكل السفن الخاضعة للعقوبات جزءاً ضئيلاً من سفن أسطول الظل الذي ساعدت في بنائه شركات تعمل بالوكالة، بهدف الالتفاف على القيود التي فرضتها مجموعة الدول السبع على تقديم الخدمات الملاحية للناقلات التي تحمل نفطاً روسياً.
في أبريل الماضي، حُذفت إحدى هذه السفن الأربعين، وهي السفينة التركية "ياسا غولدن بوسفورس" (Yasa Golden Bosphorus)، من قائمة العقوبات، وسُمح لها بالاستفادة من الخدمات الملاحية العالمية مثل خدمة التأمين.
ومنذ رفع اسمها من القائمة، حملت السفينة شحنة من الخام الأميركي، غير أنها مازالت متوقفة قرابة سواحل تكساس.
مواقع ناقلات "سوفكومفلوت"
تظهر بيانات تتبع السفن التي جمعتها "بلومبرغ" أن بقية السفن الخاضعة للعقوبات تقف خاويةً وبلا حراك في مناطق متفرقة في العالم.
توقفت ثمانية من ناقلات شركة "سوفكومفلوت" قبالة مينائي فلاديفوستوك وناخودكا الروسيين على المحيط الهادئ، وبعضها ظلت عالقة هناك منذ خمسة أشهر. واتجهت واحدة منها وهي فارغة مرة أخرى إلى قناة السويس بينما أبحرت أخرى إلى حوض لصيانة السفن في الصين.
توجد مجموعة ثانية من ناقلات شركة "سوفكومفلوت" المعطلة والخاضعة للعقوبات في البحر الأسود.
بعد وصولها بفترة وجيزة، يبدو أن كل سفينة من تلك السفن أوقفت أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكية التي تُظهر موقعها لأنظمة التتبع الرقمية. غير أن جميعها تقريباً لاتزال متوقفة في تلك المنطقة، إذ يتعين عليها أن تبث إشارات لاسلكية عند عبور مضيق البسفور التركي الضيق حتى تغادر البحر الأسود.
وصلت السفينة الأولى من هذه المجموعة التي تضم سبع سفن في شهر ديسمبر. وكانت أحدث السفن التي انضمت إلى المجموعة وصلت هناك في وقت سابق من شهر مايو الحالي عقب تسليمها شحنة أخيرة من الخام إلى الصين، بعد تحميلها من ميناء كوزمينو على المحيط الهادئ قبل أيام فقط من فرض العقوبات عليها في فبراير.
توجد السفن الثلاث الأخرى من سفن الشركة الخاضعة للعقوبات في بحر البلطيق، حيث ترسو اثنتان منها خارج ميناء التصدير في "أوست -لوغا"، وتقف الثالثة في أقصى الغرب قبالة ساحل إستونيا منذ أواخر فبراير.
ناقلات "هنسي" الإماراتية
كذلك يبدو أن ناقلات شركة "هنسي هولدينغز" المدرجة في قائمة العقوبات، وعددها ثماني عشرة ناقلة، كانت متوقفة عن العمل منذ أن أُضيف معظمها إلى قائمة وزارة الخزانة الأميركية في يناير –وأُضيفت واحدة منها بالفعل في الشهر السابق. ومثل نظيراتها التابعة لشركة "سوفكومفلوت"، تجمعت السفن في عدد قليل من المواقع.
ترسو عشر سفن منها قبالة سواحل الصين وكوريا الجنوبية، بما في ذلك اثنتان في أحواض الصيانة. وتقف معظم السفن الباقية قبالة ميناء بورسعيد في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث يتواجد بعضها منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
أدى بث الإشارات المضللة، حيث تتلقى أنظمة التتبع إشارة غير صحيحة للموقع، إلى ظهور مواقع العديد من هذه السفن على أنها في مطارات إقليمية مختلفة. على سبيل المثال، ظهرت إشارات السفينة "سنسوس" (Sensus) على أحد ممرات مطار رفيق الحريري في بيروت في لبنان في 17 مايو، كما حددت إشارات حديثة أخرى موقع بعض السفن على أنها في مطار القاهرة.
الناقلة الوحيدة من ناقلات "هنسي هولدينغز" التي يبدو أنها لا تزال تعمل هي "أبوس" (Apus)، وهي ناقلة نفط عملاقة من نوع ناقلات المدى الطويل 2 التي غادرت ميناء بورسعيد في أواخر مارس، ووصلت إلى الخليج العربي في منتصف أبريل.
بعد ذلك، قضت الناقلة عدة أيام تتحرك خلالها بسرعة أقل من عقدة واحدة قريباً من حقل "سوروش" النفطي الإيراني، قبل أن تتوجه إلى مدينة خور فكان في الإمارات العربية المتحدة، حيث شوهدت آخر مرة في نهاية أبريل.
في تطور منفصل، قامت 10 ناقلات على الأقل من ناقلات النفط التابعة لشركة "سوفكومفلوت" الخاضعة للعقوبات بتغيير أسمائها وأعادت رفع علم روسيا.