أفادت "بلومبرغ إن إي إف" (Bloomberg NEF) أن الهند ستحتاج إلى استثمار 12.7 تريليون دولار في نظام الطاقة الخاص بها، أو أكثر من ثلاثة أضعاف ناتجها المحلي الإجمالي، للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن ومساعدة العالم على تجنب الاحتباس الحراري الكارثي.
سيتطلب تحقيق هذا الهدف مبكراً -قبل الموعد الرسمي الذي حددته الهند في 2070، الذي يتخلف عن أكبر الاقتصادات في العالم- التحرك بسرعة لتخليص قطاع الكهرباء الضخم والمعتمد على الفحم في الدولة الواقعة في جنوب آسيا من الملوثات، وفقاً لتوقعات الطاقة الجديدة في الهند التي أصدرتها "بلومبرغ بي إي إف"، ونُشرت يوم الخميس.
يعني هذا استثمارات كبيرة في الشبكات للتعامل مع أنواع الطاقة المتجددة المختلفة، وكذلك زيادة الأموال المخصصة للطاقة الخضراء.
اعتماد شديد على الفحم
تعتمد ثالث أكبر دولة مصدرة للغازات المسببة للاحتباس الحراري حالياً على الفحم في إنتاج نحو 70% من احتياجاتها من الكهرباء، ويدعم الوقود الأحفوري نفسه مجموعة من الصناعات الثقيلة، مثل الصلب والإسمنت والألمنيوم. وذلك برغم توسعها السريع في الطاقة المتجددة، مع تسجيل رقم قياسي بلغ 16 غيغاواطاً من الطاقة الشمسية المثبّتة في 2022.
يتطلب الأمر تمويلاً ضخماً لتغيير هذه الديناميكية، وفي الوقت نفسه مواكبة الطلب المتزايد. تشير بيانات "بلومبرغ إن إي إف" إلى أن تحقيق هدف الإنفاق لعام 2050 بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية يعني استثمار 438 مليار دولار سنوياً حتى الموعد النهائي، وهي قفزة هائلة لدولة لم تستثمر سوى 17 مليار دولار في تقنيات تحول الطاقة العام الماضي.
ويجب أن تصل الاستثمارات التراكمية لزيادة قدرة توليد الطاقة وحدها إلى 2.8 تريليون دولار بحلول 2050، 2.7 تريليون دولار منها ستكون منخفضة الكربون، وهو يعني متوسط أكثر من 90 مليار دولار سنوياً.
قال شانتانو جيسوال، رئيس أبحاث الهند في "بلومبرغ إن إي إف": "بناء كل البنية التحتية اللازمة سيتطلب استثمارات على نطاق وسرعة غير مسبوقين، وهو ما قد لا تتمكن البنوك الهندية وحدها من تلبيته".
وتشير البيانات إلى أن رأس المال العالمي حذر، فلم تستثمر ثمانية من أكبر عشرة صناديق معاشات تقاعدية وصناديق ثروة سيادية على مستوى العالم بعد في قطاع الطاقة المتجددة في الهند، وفقاً لــ"بلومبرغ إن إي إف"، في حين تواجه صناديق معاشات التقاعد والتأمين على الحياة في الهند قيوداً على ذلك.
سيناريو طموح
أثارت الهند مسألة رأس المال العالمي مراراً وتكراراً، ولكنها تعرقلت بسبب عدم الكفاءة في سوق الطاقة لديها، وفي الآونة الأخيرة تعرقلت أكثر بسبب التأثير غير المباشر لقانون خفض التضخم الأميركي والتحركات الأوروبية لجذب المستثمرين في مجال الطاقة النظيفة.
قال جيسوال: "تحتاج الهند إلى تحديد مسارات لإزالة الكربون خاصة بقطاعات محددة، وتطوير سياسات تمكينية للاستفادة من جميع مصادر التمويلين العالمي والمحلي".
ووفق سيناريو "بلومبرغ إن إي إف" الطموح لعام 2050، ستبلغ الانبعاثات المرتبطة بالطاقة في الهند ذروتها في 2024. وستصل انبعاثات قطاع النقل إلى ذروتها في 2028 مع الانتشار السريع للسيارات الكهربائية، في حين من المتوقع أن تصل الانبعاثات الصناعية إلى الحد الأقصى في 2031 يليه انخفاض حاد. تقول "بلومبرغ إن إي إف" إن التكنولوجيا ستلعب دوراً، سواء كان باستخدام الهيدروجين الأخضر في إنتاج الصلب أو احتجاز الكربون، إذ يمكنه وحده تقليل 56% من الانبعاثات الناتجة عن صناعة الإسمنت.
البنية التحتية
بالنسبة للنقل البريح سيتطلب التحول للعمل بالكهرباء بنية تحتية للشحن، وطاقة نظيفة، وبأسعار معقولة لتلبية الطلب المتزايد. وبموجب سيناريو "بلومبرغ إن إي إف" لصافي الانبعاثات الصفري؛ فإن الهند يمكن أن تنهي واردات الوقود الأحفوري بحلول 2050، وهو ما يكاد يحقق هدف رئيس الوزراء ناريندرا مودي المتمثل في الاعتماد على الذات في الطاقة بحلول 2047، الذي يصادف مرور قرن على الاستقلال.
وفي ظل سيناريو أقل طموحاً، وهو تقييم أساسي لكيفية تطور قطاع الطاقة نتيجة التغيرات التكنولوجية المدفوعة بالتكلفة وليس السياس؛ فإنَّ مزيج الطاقة في الهند ما يزال يتحسن، برغم أن الإنفاق أكثر تواضعاً عند 262 مليار دولار سنوياً في المتوسط. وفي هذا السيناريو، بدلاً من الوصول إلى الصافي الصفري بحلول 2050، ترتفع الانبعاثات المرتبطة بالطاقة في الهند بأكثر من الخمس عن مستويات 2021، مع عدم وصول قطاع الطاقة، المساهم الرئيسي في الانبعاثات الضارة، إلى ذروته قبل 2036.
تهدف الهند، الدولة الوحيدة في الشريحة الدنيا من أصحاب الدخل المتوسط بين أكبر الدول المسببة للانبعاثات، إلى خفض كثافة الانبعاثات في ناتجها المحلي الإجمالي 45% عن مستويات 2005 بحلول 2030، وتشغيل نصف قدرتها على توليد الطاقة بمصادر نظيفة -الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والكهرومائية–بحلول نهاية هذا العقد.