لأكثر من عقد من الزمان، وفَّرت شركة "زوماتو" (Zomato) المملوكة لـ"ديبندرجويال" أشهى الأطعمة من "كريب دوسا" الحار، وحتى الخبز الطري "باف باجي" مع الخضار بالكاري، إلى الملايين في جميع أنحاء الهند.
حالياً، سيتذوق المستثمرون طعم عملاق توصيل الطعام سريع النمو. ارتفعت أسهم الشركة الناشئة بأكثر من 80% في أول ظهور لها يوم الجمعة، بعد اكتتاب عام أولي بقيمة 1.3 مليار دولار.
"اليونيكورن"
تعد "زوماتو" من الجيل الأول لشركات الإنترنت الناشئة التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار (اليونيكورن)، التي تستفيد من أسواق رأس المال في الهند، وقد ولّدت حالة من الجنون نادراً ما تُرى في أوساط مجتمع الاستثمار المحلي.
تفاخر المستثمرون على "تويتر" بشراء أسهم الشركة الناشئة، متشوقين إلى نوع العوائد التي حققتها شركة "فيسبوك" وشركة "علي بابا هولدينغز".
يعدّ هذا الاكتتاب العام الأولي الأكبر في الهند منذ مارس 2020، وحصل على عروض شراء من المستثمرين الرئيسيين بنحو 35 ضعفاً عن الأسهم التي تعتزم بيعها.
حضور قوي لشركات توصيل الطعام
يأتي إدراج "زوماتو" في أعقاب ظهور قوي لأول مرة في مجال توصيل الطعام، بما في ذلك شركة "داش دور" و"ميتوان" الصينية.
إنه تتويج لرحلة استمرت 13 عاماً للشريك المؤسس جويال، البالغ 38 عاماً. بدأ هو وبانكاج تشادا، الذي غادر منذ ذلك الحين، "زوماتو" كخدمة توصيل في عام 2008 لزملائهم في "باين آندكو".
في الأسبوع الماضي، غرد جويال عن الضغط النفسي لتناول الطعام، وثبت رمزاً تعبيرياً على حسابه على "تويتر".
يمكن أن يُسامَح على الهجوم العصبي.
سيكون أداء "زوماتو" في اليوم الأول بمثابة مقياس للمشهد التكنولوجي الناشئ في الهند للشركات الناشئة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار وغير المربحة، ونتج عنه مجموعة من العمالقة الصاعدين مثل "باي تي إم" المدعومة من شركة "آنت غروب"، و"فليبكارت أونلاين سيرفسز" التابعة لشركة "ولمارت".
فقاعة الهند
يأتي ظهور "زوماتو" الأول مدعوماً أيضاً من شركة "أنت" العائدة إلى الملياردير الصيني جاك ما، وسط مخاوف المستثمرين من أن أسواق الهند هي فقاعة تنتظر الانفجار، وأن التقييمات قد تجاوزت الأساسيات.
ما يخفف من التفاؤل بشأن الهند هو واحدة من أسوأ حالات تفشي فيروس كورونا في العالم، والتي تهدد بتقويض عقود من المكاسب الاقتصادية.
يتعين على المستثمرين أيضاً التعامل مع المخاطر السياسية، إذ تضيق حكومة ناريندرا مودي الخناق على تجار التجزئة الأجانب وعمالقة وسائل التواصل الاجتماعي وشركات البث المباشر.
لحظة البيتزا
بالنسبة إلى الآخرين، فإن الإمكانات تفوق الجوانب السلبية. مع وصول نحو نصف سكان الهند البالغ عددهم 1.3 مليار شخص إلى الإنترنت عبر الهواتف الذكية، فإن الرهان على "زوماتو" يمثل التفاؤل بأن الشركات الناشئة في الهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن تسلك طريق الولايات المتحدة أو الصين، خصوصاً أن البنية التحتية للإنترنت في الهند لا تزال ناشئة، وأن المستهلكين قد اعتادوا الشراء عبر الإنترنت.
في مقابلة سابقة قال جويال، الذي مُنع من التعليق في الفترة التي سبقت الإدراج: "هذه هي الطريقة التي من المفترض أن يُعمل بها، تسعة من كل عشرة سيفشلون. لكن من يزدهر سيحقق نجاحاً باهراً".
في محادثات سابقة، روى جويال كيف خطرت له فكرة الخدمة عبر الإنترنت لأول مرة عندما كان طالباً في قسم الرياضيات وعلوم الكمبيوتر في المعهد الهندي للتكنولوجيا، ويشعر بالإحباط بشكل خاص من طلب بيتزا.
تعززت عزيمته بعد تخرجه وانضم إلى "باين"، حيث رأى زملاءه في كافتيريا الشركة يتخلصون من القائمة المحدودة للوجبات، ويتحدثون بشوق عن الطعام في المطاعم القريبة.
بدأ جويال وشادا بتحميل قوائم وجبات المقاهي والمطاعم في الأحياء على شبكة الإنترانت الخاصة بالشركة، مع أرقام الهواتف.
لقد كان ذلك نجاحاً كبيراً مع زملاء العمل، إذ قادوا مغامرة في عطلة نهاية الأسبوع أطلقوا عليها اسم "foodiebay.com". وبعد أن حصلت زوجته على وظيفة تدريس في جامعة دلهي، استقال جويال لمتابعة ريادة الأعمال بدوام كامل، متجاهلاً اندلاع الأزمة المالية العالمية.
في الهند قبل عقد من الزمان، كانت ريادة الأعمال موضع استياء، ولم يخبر جويال والديه -وكلاهما مدرس- إلا بعد ذلك بكثير.
في العام الأول، بدأت الشركة بإدراج آلاف المطاعم في أكبر ست مدن في الهند. ثم جاء بريد إلكتروني من رجل الأعمال الذي تحول إلى مستثمر، سانجيف بيخشانداني، والذي استثمر مليون دولار من خلال شركة "إنفو إيدج إنديا" (Info Edge India).
توسع سريع
أعيدت تسمية "فودي باي" بـ"زوماتو" ليتناغم الاسم مع كلمة "طماطم". أراد المؤسس أيضاً تجنب أصداء شركة "إيباي"، وأصبح استثمار بيخشانداني حالياً يمتلك ما يقرب من 19%، ما قد يعني عائداً يزيد على مليار دولار، على الأقل على الورق.
شرعت شركة "زوماتو" التي يقع مقرها في جورجاون، وهي بالفعل واحدة من أسرع الشركات الناشئة الهندية نمواً في أيامها الأولى، في التوسع الدولي والدخول في حجوزات موائد المطاعم، وخدمة التوصيل إلى المنازل، ودليل المطاعم والحياة الليلية في 100 مدينة في 19 دولة، بما في ذلك تركيا والبرازيل ونيوزيلندا وإندونيسيا.
قدم المؤسس نموذج الدفع بلمسة واحدة، إذ تُخصم الأموال تلقائياً من بطاقة ائتمان المستخدم بعد تناول الطعام ومغادرة المطعم، واختبر نظام الدفع عبر الهاتف المحمول في الشرق الأوسط.
استثمرت "سيكويا كابيتال" في الشركة عام 2013 بعد أن تشارك جويال والشركة الاستثمارية فنجان قهوة في الساعة 7 صباحاً.
في ذلك الوقت تقريباً، ظهرت الشركة المنافسة "سويغي" (Swiggy) على الساحة، وازدهرت لتصبح منافساً قوياً يتمتع بدعم قوي مماثل.
بدأ المستثمرون على مستوى العالم أيضاً في إعادة تقييم الأساس المنطقي للشركات الناشئة التي تستنزف النقد في قطاعات معينة، ما أدى إلى انهيار عديد من اللاعبين الناشئين في ساحة "زوماتو".
الخسائر لا تزال حاضرة
في عام 2016، بدأت "زوماتو" تسريح مئات الموظفين وسحب العمليات من أكثر من اثنتي عشرة دولة. وانخفض تقييمها البالغ مليار دولار إلى النصف من قِبل المحللين في "إتش إس بي سي للأوراق المالية وأسواق رأس المال" (الهند).
قال جويال لـ"بلومبرغ نيوز" حينها: "أهدرت بعض الشركات الأموال على نماذج غير مربحة للغاية"، قائلاً إن تركيزه كان على نقل "زوماتو" إلى المنطقة السوداء.
لا تزال "زوماتو" في المنطقة الحمراء، بلغت خسائرها 6.82 مليار روبية (91.7 مليون دولار) للأشهر التسعة حتى ديسمبر 2020، وفقاً لنشرة الاكتتاب العام الأولي.
ولمواكبة "سويغي"، تواصل "زوماتو" التوسع واستحوذت على عمليات "أوبر إيتس" في الهند مقابل 350 مليون دولار.
قال رواد الأعمال والمسؤولون التنفيذيون في الصناعة، من أميت أغاروال رئيس "أمازون الهند" إلى مؤسس "باي تي إم" فيجاي شيكار شارما، على "تويتر" إنهم سيشجعون جويال خلال يوم الإدراج.
قال بيخشانداني، المستثمر الأول، في رسالة نصية: "لكي تنجح، يجب أن يكون رائد الأعمال ذائع الصيت ولديه مئة نقطة قوة. وهذا ما لدى ديبندر".