تجلب الرياح الساخنة والجافّة التي تجتاح كاليفورنيا كل خريف في أعقابها الحرائق، وفي الوقت الراهن أسفرت عن أكبر حالة انقطاع للتيار الكهربائي تشهدها الولايات المتحدة. وبعد عامين من الحرائق المدمِّرة، التي تسبّبت في تدمير خطوط الكهرباء، تبنّت كبرى شركات المرافق في الولاية، شركة "باسيفيك للغاز والكهرباء" وشركة "إيديسون الدولية"، إجراءات صارمة، بما في ذلك قطع الكهرباء بشكل استباقيّ لدى مئات آلاف العملاء تحسبًا للعواصف. وقد أدّى انقطاع الكهرباء واسع النطاق إلى إثارة الجدل حول الإجراءات التي يجب أن تتخذها كاليفورنيا لمنع الحرائق في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الطقس.
1- هل تسبَّبت خطوط الكهرباء في حرائق سابقة؟
تقول السلطات: نعم. في شهر مايو 2018، إذ خلص محققو الولاية إلى أنّ حريق كامب 2018، الذي أسفر عن مقتل 86 شخصًا، كان بسبب خطوط كهرباء شركة "باسيفيك للغاز والكهرباء"، إذ اجتاحت الرياح الجافة المنطقة. وكان هذا الحريق الأكثر فتكًا في تاريخ كاليفورنيا، إذ دمّر بلدة باراديس.
وتراجعت أسهم "باسيفيك للغاز والكهرباء" بنسبة 85% في الأشهر التي تلت الحريق، بينما تعرضت الشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرًّا لها، للإفلاس في يناير، كما تواجه مطالبات والتزامات تقدَّر بـ30 مليار دولار من جرَّاء الحرائق في 2017 و2018.
وفي وقت سابق من هذا العام، وجد المحققون أنَّ خطوط الكهرباء المملوكة لشركة "إيديسون الدولية" للمرافق العامّة في جنوب كاليفورنيا قد تسبّبت في إشعال حريق توماس في أواخر عام 2017، إذ ابتلعت نحو 300 ألف فدان بشمال لوس أنجلوس، مما أسفر عن مقتل شخصين.
2- هل يحدث ذلك كثيرًا؟
يحدث ذلك في كاليفورنيا، إذ أشار المحققون إلى أن تجهيزات "باسيفيك للغاز والكهرباء" تكون السبب المحتمل لـ17 حريقًا في عام 2017، ومن المرجَّح أن يتزايد الخطر، فمع ارتفاع درجة حرارة المناخ وجفافه يمكن أن تصبح حالات انقطاع التيار الكهربائي الكبيرة كارثة سنوية جديدة.
وقال مايكل وارا، مدير برنامج سياسات المناخ والطاقة في جامعة ستانفورد: "لدينا شبكة كهرباء بُنِيَت لإدارة مجموعة من الظروف التي لم تعُد موجودة.. علينا أن نتكيَّف مع الظروف الجديدة الناجمة عن تغيُّر المناخ".
3- كيف تشعل خطوط الكهرباء الحرائق؟
معظم خطوط توزيع الكهرباء، التي تؤدي إلى الأحياء أو المنازل الفردية، ترتكز على أعمدة خشبية، ويمكن أن تهبّ الرياح القوية على الأعمدة أو تمزّق الخطوط، وعندما يقع حامل التيار الكهربائي على العشب الجافّ قد يتسبب في اشتعال النيران، بينما قد تسفر مثل هذه الرياح أيضًا عن جعل الخطوط المتوازية على نفس العمود في التمايل بالقرب من بعضها البعض، بحيث تقفز الإلكترونات من خط إلى آخر، مما يؤدي إلى حدوث شرارات تسقط على العشب. ويمكن للأشجار التي تسقطها الرياح، أو الأطراف الممزقة من الأشجار، أن تشعل خط الكهرباء.
بعض الخطوط زُوِّدَ بأجهزة تحاول إعادة تشغيل الكهرباء تلقائيًّا عند انقطاعها، كما هي الحال عند انقطاع التيار الكهربائي، ولكن يمكن أن تكون النتيجة كارثية إذا انفجرت الخطوط والأجهزة (التي يطلق عليها reclosers، والتي تعني مُرحّلات إعادة التوصيل والتحكم الذاتي، في مجال توزيع الطاقة الكهربائية، وتُعرف كمجموعة من القواطع الكهربائية المصمَّمة للاستخدام على شبكات توزيع الكهرباء العالية لكشف الأعطال اللحظية ووقفها) وامتدت الكهرباء إلى العشب الجاف. وقد تصدر المحولات الموجودة فوق الأعمدة شرارات عديدة عندما يشتدّ التيار الكهربائي في أحد الخطوط.
4- ماذا يمكن أن تفعل المرافق العامة؟
بالإضافة إلى قطع الكهرباء في أثناء عواصف الرياح، فإنّ المرافق العامّة تكون مسؤولة عن تقليم الأشجار القريبة من خطوط الكهرباء. وقد تبنّت كاليفورنيا المعايير الأكثر صرامة في هذا الصدد، ويتطلب قانون الولاية مرافق مساعدة لتقديم خطط سنوية لمكافحة حرائق الغابات. وقد طالبت "إديسون" المنظِّمين العام الماضي بالحصول على إذن لفرض رسوم 582 مليون دولار على العملاء لاستبدال أسلاك معزولة بنحو 600 ميل (1000 كيلومتر) من خطوط الكهرباء العلوية، وإضافة محطات الطقس وتركيب كاميرات عالية الجودة، بينما أنفقت "باسيفيك للغاز والكهرباء" 6 مليارات دولار على جهود مكافحة الحرائق.
5- ما أسباب عدم نجاح هذه الخطوات؟
معظم الإجراءات جديدة للغاية بما لا يمكن معه أن تكون مؤثرة. وقد تبنَّت كاليفورنيا المعايير الأكثر صرامة لتشذيب الأشجار في أواخر عام 2017، وكانت مخططات مكافحة حرائق الغابات في المرافق العامّة إلى حدٍّ كبير في طور الإعداد، بينما حذّرت "باسيفيك للغاز والكهرباء" العملاء من أنها قد تقطع الكهرباء في الأيام التي سبقت بدء الحرائق المميتة "كامب فاير" 2018، إلا أنها في النهاية فضّلت عدم القيام بذلك.
6- مَن يتحمّل تكلفة نشوب الحرائق الناتجة عن خطوط الكهرباء؟
يمكن أن تكون مرافق كاليفورنيا هي المسؤولة عن حرائق الغابات التي تبدأ من أجهزتها، حتى إذا قامت الشركات بتشذيب الأشجار بشكل صحيح وفعلت كل شيء وفقًا للقانون. وقد أصلحت شركة "باسيفيك للغاز والكهرباء" وشركة "إيدسون" وآخرون خلال العام الحالي هذا النظام، استنادًا إلى مذهب قانونيّ يسمى "الإدانة العكسية"، لكنّ المشرّعين لم يوافقوا على الكيفية، وبدلًا من ذلك أصدروا قانونًا لمساعدة المرافق على تغطية التكاليف من حرائق الغابات المدمّرة لعام 2017، بما في ذلك بيع السندات المدعومة من قِبل فواتير العملاء، لكنها لم تتناول على وجه التحديد كيفية التعامل مع تكاليف أيّ حرائق خلال عام 2018، لذا قد تحتاج المرافق إلى اللجوء إلى المشرّعين مرة أخرى من أجل الحصول على إجراء آخر، بينما تكون دعاوى قضائية ناجمة عن الحرائق الحالية تحت الإعداد.