تعد التمارين الرياضية مفيدة للصحة، غير أنها، وفقاً لدراسة حديثة، قد تصبح ضارة بالنسبة إلى بعض الذين عانوا من كورونا لفترة طويلة.
هؤلاء الذين يعانون من إصابات موجعة بعد نشاط عنيف-وهي حالة تعرف باسم "أعراض ما بعد الإجهاد"- يتعرضون لخطر التلف الحاد في الأنسجة إثر التمارين الرياضية القاسية، وفقاً لما توصل إليه العلماء في هولندا.
أخضع الباحثون في جامعة "فريجي أمستردام" 25 مريضاً عانوا من كورونا لفترة طويلة و21 عيّنة بصحة جيدة، لممارسة 8 إلى 12 دقيقة من رياضة ركوب الدراجات عالية الكثافة. تطوع المشاركون بتقديم عينات من الدم والعضلات قبل وبعد التمرين لتحديد التغيرات البيولوجية التي قد تفسر الأعراض المستمرة والمنهكة للمرضى.
أعراض ما بعد الإجهاد
أظهرت الدراسة التي نُشرت هذا الشهر في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications) انخفاضاً ملحوظاً في قدرة الذين أصيبوا بكورونا لفترة طويلة على القيام بالتمرين مقارنة بالعينات السليمة، وارتبط ذلك بارتفاع نسبة الألياف العضلية البيضاء المعرضة للإجهاد وانخفاض عدد ما يسمى بألياف العضلات الحمراء بطيئة الانقباض.
تسبب الاختبار في ظهور "أعراض ما بعد الإجهاد" عند جميع المرضى، واستمرت هذه الأعراض لمدة ثلاثة أسابيع عند بعضهم، كما قال روب ووست، الأستاذ المساعد في فسيولوجيا العضلات الذي شارك في قيادة الدراسة. اضطر جميع المشاركين الذين أصيبوا بكورونا لفترة طويلة، بما في ذلك لاعبو كمال الأجسام والتايكوندو والرياضيون المحترفون، إلى التوقف عن العمل كامل الوقت بسبب التداعيات الناجمة عن فيروس كورونا.
أسباب بيولوجية
أظهر تحليل للأنسجة التي تم جمعها من المشاركين بعد التمرين من عضلات الساق العليا أن المصابين بكورونا سابقاً كانوا أكثر عرضة لإظهار علامات تلف الأنسجة الشديد مقارنة بالعينات السليمة، بما في ذلك ألياف العضلات التالفة والالتهابات والاضطرابات الأيضية. ظهر لدى المرضى أيضاً زيادة في تراكم الرواسب المحتوية على الأميلويد في عضلاتهم، والتي لاحظتها دراسات أخرى داخل الأوعية الدموية للمصابين سابقاً بكورونا لفترة طويلة.
أشار ووست إلى أن نتائج الدراسة لا تحدد الإصابة الطويلة بكورونا سبباً للأعراض التي شهدها المشاركون. ومع ذلك، فإنها تظهر سبباً بيولوجياً لأعراضهم وليس نفسياً أو بسبب عدم التكيف أو عدم ممارسة الرياضة البدنية.
تجرى حالياً مزيد من الأبحاث لفهم هذه العملية الضارة، بما في ذلك المرضى الذين يعانون من "التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلي/ متلازمة التعب المزمن"، وكيف يمكن علاجها والوقاية منها.
في غضون ذلك، توصي مجموعات دعم مرضى كورونا باتباع نهج "التوقف والراحة والوتيرة" لتجنب الإصابات الشديدة الناجمة عن مستويات معينة من النشاط البدني أو العقلي أو العاطفي.
قال ووست: "لا يمكننا مساعدتهم حتى الآن، سوى أن ننصحهم بعدم المبالغة في التمرين حتى نبلغ هذه المشكلة". مضيفاً: "نحن نعلم من دراسات أخرى أن تحريك عضلاتك والحفاظ عليها نشطة أمر جيد بالنسبة إليك، لكن على المرضى معرفة الحد الأقصى للتمرين الخاص بهم ومحاولة البقاء دونه".