في كثير من الأحيان، قد نتصرف بأسلوب دفاعي و نأخذ موقف الدفاع عن النفس بلا ضرورة، دون أن نلاحظ ذلك، ونقول لأنفسنا: "كنت أقول الحقيقة! كنت أمزح فقط!". إلا أن مثل هذا التصرف يقود إلى إلقاء اللوم على الآخرين ويؤدي إلى آثار سلبية تجتاح مكان العمل، كما يُلحِق الضرر بالعلاقات بين الزملاء وبالفريق.
وتناولت دراسة نُشرت في "الدورية البريطانية لعلم النفس الاجتماعي" السبل التي قد تمكّن الأشخاص المتنازعين من التفاعل في ما بينهم بطرق أكثر إنتاجية. وفي السطور التالية نستعرض بعض المشكلات المتعلقة ببيئة العمل واستراتيجيات التعامل معها.
المشكلة: يسيء التصرف الدفاعي إلى قدرتنا على مناقشة الأحداث بصراحة والتعلم منها، وذلك بسبب تفسير الأحداث بشكل مغلوط. فعلى سبيل المثال حين تتصرف زميلة ما بطريقة دفاعية لتغطي على خطأ بسيط ارتكبته في مكان العمل، قد تبقى عالقة في هذا الخطأ بعد أسبوع من حدوثه. وإذا اكتشف أحد ما خطأها، فستسعى لإلقاء اللوم على الآخرين، وتحميل زملائها المسؤولية.
وتقول ليديا ووديات، أستاذة علم النفس المساعدة بجامعة "فلندرز" في أديلايد بأستراليا، والتي شاركت في إعداد الدراسة، إنه "بسبب ذلك، تنشأ عدة مشكلات في علاقات العمل بين الفريق"، والخطأ البسيط الذي حدث في البداية يتفاقم ويتوسع ليضمّ سلسلة من الأخطاء والمشكلات.
استراتيجيتك: عبِّرْ بوضوح عن أن الزميلة المعنية هي عضو في الفريق وتحظى بالاحترام والتقدير، ثمّ انتقل إلى معالجة المشكلة. البشر هم في الواقع كائنات اجتماعية، ويرغبون بشدة في أن ينتموا إلى المجموعة. تقول ووديات: "أدمغتنا مبنية لكشف الأخطار التي تهدّدنا، وحين نكتشف هذا الخطر فإن أدمغتنا تستجيب بطريقة دفاعية على الفور".
الخطوة الأولى
تَحدَّث بحماس عن مشاريع التعاون المستقبلية بينك وبين زميلك الذي واجهته بالمشكلة. وفي هذا السياق يقول مايكل وينزل، أستاذ علم النفس بجامعة "فلندرز" الذي شارك أيضاً في إعداد الدراسة: "حين يشعر الفرد أنه مقبول من المجموعة، يصبح أكثر استعداداً للاعتراف بخطئه وذنبه". ويسهم ذلك في الحدّ من الشعور بالرفض أو النبذ أو حتى القلق من تعرُّض مكانته الاجتماعية للتهديد.
الخطوة الثانية
اذكر القيم الإيجابية التي ربما أدّت إلى تصرف الزميلة بطريقة دفاعية. يمكنك أن تقول مثلاً: "أنت تهتمّين فعلاً بالتواصل الاجتماعي، وأنا أدرك جيداً كيف تتواصلين معنا". وافترض أن نيتها حسنة ولو كان ذلك مستبعَداً. فحسب ووديات "يسهم ذلك في تعزيز شعورها بأنها شخص جيد، ويساعدكما على الانطلاق من أرضية مشتركة".
الخطوة الثالثة
دعها تَروِ ما جرى معها بكلماتها الخاصة، حتى لا يقع على عاتقك أن تحكي ما حصل. وأضافت ووديات: "دعها هي تحدد الأمور التي تستصعبها"، مشيرة إلى أن ذلك يعزز شعورها بالقوة والتحكم في قراراتها.
الخطوة الرابعة
تَفادَ إشعارها بالذنب. مع التوسع في الحديث، فإن آخر ما تريده هو وضع زميلتك في دائرة الاتهام، ولو لدقيقة واحدة. وقال وينزل: "يجب أن نتفهم أن الدفاعية هي استجابة الشخص لشعوره أنه لم يؤدِّ أمراً ما بشكل صحيح"، وتابع: "صحيح أنها ارتكبت خطأ، ولكن شعورها بالذنب ستكون له آثار عكسية".
الخطوة الخامسة
تجاوز الموضوع بسرعة. ارسم المسار الذي يقود إلى إعادة الاندماج فوراً حتى تتعلم زميلتك مما حصل وتُصلِح الأمور. وحسب ووديات، فإن الهدف هو "إيجاد أسرع طريقة نحو المصالحة".