أعلنت الإمارات العربية المتحدة التزامها بالقضاء على انبعاث غازات الاحتباس الحراري داخل حدودها بحلول 2050، لتصبح أول دولة خليجية منتجة للنفط تحدد هدفاً للحياد المناخي.
قالت دائرة الطاقة في أبوظبي في بيان: "ستتيح لنا مبادرة الإمارات للحياد المناخي المزيد من الدقة وتعزز من جهودنا في تسريع تحول الطاقة".
قال رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في وقت سابق، إن الإمارات ستستثمر حوالي 165 مليار دولار في الطاقة النظيفة حتى 2050.
يضع الهدف الجديد الإمارات على اتساق مع أغلب الاقتصادات الرئيسية، حيث يقول العلماء إن تحديد تاريخ نهائي يعطي العالم فرصة لتجنب أسوأ تأثيرات الاحتباس الحراري، هذا الالتزام هو الأحدث من دولة قبيل محادثات المناخ التي ستبدأ في وقت لاحق هذا الشهر الجاري في جلاسكو الاسكتلندية برعاية الأمم المتحدة وتسمى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021 (COP26).
سيكون لهذا الرهان أصداء جيدة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا الذين حضوا منتجي الوقود الأحفوري على تسريع خطط خفض انبعاثاتهم.
تعتمد الإمارات بشدة على تصدير النفط والغاز، اللذان يشكلان نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، رغم عقود من الجهود لتنويع الاقتصاد. تتقدم الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، على أمثال أستراليا والولايات المتحدة بأحد أعلى معدلات الانبعاثات في العالم للفرد.
علامة على العصر
قال جيم كرين، مؤلف كتاب "ممالك الطاقة.. النفط والبقاء السياسي في الخليج"، وزميل في جامعة رايس في هيوستن، إن هذه "خطوة طموحة للغاية.. أن تعلن إحدى أكثر الاقتصادات التي يهيمن عليها النفط في العالم عن هدف صافي الصفر، هو حقاً علامة على العصر. سيكسبها هذا الكثير من التأثير".
لا تخطط الحكومة للابتعاد عن الوقود الأحفوري في أي وقت قريب، إذ تعتزم شركة بترول أبوظبي الوطنية العملاقة زيادة قدرتها الإنتاجية من النفط خلال 10 أعوام إلى 5 ملايين برميل يومياً مقارنة مع أزيد بقليل على 4 ملايين حالياً.
يمكن أن يظل هذا التوسع متوافقاً مع هدف صافي الصفر على النحو المحدد في قواعد الأمم المتحدة، والتي لا تأخذ في الاعتبار سوى الانبعاثات المتولدة داخل حدود الدولة. ستكون الإمارات مسؤولة فقط عن تنفيذ تدابير لخفض الانبعاثات الناتجة عن استخراج ومعالجة الوقود المُصدَّر للخارج.
قالت كارين يونغ، وهي زميل أول لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة: "الرسالة هي: النفط والغاز جزء من مستقبلنا، لكننا سنوفر منتجاً أنظف"، والإمارات "تريد أن ترى نفسها مختلفة وذات نظرة مستقبلية داخل المنطقة".
أوبك أكثر تفاؤلاً
فيما ترسم خارطة للوصول إلى مشهد عالم بلا انبعاثات، ما تزال وكالة الطاقة الدولية ترى أن الكوكب سيستهلك زهاء 24 مليون برميل من النفط يومياً بحلول 2050 مقارنة مع حوالي 100 مليون راهناً. تكمن الفكرة في أنه بحلول ذلك الوقت ستتوازن أي انبعاثات متبقية عبر احتجاز ودفن ثاني أكسيد الكربون أو زراعة الأشجار.
تعاون أمريكي إماراتي لإزالة الكربون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
الإمارات العربية المتحدة عضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، التي لديها نظرة أكثر تفاؤلاً لمستقبل النفط، حيث تعتقد المنظمة أن الطلب على الوقود الأحفوري لن يصل لذروته إلا في أربعينيات القرن الجاري، وفقا لسيناريو الأعمال المعتادة، بينما توقعت شركات النفط الدولية مثل "بريتيش بتروليوم" و"توتال إنرجيز" أن الاستهلاك قد بلغ ذروته بالفعل أو أنه سيبلغها خلال عشر سنوات.
وقال راندولف بيل، كبير المديرين لدى "أتلانتيك كاونسيل" (Atlantic Council): "إن هدف صافي الصفر للاقتصاد بأكمله هو خطوة كبيرة إلى الأمام... ستضغط بشكل إضافي لتقوم السعودية بذلك".
خطوات فعلية
اتخذت الإمارات بالفعل خطوات لتعزيز مؤهلاتها الخضراء. أبوظبي هي موطن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ويستثمر صندوقها السيادي "مبادلة" البالغة قيمته 240 مليار دولار بقوة في ذراع الطاقة المتجددة "مصدر". بدأت "أدنوك" تختبر شحنات الهيدروجين الأزرق الذي يُرى كوقود حاسم في تحول الطاقة.
يمكن أن يدعم القرار محاولة الإمارات لاستضافة مؤتمر المناخ المقبل (COP28). الدولة الأخرى الوحيدة المتنافسة على استضافة محادثات المناخ لعام 2023 هي كوريا الجنوبية، التي سبق أن أعلنت هدف صافي صفر. مع ذلك تبقى هذه خطوة رمزية إلى حد كبير إلى أن يعلن صانعو السياسات عن إجراء قصير الأجل يوضح كيف يمكن تحقيق هدف الإمارات لحياد الكربون.
قال بن كاهيل، وهو زميل أول لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "تجاهلت دول الخليج نوعاً ما المخاوف المناخية لسنوات وتظاهرت بأنها لم تكن واقعية أو أنها غير مطلوبة قبل عقود... لكن كان هناك تغيير بيّن في المقاربة، وهدف الإمارات لصافي انبعاثات صفرية هو رمز كبير له".